وجع ومجد أمة...الأسرى المضربين

بقلم: خالد معالي

خالد معالي
  • د. خالد معالي

 أيها الأسرى الأبطال الستة المضربين، والذين تذوب زهرة شبابهم خلف القضبان والأسلاك، يا من تخطون للأجيال طريق العزة والكرامة وتكتبون بالدم على جدران الزنازين، وتحملون معكم بقايا 'الابراش' وتطرقون خلايا دماغنا وأوردة قلوبنا.

 ويا من صبرتم حتى عجزت الكلمات عن وصف ثباتكم، ويا من تضرعون إلى الله 'رب مسني الضر وأنت ارحم الراحمين'.  تفاءلوا خيرا فهناك في الخارج من يقاوم، ومن لا ينامون لفك أسركم وعودتكم سالمين إلى أهاليكم.

أسرانا جوعى للوطن، وهم عز وفخر ومجد أمة، وهم بقلوبهم التي تنبض بالحياة وتنثر الورد بكل الاتجاهات عبر حب الوطن مهما كان الثمن، فانتم لا تعبئون ولا تنكسرون رغم القيد والسجن والسجان، فبثباتكم ترسمون خطوط الصمود وحدود الوطن المغدور المقهور.

أنتم وجعنا، ووجع كل غيور وشريف لا ينام على ضيم في الوطن المأسور، أنتم يا من مع كل زيارة ينزف الجرح من جديد ليوقظ النائمين والمتقاعسين ويقرع باب قصار النفس ليقول لهم أنهضوا وسيروا على الطريق الذي رسمتوه نحو الأقصى .

الاسرى الستة مضربين ووصلوا حافة الموت والشهادة، ولا حراك يرقى لمستوى اضرابهم وتضحياتهم، وإنما هي لحظات صبر أقوى من الجدران والزنازين والأسلاك الشائكة، وأقوى من كل طواغيت الشر، فأنتم أيها الأسرى أنتم أمل وفخر الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، أنتم الحصن المنيع والأخير في  الذود عن كرامة وشرف الأمة المغتصب، لا تدعو اليأس يدخل إلى قلوبكم وعقولكم فالنصر صبر ساعة والله معكم.

أقدم الأسرى المضربين هو كايد الفسفوس، المضرب لليوم 118 على التوالي، ويقبع حالياً في مستشفى "برزلاي"، بوضع صحي خطير، قد يؤدي لاستشهاه في أيّة لحظة. والأسير مقداد القواسمة، الذي يواصل إضرابه لليوم 111 على التوالي، ويقبع في مستشفى "كابلان"، فيما يستمر علاء الأعرج، في إضرابه لليوم 94 على التوالي، ويقبع في سجن عيادة الرملة، والأسير هشام أبو هواش، مضرب لليوم 84 على التوالي، والاسير عياد الهريمي المضرب لليوم 48، والأسير لؤي الأشقر المضرب منذ 31 يوماً على التوالي.

صحيح إن الاسرى الستة المضربين وغيرهم مغيبون بأجسادهم في أقبية وزنازين، ومع ذلك يواصلون دورة الحياة خلف جدران الصمت يعزة وكبرياء وصبر وصمود قل نظيره في  العصر الحالي، وترفع لهم القبعات.

عدا الاسرى الستة المضربين يوجد قرابة خمسة آلاف أسير وأسيرة يقبعون خلف القضبان كالأسود في سجون وباستيلات الاحتلال، هم فخر ومجد هذه الأمة من المغرب العربي حتى أندونيسيا المسلمة، بل هم فخر البشرية جمعاء ينوبون عنها في مقارعة الباطل وقوى الظلم والطغيان.

أسرانا يحفرون أسمائهم على صخور الزنازين لتنشق ولو بعد حين وينساب منها الماء الطهور السلسبيل، هم جوعى للوطن ويحدوهم الشوق والحنين لشوارع وحارات وأزقة المخيمات والقرى والبلدات،هم الوطن بل كل الوطن بجباله ووديانه وينابيعه.

احبتنا الاسرى الستة، أنتم الأشواق في حلوق الظالمين الغاصبين المعتدين، فهم ما عادوا يقدروا على لفظها وما عادوا يقدروا على بلعها، فاصبروا قليلا، "والله معكم ولن يتركم اعمالكم".

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت