- د. رائد موسى
قبل مناقشة موضوع الاعتراف بإسرائيل او التهديد بسحبه علينا معرفة شكل الاعتراف بإسرائيل والذي هدد الرئيس في خطابه بتغيير الشكل لا بالتراجع عن الاعتراف حيث قال: "فلماذا يبقى الاعترافُ بإسرائيل قائماً على أساسِ حدودِ العامِ 1967" .
صيغة الاعتراف في أوسلو جاءت كالتالي: "تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بحق دولة إسرائيل في ان توجد بسلام وامان" . وهنا علينا العودة لتفسير الاعتراف بإسرائيل حسب أوسلو . اوسلو حسب ما هو وارد فيها انها اتفاق يهدف الى تنفيذ القرار 242 ، والذي ينص على انهاء احتلال اراضي العام 1967 مع ضمان حق كل دولة بان تعيش "بسلام وامان ضمن حدود آمنة ومعترف بها، حرة من التهديد بالقوة أو استعمالها". بالإضافة لحل عادل لقضية اللاجئين .
لذلك لا جديد قدمناه بصيغة الاعتراف بإسرائيل في اوسلو عن اعلاننا للاستقلال عام 1988 الذي تلى قبلونا بالقرار 242 ، والذي يعني استقلالنا على دولة بحدود ال67 ، فنحن الفلسطينيين أقررنا القبول بوجود اسرائيل على حدود ال67 ولكن اسرائيل كدولة لكل سكانها بحقوق متساوية دون حرمان أي لاجئ فلسطيني من العودة اليها وممارسة حقوقه السياسية والانسانية داخلها .
في صيغة الاعتراف حاول المفاوض الفلسطيني أبوعلاء قريع اضافة عبارة "داخل حدود آمنة ومعروفة" وهنا كان رد المفاوض الاسرائيلي بان الاعتراف سيدخل حيز التنفيذ الفعلي عندما يتم تنفيذ القرار 242 ، كما تم الاتفاق على تنفيذه في أوسلو .
بمعنى آخر انه وقتها ستتحدد حدود دولة اسرائيل بعد تنفيذ الانسحاب والاتفاق النهائي على الحدود . اما قضية الحق بالعيش بالأمن وسلام، فمن البديهي أيضاً انه لا يستطيع أحد انكار حق أحد بالعيش بأمن وسلام ، فحتى اللصوص والمجرمــ..ـين يحق لهم العيش بأمن وسلام ولكن داخل السجون بعد تنفيذ العدالة بحقهم .
لذلك الأمن والسلام تمثل نتيجة تنتج عن نزع عوامل الصراع ، ولا يمكن بل يستحيل ان يتمكن احد بان يمنح الامن والسلام في ظل استمرار الظلم والاجرام وانتهاك الحقوق ، لذلك نعم نعترف بحق اسرائيل بالعيش بأمن وسلام ولكن كنتيجة طبيعية لإنهائها لاحتلال ارض ال67 كما تم الاتفاق ولإنهائها لجريمة التمييز العنصري وحرمان الفلسطيني من العودة لوطنه واسترداده لأملاكه ونيله لكافة حقوقه.
وعلى ذلك الرئيس في خطابه طرح امكانية تغيير في شكل الاعتراف بما يخص الحدود فقط مع تمسكه بحل الدولتين وحق العودة ، وان تم اقرار هذا التغيير فهنا يكون الغاء كامل لأوسلو والبديل هو طرح خيار الدولتين حسب قرار التقسيم لا حسب القرار 242 ، وهنا الرئيس لا يتجاوز الشرعية الدولية انما يتجاوز اوسلو ويعيد القضية للمجتمع الدولي الذي انشأ اسرائيل على اساس قرار التقسيم واشتراط تنفيذ حق العودة .
وتطرق في خطابه لإمكانية التحول الى مشروع الدولة الواحدة كنتيجة حتمية لممارسات الاحتلال الاسرائيل وليس كخيار سياسي فلسطيني مطروح ، فأصول العمل السياسي تتطلب الثبات على مشروع واضح ومحدد كي ينال الدعم الدولي بلا حيرة أو تردد بذريعة اننا لا نعرف ماذا نريد ، فهنا الرئيس واضح وثابت بانه يريد حرية واستقلال دولة فلسطين على اساس حل الدولتين ، ويحذر من ان تدمير اسرائيل لفرص استقلال الدولة الفلسطينية سيؤدي بشكل حتمي للدولة الواحدة ولكنها مع هكذا احتلال ستكون دولة تمييز عنصري سيناضل سكانها الاصليين لنيل حقوق متساوية .
وهنا ان كنا نريد الغاء الاعتراف بشكل كلي بإسرائيل ، فعلينا تقديم بديل لمشروعنا السياسي بمعنى اننا اذا قررنا رفض وجود دولة اسرائيل فهذا يعني ان مشروعنا هو تحرير كامل فلسطين التاريخية ، واعادة اللاجئين بقوة التحرير . وهذا الطرح لا يمكن ان يمثل طرح سياسي يؤخذ على محمل الجد او ينال دعم من احد بدون وجود ادنى مقومات سياسية وعسكرية قابلة لأدنى امكانية لتحقيقه .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت