في انتظار العناق

بقلم: أسمهان خلايلة

أسمهان خلايلة
  • اسمهان خلايلة
  • الجليل الفلسطيني ٢٠٢١


هي معاناة يستطيع الكاتب وصفها وعلى وجه الخصوص الكاتب العربي عامة وتحديدا الفلسطيني لأنني سأستحضر تجربة كاتب يقبع في سجن الاحتلال الإسرائيلي يربض على كتفيه حكم المؤبدات ..الكاتب الأسير كميل أبو حنيش في روايته الجديدة "الجهة السابعة".


الكتابة هي متنفسه ورفاقه وراء الجدران كما وصفها المحامي حسن عبادي ولا علاج للسجن سوى الحرية ، وكم من أحبة رحلوا ولم يتمكن الأسير من وداعهم بل حرموه فرصة عناقهم ولو لثواني وجدة كميل التي قاربت المئة عام رحلت هكذا دون وداعها ولا شرب القهوة معها ..مطلب أقل من بسيط يُحرم منه السجين الأمني .


الأسير حين يكتب لا يجلس إلى طاولة الكتابة أمامه حاسوب وضوء يريح العينين ولا كاس شاي بالأعشاب التي يختارها أثناء جولة تسوق في المحل التجاري . واختيار ساعات الكتابة لا يحددها الأسير فهو يرضخ تحت سلطة السجان وادارة السجن ...


ظروف الكتابة غير متوفرة فيكتب الأسير بعرقه ونبض قلبه ومقاومة التعب والمراقبة والجوع حتى ..


حين تحدث كميل أبو حنيش عن تسجيل روايته الجهة السابعة، كتبها في غضون أربعة أشهر ( كما ذكرت أمل ابو حنيش قريبة وصديقة كميل ) وقد اتفق مع أصدقائه على تسجيلها واستغرقت عملية التسجيل أكثر من خمس وعشرين ساعة حتى خرجت الرواية في مرحلتها الأولى كثوب ممزق وعلى الأصدقاء وكميل رتقها ولملمة فصولها وسطورها على النحو المطلوب لمبنى الرواية .


ضاعت بعض التسجيلات التي سجلها كميل عبر الهاتف مع أحد الأصدقاء ، أصبت بخيبة أمل (الحديث لكميل أبو حنيش) لكنني لم أيأس وتولت شقيقتي الترتيب والطباعة وتم إرسالها لبعض الاصدقاء لمعاينتها وتدقيقها والإحاطة بالأخطاء ثم إجراء التعديل الأخير .وفوجئ أبو حنيش بأن الأستاذ فيصل درٌاج يكتب مقدمتها :السجن المؤبد شقاء يفيض على أنواع الشقاء جميعا وكرامة فريدة ، شقاء كريم شجاع ، سهل الدمع يحتمله بشر فوق مناقب الأنبياء . وسأضع خطا بارزا تحت مفردة الأنبياء لأنه وصف يليق بالسجناء.  


أتت الرواية في ثلاثة أبواب: الحب ،الحلم، الموت .


ويقول الأستاذ فراس حج محمد عن الرواية: إن حالة كميل ابو حنيش المحكوم بالمؤبدات يعاني وتأخذه هذه المرحلة في اللاوعي وستوصله إلى القبر . والقبر هو المنطقة الوسطى بين الحياة والبرزخ هي منطقة مجهولة لا احد يعرف عما جرى فيها ويكون الإنسان في فترة انتظار الحديث ما زال للأستاذ فراس حج محمد.


إن امتداد الزمن بكثافة معينة لا يُصرف ولا قيمة له والسجين يمتلك الكثير من الوقت لكن لا قيمة له.. كما الذي يملك الكثير من المال لا يدري أين ينفقه.


أبواب الرواية الثلاثة أي الحب له  باب وللحلم  باب وللموت بابه، هي مرحلة فاصلة للدخول إلى البرزخ .


رواية تحكي عن الموت لكن ليس الموت بمعنى الوفاة  إنما هي المؤبدات ولو أنّ الجهات خلقن سبعا لكان الموت هو الجهة السابعة .


كميل أبو حنيش أيّها الحر وأنا السجينة قد زرعت بنا التشوق وحب روايتك وأذني عشقتها قبل عيني .

كميل ورفاقه كتاب سجناء وليس سجناء يكتبون ..يواجهون جلادهم بالصمود ومواجهة الإفراغ الفكري وحظر الثقافة الوطنية .


تحية لكم والحرية لجميع اسرانا البواسل .


اسمهان خلايلة

 
الجليل الفلسطيني ٢٠٢١

 

***مشاركة عبر الزوم في أمسية مناقشة الرواية(الأمسية 15) من سلسلة "أسرى يكتبون" في رابطة الكتّاب الأردنيّين يوم الأربعاء  20.10.2021

 

غلاف الجهة السابعة


 

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت