بقلم : فاضل المناصفة
شهدت مدن الضفة في الآونة الأخيرة موجة من التوترات والفعاليات المناهضة للاستيطان كانت أخرها ما حصل من اشتباكات الجمعة الماضية، طالب فيها أبناء الوطن الواحد على اختلاف توجهاتهم، بتسليم جثامين شهداء محتجزة لدى الاحتلال وأصيب عشرات الفلسطينيين في أنحاء متفرقة بالضفة بجروح متفاوتة منها التي تستعدي التدخل الجراحي.
يصف بعض المتابعين لما يجري على الأرض، على انه محاولة جادة لتحويل مدن الضفة وبلداتها إلى ساحة اشتباك دائم وفعّال. بهدف توحيد جبهة المقاومة، واستثمار نتائجه في المفاوضات الجارية بشأن قطاع غزة، الا ان هذه المقاربة قد تأتي بنتائج عكسية وقد تصب في مصلحة الاحتلال الذي يريد الاستثمار في هاته الاحتجاجات لزعزعة جهود التهدئة وإعادة فتح الجبهة العسكرية مجددا، خاصة وان الاحتلال يشعر بأنه قد دخل المفاوضات في موقف ضعف وقد اضطر الى تقديم تنازلات على مضض، وبما أن حكومة بينيت لاترغب في تحمل مسؤولية فشل حكومة نتنياهو في الملف الأمني واستدرجها الى الهدنة للتغطية عن هذا الفشل، فانها لا تريد ان يحسب عليها أنها حكومة قد قدمت تنازلات، وبالتالي فان الاحتلال قد يستغل ما تقدمة الاحتجاجات من أجل جر القطاع الى سلسلة من المواجهات الجديدة، و استغلال قصور ونقاط ضعف المقاومة الأخطاء لكسب الجولة الجديدة من المواجهات ومن ثم تعزيز موقفها التفاوضي وقلب الطاولة في صالح حكومة بينيت.
ان الفكرة التي ترتكز على أن الهدوء المستديم سيسلب المقاومة القدرة على تحسين موقفها التفاوضي، خطأ جسيم ومخاطرة بمكتسبات العملية العسكرية الأخيرة، في وقت حساس تحتاج الجبهة الداخلية فيه الى استراحة محارب، لترتيب الأوضاع الداخلية والتعامل مع الأوضاع الإنسانية والاجتماعية وملف الانتخابات بالسرعة القصوى، كما تحتاج فيه غزة الى الشقيقة مصر لمباشرة عمليات الاعمار ودخول المساعدات القطرية خاصة وان التقارب المصري القطري سيسهل الأمر وسيعطي إمكانية إيجاد حل أخر لطريقة دخول الأموال الى غزة، لاننسى أيضا أن العامل النفسي لسكان القطاع لايسمح بفتح مواجهة عسكرية في الوقت الحالي من دون تأييد شعبي فإصلاح الأحوال الاقتصادية والبنية التحتية المتضررة أولى من أية مخاطرة غير محسوبة العواقب وعير قادرة على التكهن بالنتيجة سلفا، حصوصا وان الاحتلال سيرمي بثقله كاملا من أجل قلب المعادلة والدخول في مفاوضات بشروط في صالحه لا بتنازلات مثل ما يحدث الان .
لقد نجحت جولة الحوار الأخيرة في القاهرة في احراز تقدم كبير بملفات عديدة أبرزها ملف تبادل الاسرى، وأعطت بريقا من الامل في توحيد الصف الفلسطيني، لكن التحركات الأخيرة في الضفة والتصعيد الذي تقف من وراءه حماس من خلال خلاياها في الضفة من أجل تعزيز حالة الاشتباك مع العدو وإدامته، قد ينسف التقارب مع السلطة الفلسطينية التي لا تريد انفلاتا أمنيا على حساب ملفات مهمة لا تحتمل التأجيل كملف الانتخابات، وكسب التأييد الدولي من أجل انسحاب إسرائيل من أراضي 67 بمهلة سنة واحدة.
ينبغي علينا ان لا نعطي للاحتلال الفرصة في خلط الأوراق والغاء مخرجات ونتائج المفاوضات الأخيرة، اذ ان أي خطوة تصعيدية تعتبر هدية للاحتلال للدخول في عملية عسكرية من اجل قلب المعادلة في صالحه، وتسويقها للمجتمع على أساس أنها شرعية الدفاع عن النفس والرد على أي خطر يهدد إسرائيل، يجب علينا أن نتحلى بالرزانة وضبط النفس لتجنيب القطاع أي تأخر أخر في عملية الاعمار وأي خسائر مادية كانت أو بشرية من دون تحقيق مكاسب على أرض الواقع
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت