- بقلم فاضل المناصفة
بينما تتركز اهتمامات الغزيين بملف المساعدات والاعمار وتصاريح العمل، وتنشغل حماس بملف المفاوضات والهدنة والأسرى، تشير تقارير اليونيسيف الى ارقام خطيرة تشير الى سوء الحالة النفسية التي يتواجد فيها أطفال القطاع في ظل غياب الدعم والعلاج النفسي وغياب مراكز الترفيه وهشاشة البنية التحتية للمؤسسات التربوية التي تعاني من قلة الإمكانيات، وان كانت غزة لا تشكل استثناءا في البيئة العربية التي لا تولي اهتماما للصحة النفسية للأطفال الا أن حالة الحصار الذي يعانيه القطاع بالإضافة الى الجولة الأخيرة من الحرب زادت من تعقيد الوضع الإنساني للبراءة التي لا ذنب لها من كل ما يجري على الأرض .
لقد خلقت الحرب الأخيرة وقعا أليما على الحالة النفسية للأطفال الذين تأثروا بالقصف الإسرائيلي وحجم الدمار الذي خلفته الصواريخ التي سقطت في المناطق السكنية، ولكن هذا لا يعني الغاء مسؤولية حكومة غزة في إيجاد الدعم المادي اللازم من الداخل والخارج لاحتواء أطفال غزة وتوفير كل وسائل الدعم النفسي بغية اخراج الطفل من الصدمة التي خلفتها اثار أصوات القصف ومشاهد الخراب في الشارع، وقد أتبثث الاحصائيات الأخيرة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الأربعاء، إن ما يزيد عن نصف الأطفال في قطاع غزة بحاجة إلى دعم وتدخل نفسي بسبب تأثيرات العدوان الإسرائيلي الأخير في مايو/أيار الماضي، كما تعاني الطفولة من مخلفات الوضع الاقتصادي لعائلاتهم وتضاعف معدلات البطالة بشكل رهيب في الأسر الغزية مما ينتج عنه المزيد من الحرمان العاطفي و المادي للأطفال وعدم قدرة العائلات على توفي جو مناسب من الاستقرار النفسي داخل البيت .
تأخر المساعدات المالية و عمليات الاعمار كان لها وقع أيضا على أطفال غزة حيث كان من المنتظر تخصيص حصة مالية لدعم مراكز التعليم ودور الرعاية و انشاء مراكز خاصة بالترفيه تساهم من تخفيف وطأة الحالة النفسية، وتضع الطفل في بيئة مناسبة لمرحلته العمرية، بدل التركيز على المعسكرات التدريبية والمخيمات الشبه عسكرية وهي فكرة تعود لزمن النازية والبلشفية قد أكل عليها الدهر وشرب ولم تعد تستجيب لعصر التكنولوجيا و الرقمنة وتعير مناهج التربية والتعليم التي تراهن على ادخال المزيد من التكنلوجيا في المدارس وهذا الشي الذي لن نتحدث عنه لانه صعب المنال وانما يكفينا توفير اللازم من اللازم وابسط متطلبات الطفولة في محيط تتخلله العديد من التوترات الأمنية .
ان غياب أخصاء الدعم النفسي لأطفال في غزة له انعكاس سلبي مباشر على تكوين شخصية الأطفال الذين يعيشون في بيئة مليئة بشبح الصراعات الحروب و يبدوا أن حكومة حماس لا تأبه للخطر الذي سيترتب على غياب الرعاية النفسية والاجتماعية للاطفال في مرحلة عمرية تصقل الشخصية وتحظر الجيل الجديد لحمل راية الوطن، ان هذا الاهمال الذي يعاني منه أطفال القطاع له سلبيات على المدى البعيد ، اذ تظهر الدراسات الحديثة بأن الطفولة المليئة بالعنف تسهل التسرب المدرسي تؤدي الى خلق جيل من الشباب ذي سلوك عدواني يسهل أن تفتكه مخالب المخدرات.
لا أحد من المسؤولين يأبه للطفولة التي تعاني في صمت وتتحمل تبعات سياسة تجر القطاع الى المزيد من المعاناة التي ستلقي بظلالها على ابناءنا، لا أحد يفكر في أن للطفولة حق في أموال المساعدات وحق في تنمية المنشأة التربوية، لا أحد يفكر في الأطفال قبل الدخول في عملية عسكرية تجلب الدمار والخراب للطرفين على حد سواء، بكتفي الطرفان بانتهاز الفرص لتصوير مشاهد جثث الأطفال ملقاة بين ركام البنايات، ليشتروا بها ثمنا قليلا للتأثير على الرأي العام العالمي، لا يمكننا أن نلغي حق أطفال غزة في العيش بعيدا عن الصراعات والحق في الرعاية والحق في تعليم محترم ودور للترفيه والاكتساب المعرفي . هذا هو الاستثمار الذي يعود بالنفع على قضيتنا .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت