- بقلم فاضل المناصفة
تفاعل الفلسطينيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع الحادثة المأساوية التي راح ضحيتها ثلاث شبان من غزة، قضوا غرقا قبالة السواحل اليونانية، وكان التسجيل الصوتي لأحد الناجين من اكثر الفيديوهات مشاهدة و مشاركة بين الفلسطينيين وحتى العرب عبر وسائط التواصل المختلفة، الحادثة كانت بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس بالنسبة لسكان غزة الذين حملوا حكومة حماس المسؤولية في تدهور الأوضاع التي دفعت بالعشرات من ابناء القطاع بالمغامرة بالنفس والسفر عبر قوارب الموت الى الضفة الأخرى من الأبيض المتوسط، أملا في إيجاد فرصة للحياة الكريمة التي أصبحت منعدمة في غزة. شعب غزة الذي تضامن وتناسى كل شيئ سيئ في القطاع، في سبيل دعم صف المقاومة في حربها الأخيرة ضد الاحتلال، لتنتهي بعدها جولة المواجهات العسكرية ويدفع سكان غزة ثمنا باهضا من دمار وحصار وتبعات اقتصادية اكلت الأخضر واليابس، وجعلت الجميع يصطف من أجل الحصول على تصريح عمل في دولة الاحتلال، بعد أن عجزت حماس عن إدارة شؤون القطاع وألقت بنصف شعبه في بطالة مزمنة وفي وضع خانق، متهمة الاحتلال بممارسة سياسة التجويع والحصار لكسر شوكة المقاومة ! ومتخدة من الاحتلال الشماعة التي تعلق عليها سياساتها الفاشلة التي امتدت قرابة عقدين من الزمن، من دون أن يفكر قياداتها بمراجعة مواطن الخلل فيها .
عاد هاشتاڨ #بدنا_نعيش مجددا ليتداوله الغزييون عبر فايسبوك وتويتر، وان كان قد تزامن مع حادثة غرق الشبان الفلسطينيين، إلا انه جاء كحالة تعبيرية ناتجة تراكم السخط الشعبي داخل القطاع ضد حركة حماس، خاصة مع موجة الغلاء الذي انتشر في أسواق غزة والذي زاد الطين بلة، في حين يتحدث قادة حماس في شؤون الاحتلال ويشخص الوضع على أن إسرائيل في أضعف حالتها، ويستطرد القادة في أن المقاومة حققت نصرا استراتيجيا كاسحا باهرا ساطعا، ثم يأتي الدور لركوب الموجة، ويدخل القادة في تضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام، في محاولة للفت انتباه الرأي العام الساخط عن الاوضاع الاقتصادية وتحويل أنظاره الى مواضيع قد تمتص القليل من غضبه تحت غطاء دعم الاسرى .
القارئ لتعليقات الشباب الفلسطيني، الذي تداول هذا الهاشتاق يجد كما هائلا من السخط والتذمر على الأحوال الاقتصادية التي آل إليها القطاع، ويلمس نوعا من التشكيك في مسألة حساسة جدا وهي مصداقية المقاومة وتحميلها للمواطن الفلسطيني أعباء اضافية لم ينجر عنها سوا الخراب والدمار ولم تحقق أي نتيجة ايجابية في صالح القضية الفلسطينية بقدر ما حققته في الأرصدة المالية لقادة حماس: لم يتغير الوضع ولا موازين القوى منذ أن غادرت دبابات الاحتلال غزة، ومنذ أن اشرفت حماس على القطاع، لقد ازدادت غزة عزلة ما بعد عزلة،لتتحول الى أكبر سجن في العالم ولتصنف نسب البطالة فيها بالأعلى عالميا، فإلى متى ستستمر حماس في سياسة الهروب الى الأمام وتعليق شماعة فشلها على الاحتلال واتهام من يقول الحقيقة بالعمالة؟، أليس الاحتلال من يوفر فرص عمل للغزيين ؟؟؟ .. ألم تدخل الاف السلع المستوردة من خارج القطاع لتنافس المصانع الصغيرة وتحيلها الى الافلاس !!؟ ألم تحصل حماس سابقا على مليارات الدولارات كمساعدات انسانية واقتصادية كانت كفيلة بتحويل وجه غزة كليا؟؟؟ أين ذهبت التنمية وماذا حققت صواريخ إيران ؟؟؟ أين المليارات؟؟ هل صرفت لشراء السلاح لدعم المقاومة لانها أولى من الخبز والتنمية؟ أسئلة لن تجيب عنها حماس، لأنها ليست مجبرة على تقديم كشف حساب، مادامت تحكم غزة بمنطق القوة وترفض حتى مشاركة السلطة الفلسطينية في جهود الاعمار، فكيف لها أن تجيبنا ! .
لقد جسدت طوابير الغزيين الباحثين عن تصاريح للعمل في اسرائيل مدى عمق الازمة الإقتصادية داخل القطاع ومدى حاجة شباب غزة لهدنة تحفظ كرامتهم من الحاجة وسؤال الناس، وجاء هاشتاڨ بدنا نعيش لينهي ماتبقى من رصيد حماس الشعبي الذي تآكل بفعل الزمن وبسبب الوعود الكاذبة، فالمصالح الضيقة لمسؤولي الحركة والتي عرقلت التوصل الى اتفاق هدنة طويلة الأمد، تسمح بمباشرة الإعمار وفك الخناق على أهالي غزة، لايمكنها أن تأتي قبل أحقية الغزيين في العيش الكريم وتوفير لقمة العيش داخل القطاع وليس خارجه.
فهل ستستفيق حماس وتختار أسلوبا جديدا للمقاومة، بإعلان الحرب ضد الفقر والبطالة والجوع أم انها ستكتفي بالرد بأن الفقراء يدخلون الجنة؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت