- محمد سيف الدولة
تم اغتيال أبو عمار عدة مرات، أشهرها هى مؤامرة تسميمه التى انتهت باستشهاده فى مثل هذه اليوم منذ سبعة عشر عاما فى 11 نوفمبر 2004.
أما أولها فكانت مذابح أيلول الاسود التى انتهت بطرد المقاومة من الاردن عام 1970.
ثم مذبحة تل الزعتر التى ارتكبها النظام السورى والكتائب المارونية فى لبنان لكسر شوكة المقاومة الفلسطينية عام 1976.
أما أسوأها فكانت عملية الاغتيال الكبرى التى ارتكبها النظام المصري حين باع فلسطين لإسرائيل فى صفقة كامب ديفيد.
وتم اغتياله مرة أخرى حين تواطأت الأنظمة العربية مجتمعة مع الصهاينة والأمريكان على اخراجه والقوات الفلسطينية من لبنان فى 1982، ونفيهم بعيدا عن الارض المحتلة.
ثم ما تلى ذلك من عملية اغتيال بطئ على نار هادئة بالضغط عليه فى المنفى وكسر ارادته للاعتراف باسرائيل والتنازل عن فلسطين 1948 وعن الحق فى المقاومة فى اتفاقيات أوسلو المشئومة.
وحين حاول التراجع والتطهر وتغيير قواعد اللعبة وقلب الطاولة فوق رؤوسهم فى انتفاضة الاقصى عام 2000 وما بعدها، قرروا إخراجه من المشهد نهائيا، فقتلوه.
***
لقد علمتنا تجاربنا ان الزعماء الوطنيين لا يتم تقييمهم فقط بمواقفهم وافعالهم، وانما ايضا بالقياس على افعال ومواقف نظرائهم ومعاصريهم أو من يخلفونهم.
فجزء كبير، على سبيل المثال، من المكانة التاريخية للمشروع الوطنى فى مصر 1956 -1970 رغم نكسة 1967، مستمد من مقارنته بالردة الوطنية والقومية التى قادها السادات 1974-1981 واستمرت من بعده، رغم نصر 1973.
كذلك هو الوضع فى حالة ياسر عرفات، فلقد كان لابو مازن فضل كبير فى اعادة الاعتبار لابو عمار بعد وفانه رغم تورطه فى توقيع اتفاقيات اوسلو؛
فمن زعيم فلسطينى وطنى يحرض على الانتفاضة ويدعم فصائل المقاومة والعمليات الاستشهادية سرا، الى رئيس يستمد شرعيته من رضا (اسرائيل) ومن حماية أمنها، ويطارد المقاومة ويصف الانتفاضة الفلسطينية بانها كانت بمثابة كارثة على الفلسطينيين.
***
وهى ليست مقارنات عاطفية فقط، بل فيها جوانب موضوعية وواقعية يمكن القياس عليها والاحتكام اليها؛ ففى ظل ذات الظروف والضغوط والامكانيات والاختلال الهائل فى موازين القوى، اختار ابو عمار، بقدر الامكان، توسيع مساحات الارادة والتحدى واستقلالية القرار والمناورة والمواجهة، بينما اختار ابو مازن وسلطته وجماعته التبعية والخضوع الكامل.
رحم الله ابو عمار وغفر له واسكنه فسيح جناته.
*****
القاهرة فى 11 نوفمبر 2021
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت