اليوم العالمي للتوعية بأمواج تسونامي

بقلم: رقية العلمي

رقية العلمي: ناشطة في حقوق الإنسان عضو لجنة صياغة اتفاقية حقوق الطفل المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان فيينا 1993
  • متابعة رقية العلمي

5 نوفمبر

" التعاون الدولي للإنذار بأمواج تسونامي والتخفيف من حدتها في بلدان جزر المحيط الهادي "
في ديسمر 2015، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 5 نوفمبر ليكون اليوم العالمي للتوعية بأمواج تسونامي، ودعت البلدان والهيئات الدولية والمجتمع المدني لإذكاء الوعي حول أمواج تسونامي
وتسهل فعاليات اليوم " منظمة الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث " مقرها جنيف وهي منظمة تقوم على تنفيذ برنامج نظامي لتحديد وتقييم مخاطر الكوارث بهدف تقليل الأذى الذي تتعرض له البيئة .
الإنذار الأول
تم اختيار الاحتفال السنوي تكريماً للقصة اليابانية " Inamure-no-hi " التي تعني " حرق حزم الأرز"، فلما تعرف زعيم إحدى القرى اليابانية على علامات تشير إلى دنو موجة تسونامي، أستنبط نظاماً للإنذار المبكر عندما أضرم  النار في حزم محصوله من الأرز، وبذلك أنقذ حياة العديد من القرويين الذين رأوا الدخان فركضوا إلى أعلى الهضبة للمساعدة في إخماد النيران. وبعد ذلك قام ببناء جسر وزرع الأشجار لتكون بمثابة منطقة عازلة ضد وقوع الموجات في المستقبل.
تتألف كلمة تسونامي من الكلمات اليابانية " تسو " أي " الميناء" و " نامي " بمعنى موجة؛ وأمواج التسونامي هي عبارة عن سلسلة من أمواج البحر السريعة والقوية في البحار والمحيطات تنتج عن الزلازل والانهيارات الأرضية والثورات البركانية، ويكثر حدوثها في منطقة المحيط الهادي حيث يوجد أكثر من نصف براكين العالم.
هذا اليوم من بنات أفكار اليابان التي اكتسبت على مر السنين خبرة كبيرة بسبب تجربتها المتكررة والمريرة من أمواج تسونامي المدمرة، لإتخاذ التدابير للتصدي للأمواج ومخاطرها، مثل الإنذار المبكر من وقوع تسونامي، العمل العام وإعادة البناء بعد وقوع الكوارث، بما يضمن الحد من الآثار المستقبلية السلبية لتداعياتها.
أهداف وحقائق
هو يوم للتعريف وتبادل الخبرات والأساليب المبتكرة للحد من مخاطره يأتي هذا ضمن إطار تكثيف الأبحاث الرامية لتحسين أنظمة الكشف وتساعد على الإنذار المبكر قبل وقوعها، كما هو يوم لتوعية سكان المناطق المهددة من خلال برامج توعوية تُعنى بتقديم الإرشادات التعريفية وطرق الوقاية وسبل النجاة عن طريق وضع خطط إخلاء وإجلاء السكان قبل الكارثة وبعدها، يقابله تدريب كوادر للمساعدة لما بعد تداعيات الكارثة وإعادة البناء بعد وقوعها؛ هذه كارثة تزهق الأرواح وتدمر البيوت والمدن والقرى وتشرد السكان أضف إلى كل هذا من أخطر تهديداتها، انتشار الأوبئة لذلك صُنف تسونامي بأنه عامل أساسي لتدمير البنى التحتية والبيئية وأعتُبر بأنه الهادم الأول لبرامج التنمية.
وحسب ما ورد في تقرير الأمم المتحدة المنشور للمناسبة، فأنه بحلول عام 2030، سيعيش ما يقدر بنحو 50% من سكان العالم في المناطق الساحلية المعرضة للفيضانات والعواصف وأمواج تسونامي. وأكثر من 700 مليون شخص يعيشون في المناطق الساحلية المنخفضة والدول الجزرية الصغيرة النامية المهددة بكوارث قاسية في مستوى سطح البحر.
على مدى العقدين الماضيين، تسببت أمواج تسونامي في ما يقرب من 10% من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث، مما أدى إلى تراجع مكاسب التنمية، لا سيما في البلدان المتاخمة للمحيطين الهندي والهادي.
وكان مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث قد أطلق في العام 2010 حملة تمكين المدن من القدرة على الصمود مستمرة لما بعد عام 2020 والتي جاءت تحت شعار وعنوان  " تمكين المدن من مجابهة الكوارث...  مدينتي تستعد" حملة لإقناع رؤساء المدن والحكومات المحلية في العالم للعمل مع الشبكات الشعبية والسلطات الوطنية لتعزيز قدرة مدنهم على مجابهة الكوارث تحد من تعرضهم للكوارث وتحسين السلامة في المدارس والمستشفيات وأنظمة تصريف مياه الفيضانات.
