كشفت مصادر أمنية في تل أبيب، أن جهاز المخابرات العامة في إسرائيل "الشاباك" ، باشر في إعداد شبكة مراقبة حديثة تمهيداً لمضاعفة عدد العمال الفلسطينيين الذين يخرجون من قطاع غزة للعمل في إسرائيل.
وقالت المصادر، إن الاتفاق الذي سينفذ بشكل تدريجي، مرحلة تلو أخرى، سيضع مسألة إنعاش الاقتصاد الفلسطيني في رأس سلم الاهتمام. ولذلك، أخذت إسرائيل على عاتقها إدخال عشرة آلاف عامل، إلا أن حركة حماس تطلب مضاعفة هذا العدد إلى 30 ألفاً.
وترى إسرائيل أن مثل هذا العدد سيكون ممكناً، فقط في حال إعادة بناء المنطقة الصناعية التي دمرتها بعد انسحابها من قطاع غزة، في عام 2005، ومع ذلك، يستعد الشاباك لإنشاء آلية لرصد ومراقبة دخول الفلسطينيين الذين سيأتون من غزة للعمل في إسرائيل. وهو يرى، وفقاً لمسؤولين أمنيين إسرائيليين، أن تفعيل الآلية سيمنح المستوى السياسي إمكانية زيادة عدد الفلسطينيين القادمين من غزة للعمل بما يتجاوز الحصة المعتمدة وهي 10 آلاف عامل، عدة أضعاف.
وفي تبرير لهذه الخطوة، ذكرت مصادر الشاباك لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوم الاثنين، أن "قطاع غزة يشهد هدوءاً مع إسرائيل لم نشهده في التاريخ". وأشادت هذه المصادر بنجاح حماس في ضبط الأمور وقالت: "إنها – أي حماس – تحاول إظهار قدراتها أمام إسرائيل والوسطاء المصريين أيضاً، بأنها تستطيع فرض الهدوء التام والشامل في القطاع ومنع إطلاق أي صواريخ تجاه إسرائيل وضبط الحدود".
تجدر الإشارة إلى أن حالة الهدوء التي يشهدها القطاع تترافق مع عدة تطورات أخرى، وترتبط بها، ومصر تدير مفاوضات وحوارات من خلال لقاءات مكوكية في القاهرة لوفود إسرائيلية وممثلين عن الفصائل الفلسطينية ضمن المساعي للوصول لحالة هدوء طويلة الأمد.
وقد عاد وفد أمني إسرائيلي رفيع من القاهرة، أمس، بقيادة رئيس مجلس الأمن القومي في ديوان رئاسة الحكومة، إيال حولتا، بعد إجراء محادثات مع وزير شؤون المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل.
ويتوقع أن يصل كامل أيضاً إلى تل أبيب في غضون الشهر الجاري. ويؤكد الطرفان أن المحادثات شاملة لكل القضايا، من المصالحة الفلسطينية ومتطلباتها إلى التهدئة وحتى صفقة تبادل الأسرى. ولكن إسرائيل، وجنباً إلى جنب مع هذه الأجواء الإيجابية، أعلنت، أمس، أن الجبهة الداخلية ستباشر، اليوم الثلاثاء، مناورة جديدة للجيش تحاكي التعرض لضربات صاروخية، في محيط مطار بن غوريون، من الجنوب أو الشمال.
من ناحية أخرى, قالت مصادر إسرائيلية إنه يتوقع إحداث اختراق قريب في قضية دفع رواتب موظفي حكومة حماس بعد شهور طويلة من الخلاف حول الأمر.
وأكدت المصادر، أن هناك جهوداً مكثفة في إسرائيل ومصر وقطر، من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن آلية دفع منحة الرواتب لعشرات الآلاف من الموظفين في غزة، في خطوة تهدف إلى استمرار الهدوء وتأخير أي تصعيد محتمل مع قطاع غزة.
وقال موقع "واللا" العبري، إنه توجد اقتراحات عديدة لتجاوز المسألة، من بينها تحويل الأموال إلى بضائع يتم تصديرها من مصر إلى غزة.
ودفعت قطر مرتين منذ التصعيد الأخير في مايو (أيار) الماضي، منحة مالية إلى 95 ألف عائلة من الأسر المستورة في القطاع، بواقع 100 دولار لكل عائلة، وذلك بعد توقف طويل بسبب اعتراضات إسرائيلية وإصرار تل أبيب على إيجاد أي حجة جديدة، وهو ما تم بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة. وقد وزعت قطر الأموال من خلال الأمم المتحدة، ومن خلال مراكز التوزيع التي حددتها في محافظات قطاع غزة والتي بلغت أكثر من 300 مركز ومحل تجاري.
وسمحت إسرائيل باستئناف دخول الأموال القطرية لغزة ضمن تسهيلات أخرى سابقة، شملت زيادة منطقة الصيد في قطاع غزة إلى 15 ميلاً بحرياً وزيادة في إدخال البضائع عبر معبر كرم أبو سالم، وزيادة في إمدادات المياه وزيادة عدد التجار والعمال. لكنها رفضت حتى الآن أن تشمل المنحة القطرية موظفي حكومة حماس.
وتأتي محاولات التوصل إلى اتفاق حول رواتب موظفي حماس من أجل كسب مزيد من الوقت ودحر أي تصعيد محتمل.
وقال عاموس هرئيل المراسل والمحلل العسكري الإسرائيلي، إن السياسة الإسرائيلية بالنسبة لقطاع غزة تقوم حالياً على كسب الوقت من خلال طمأنة حماس بوجود خطوات يتم اتخاذها لدعم الاقتصاد. وبحسب هرئيل، فإن هذه السياسة الجديدة تجاه غزة، لا تعني أن إسرائيل لن ترد على أي محاولات "إرهابية" ضدها، وفي بعض الحالات ستعمل أيضاً ضد محاولات حماس تطوير أسلحتها بشكل أكثر تطوراً، لكن بخلاف ذلك، فإن العيون بالأساس على الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا وكذلك باتجاه إيران.
وتريد إسرائيل تبريد الأجواء في غزة مع تعثر التوصل إلى اتفاق حول تبادل الأسرى. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية، إنه في هذه المرحلة لا توجد نية لدى الجانب الإسرائيلي لتغيير سياسته تجاه صفقة أسرى وستبقى الخطوط الحمراء كما هي.