صحيفة: السلطات السودانية تبدأ بإعادة تدقيق ملفات “الأصول" المصادرة

ذكرت مصادر فلسطينية مطلعة، بأن السلطات السودانية بدأت بإعادة تدقيق الملفات المتعلقة بقضية ما عرفت بـ “أصول حماس” التي أعلن عن مصادرتها مؤخرًا ضمن عملية واسعة استمرت لأشهر، وتبين لاحقًا أنها شملت عمليات اعتقال بحق فلسطينيين متواجدين في البلاد وأفرج عن معظمهم لاحقًا.

وقالت المصادر لصحيفة “القدس” الفلسطينية، إن التحقيقات التي لا زالت متواصلة في القضية أظهرت أن هناك العديد من الاستثمارات والعقارات والأموال المصادرة تعود لأشخاص لا علاقة لحماس بهم، كما أنها تراجعت عن منح بعض ممن أفرج عنهم من المعتقلين مهلة لمغادرة البلاد، وسمحت لهم بإبقائهم ضمن قيود تتعلق بتجارتهم ومنع تحويل أي أموال أو أي بضائع لمناطق معينة منها قطاع غزة.

وبحسب المصادر، فإن الجهات السودانية لا زالت تتحفظ على الممتلكات المصادرة ولم تعيدها حتى الآن لمن ثبت عدم علاقتهم بحماس، مشيرةً إلى أنه سيتم السماح بإعادتها لهم بعد انتهاء التحقيقات بشكل كامل، في حين سيتم التحفظ على جميع الممتلكات التي ثبت أن بعض أصحابها كانوا على علاقة مع شخصيات من حماس.

وأشارت المصادر، إلى أن هناك قيود من قبل الجهات المختصة في السودان على حركة الفلسطينيين خاصةً ممن هم من سكان قطاع غزة، مشيرةً إلى أن تلك القيود مرتبطة بالأساس بالعملية التي جرت لمصادرة “الأصول” ويتوقع أن تنتهي مع انتهاء مسار التحقيقات بشكل كامل.

ووفقًا للمصادر، فإن السلطات السودانية حتى اللحظة لم تستجيب للمطالبات التي صدرت عن مسؤولين بالسلطة الفلسطينية، لتسليم تلك الأموال إليها، مشيرةً إلى أن الخرطوم تريد أن تأخذ التحقيقات مجراها وحين الانتهاء منها سيتم اتخاذ الخطوات القانونية اللازمة بشأن تلك الأموال.

وكانت مصادر أخرى كشفت لـ “القدس” في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، تفاصيل العملية التي نفذتها أجهزة الأمن السودانية والتي طالت ممتلكات وعقارات وأموال وصلت قيمتها إلى نحو 1.5 مليار دولار.

وبحسب المصادر حينها، فإن العملية استمرت نحو 7 أشهر، وتدرجت في مستوياتها حتى شملت اعتقال رجال أعمال وأكاديميين وطلبة فلسطينيين غالبيتهم من قطاع غزة، وآخرين وصلوا السودان بعد أن هاجروا من عدة بلدان مثل سوريا ولبنان وغيرها.

وبينت المصادر حينها، أن تلك العملية التي نفذت من قبل جهات أمنية سودانية بشكل خاص في العاصمة الخرطوم ومحيطها، طالت عددًا كبيرًا من الفلسطينيين الذين تعتقد تلك الجهات أنهم من حركة حماس، مشيرةً إلى أن بعض ممن اعتقلوا هم من المحسوبين على الحركة لكن لا يوجد أي نشاط فعلي لهم، وكانوا متواجدين بصفة طلبة أو أكاديميين.

ويتخذ المئات من الفلسطينيين سنويًا وخاصةً من سكان قطاع غزة، السودان كمحطة مهمة للحصول على درجات علمية مختلفة منها الدكتوراه خاصةً في دراسة الطب والعلوم الشرعية والدينية.

ولفتت المصادر في حديثها لـ “القدس”، إلى أن ما تمت مصادرته من عقارات وأموال تخص بعض رجال الأعمال والأكاديميين وهي أملاك شخصية وتجارية تخص الأشخاص ذوي العلاقة، وليس للحركة علاقة بها، مشيرةً في الوقت ذاته إلى أنه تم مصادرة بعض الشقق السكنية التي كانت تقدم خدمات للعديد من الطلبة بدعم جزئي من الحركة، إلى جانب شقق كانت بمثابة مكاتب للحركة سابقًا أثناء وجود ممثل رسمي لها في السودان.

وأشارت إلى أن الاعتقالات كانت في ذروتها قبل نحو شهرين وطالت حوالي 45 شخصًا تم الإفراج عن معظمهم، مبينةً أن السلطات السودانية طلبت من بعض من تم اعتقالهم مغادرة أراضيها والعودة إلى غزة، أو التوجه لأي مكان آخر، فيما تم لاحقًا السماح لبعضهم بالبقاء شرط الالتزام ببعض التعليمات التي وجهت إليهم ومنها عدم الاتصال بأي شخصيات من حماس، وعدم استلام أو إرسال أموال من وإلى مناطق محددة، والاكتفاء فقط بالاهتمام بدراستهم وأعمالهم المحدودة.

وقالت المصادر، إن رجال الأعمال الذين تمت مصادرة أموالهم، ليس لهم علاقة بحماس، غير أن بعضهم كان يتبرع بأموال لصالح الأيتام من أبناء الشهداء، ودعم ملفات تتعلق بالجرحى والأسرى والعائلات الفقيرة في غزة، ولم تكن تلك الأموال مخصصة لحماس أو لجناحها العسكري، كما اتهمتهم بذلك الأجهزة الأمنية السودانية.

وكانت وسائل إعلام دولية نقلت عن مصادر سودانية أن الحكومة الحالية الانتقالية في الخرطوم، جمدت حسابات مالية لمؤسسات وأشخاص، وصادرت أصولًا لحركة حماس، شكلت موردًا مهمًا لنشاطاتها، مشيرةً إلى أنها تضمنت فنادق وعقارات وشركات متعددة الأغراض وأراضٍ وشركات صرافة.

وتأتي هذه الإجراءات من طرف السلطات السودانية عقب اتفاق مع الإدارة الأمريكية السابقة بزعامة دونالد ترامب، من أجل شطب السودان عن قائمة الإرهاب، وهو قرار وقع في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين أول من العام الماضي، مقابل انضمام الخرطوم لاتفاقيات التطبيع “أبراهام”، وخصم أموال الديون عليها.

وحافظت حماس على علاقات جيدة مع السودان بعد سيطرة الرئيس المخلوع عمر البشير على البلاد عام 1989، حيث بدأت العلاقات الحقيقية بين الجانبين مع منتصف عام 1996، وبدأت تزداد قوة مع مرور الأعوام خاصةً بعد سيطرة الحركة على قطاع غزة، وزيارة وفود منها إلى الخرطوم وعلى رأسهم رئيس مكتب السياسي آنذاك خالد مشعل، حيث حاولت السودان التوسط في ملف المصالحة، حالها حال الدول العربية الأخرى.

وقطع النظام السوداني السابق علاقاته مع إيران وحزب الله عام 2016، رغم أن بعض القيادات من الجانبين زارا البلاد سرًا والتقوا بعدد من المسؤولين فيها، إلا أن العلاقات مع حماس بقيت مستمرة حتى بدأت بالتراجع في الفترة التي سبقت انهيار نظام البشير.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القاهرة