يقول الخبراء أن هذا الأمر مهم جداً للمنطقة الآسيوية بشكل خاص حيث توجد العديد من المستوطنات ذات الثكافة السكانية العالية والسريعة النمو والواقعة في المناطق المنخفضة والمعرضة للفيضانات وعلى خطوط الصدع الزلزالية المنتجة للتسونامي. علماً بأن أكثر الدول المعرضة لضربات تسونامي هي الهند وإندونيسيا وسيرلانكا واليابان وتايلاند.
العقد الدولي لعلوم المحيطات
في عام 2017 أعلنت الأمم المتحدة عن"  العقد الدولي لعلوم المحيطات في خدمة التنمية المستدامة 2021 – 2030 "
عقد لتعبئة جهود المجتمع العلمي وواضعي السياسيات والمجتمع المدني حول برنامج مشترك للبحوث والابتكار التكنولوجي وتحسن نُظم الرصد وبناء القدرات والتخطيط للحد من المخاطر البحرية من أجل النهوض بإدارة موارد المحيطات والمناطق الساحلية. عقد  سيساعد على تسريع وتيرة التقّدم نحو تحقيق الهدف 14  من أهداف التنمية المستدامة والمعني بصون واستخدام المحيطات والبحار والموارد البحرية على نحو مستدام أحد أهم بنوده تنفيذ برنامج " الاستعداد لتسونامي " برنامج تابع لليونسكو بالتعاون مع مجموعة نظام المحيط الهندي للتحذير والتخفيف من التسونامي يضم عشرات من محطات الرصد وتسجيل الزلازل ومستوى سطح البحر ونشر التنبهيات الى مراكز معلومات التسونامي الوطنية الواقعة في المناطق المهددة بالكارثة.
إطار سنداي
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حث العالم في رسالته المنشورة الأسبوع الماضي للمناسبة، على تنفيذ " إطار سنداي" . للحد من مخاطر الكوارث للفترة 2015-2030 الذي اعُتمد خلال مؤتمر الأمم المتحدة العالمي الثالث الذي انعقد في اليابان في 18 مارس 2015 بناء على طلب الجمعية العمومية للأمم المتحدة وبدعم من مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث .
هو اتفاق دولي طوعي غير ملزم مدته 15 عاماً يعترف بأن للدولة الدور الرئيسي في الحد من مخاطر الكوارث، مع تقاسم المسؤولية وأصحاب المصلحة الآخرين، بما في ذلك الحكومات والقطاع الخاص. وذلك عن طريق تنفيذ تدابير متكاملة وشاملة لإدارة الأزمات.
حدد إطار سنداى للحدّ من مخاطر الكوارث (2015 – 2030) سبع غايات عالمية يسعى لتحقيقها بحلول عام 2030 تعمل على الحد من الوفيات الناجمة عن الكوارث والتقليل من الوفيات وأعداد الأشخاص المتضررين وخفض الخسائر الاقتصادية بالبنية التحتية الحيوية وما تسببه من تعطيل للخدمات الاساسية.
يتم ذلك من خلال التعاون الدولي مع البلدان النامية من خلال إيجاد الدعم الكافي والمستدام . مع تكثيف الجهود لتوفير افضل نظم لالإنذار المبكر بالأخطار المتعددة ومن المعلومات والتقييمات عن مخاطر الكوارث و إمكانية استفادة الأفراد
ما تقدم يتم بتطبيق بنود الإطار عن طريق وضع خطط واستراتيجيات وطنية وبرامج ومشاريع داعمة ومراجع بيانية لتسهيل الوصول للمعلومات للعامة حول هذه المخاطر.
هذا وتتضمن بنود " الاستراتيجية العربية للحد من مخاطر الكوارث  " 2030 المستندة على إطار سنداى من خمس أولويات عمل إطارها بناء القدرات اللازمة لتحديد ورصد وتقييم مخاطر الكوارث، وبناء القدرة على المجابهة من خلال المعرفة للبحث والترويج والالتزام بمنهج شامل ومتكامل للحد من مخاطر الكوارث في مختلف القطاعات وتحسين المسائلة فيما يتعلق بإدارة مخاطر الكوارث على الصعيد المحلي والوطني والاقليمي وإدراج مخاطر الكوارث في خطط وعمليات الاستجابة للطوارئ والاستعداد لها وسُبل التعافي منها.
خاتمة
تسونامي من الوقائع نادرة الحدوث تحدث في فترات متباعدة، لكنها الأشد فتكاً، قاتلة للغاية، والأكثر كلفة من بين جميع المخاطر الطبيعية.
وهذا يعيد إلى الأذهان القول المتداول: " فلان مثل تسونامي " أي من غير الممكن التصدي لتصرفاته المؤذية، يشبه أمواج تسونامي.  
في علم الطبيعة يصعب منع حدوث تسونامي لكن بناء على ما ورد أعلاه حول الحراك العالمي والأممي  لربما تكون قد أُوجدت آليات للتصدي لمخاطرها بغية إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت