- المحامي علي ابوحبله
يعتبر مؤتمر هرتسليا الذي يقام سنويًا في معهد الدراسات المتعددة المجالات (IDC) في مدينة هرتسليا، والذي تقيمه مؤسسة الدبلوماسية والدراسات الإستراتيجية، أحد أهم المؤتمرات في إسرائيل، وأحد أهم الأماكن التي تحدد فيها السياسة الإسرائيلية والإستراتيجيات المختلفة، وبه أيضًا تقاس نجاعة السياسات السابقة والخطوات التي أخذت.
وكان ما قاله مدير الأبحاث في قسم السياسة والإستراتيجية في المعهد، يسرائيل ألتمان، أول تصريح رسمي لأهداف هذا المؤتمر، إذ قال في المؤتمر الخامس إن 'هذا المؤتمر يحدد جدول الأعمال الإستراتيجي للدولة العبرية، ويشكل المؤتمر مرجعية للبحث في السياسات العملية وتحديد الأولويات للمشروع الوطني الصهيوني'. ويجمع المؤتمر كبار القادة السياسيين والعسكريين والأمنيين الإسرائيليين ومختلف النخب الأكاديمية والثقافية، بالإضافة إلى مشاركة عربية مثيرة للجدل سنويًا، بالإضافة إلى مشاركة مسئولين من مختلف دول العالم، ويختلف موضوع البحث من عام لآخر، لكنها تصب بالنهاية في فحص مصالح دولة إسرائيل بمختلف المجالات، منها السياسية والدبلوماسية والعسكرية والإستراتيجية والاقتصادية.
فكرة عقد مؤتمر هرتسيليا كنسخة إسرائيلية معدلة لمؤتمرات دول أخرى، كمؤتمر (بلد برج) الذي يعقد سنويًا في قلعة منعزلة في غابة بلد برج في هولندا ويجتذب لحضوره شخصيات عالمية متخصصة في المجالين الأمني السياسي، أو كمؤتمر (دافوس) الشهير الذي يعقد في سويسرا وهو يختص بدارسة الأوضاع الاقتصادية العالمية.
يهتم المؤتمر بالدرجة الأولى بالمسألة الديمغرافية، وما يتعلق بقضايا الهوية، والتعليم، والإستراتيجية العسكرية، والأمن، والبحث العلمي، والاقتصاد، حيث تنبثق أهدافه من التركيز على يهودية الدولة. وإحدى ركائز المؤتمر2021 ركز العمل على ترسيخ العلاقات العربية الإسرائيلية ضمن علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل تشمل السياق الأمني والسياسي، وذكر أبرز المخاطر المحدقة لدولتهم وبالتحديد الوجود الإيراني في الشمال، وتعد أبرز محاور المؤتمر هو القضية الفلسطينية حيث تخرج توصية في نهاية كل مؤتمر فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني" بأن مصلحة إسرائيل الحفاظ على " الوضع الراهن " من الهدوء بدلا عن التسوية الدائمة.
وهذا ما أشار اليه بينت ولابيد في مؤتمر هرتسيليا الأخير بمواصلة الحفاظ على الهدوء مقابل تعزيز النواحي الاقتصادي ومقابل إضعاف المقاومة في قطاع غزة وجاء هذا ضمن سياق خطة بينت والتي طرحت في أكثر من مضمار. وتحليل هذه الخطة أنه لا توجد فرصة للتوصل إلى تسوية دائمة في المستقل المنظور، وإسرائيل تسعى لتحسين الوضع على الأرض لكن مع السماح للفلسطينيين بالاعتماد على إسرائيل في الاقتصاد والبني التحتية والأمن لسنوات عديدة قادمة، والتوصل إلى استقرار ديناميكي، والعمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والضفة الغربية بمعنى ليس هناك اقتصاديات ولكنه اقتصاد واحد يجري التعامل بنفس العملة " الشيكل"، وجاء ضمن محاور المؤتمر من سيخلف "أبا مازن" مع التأكيد بأن إسرائيل يمكنها الحفاظ على الحكم العسكري بكفاءة في الضفة الغربية.
خلاصة: مؤتمر هرتسيليا لهذا العام ركز على وضع الخطط والاستراتجيات والتصورات لإضعاف القضية الفلسطينية والاستيلاء على الأرض والحقوق السياسية الوطنية وهو موقف يحول القضية الفلسطينية "ملف" من الملفات الأمنية التي تواجه إسرائيل بل أصبحت قضية إسرائيلية داخلية. وفي نهاية المطاف تجاهل المؤتمر ارادة الشعوب وأن الشعب الفلسطيني لن يستسلم او يستكين أمام تلك المخططات والاستراتجيات التي تتجاهل حقوقه وحق تقرير مصيره الشعوب بل سيستمر في النضال حتى تحقيق حقوقه السياسية والوطنية، والشعب الفلسطيني يعد جزء لا يتجزأ من نظرية وإستراتجية تحقيق أمن واستقرار المنطقة و يجب إعطاءه حقوقه كأمله غير منقوصة لأن الدولة العنصرية لن تستمر إلا بوجود دولة ليبرالية ديمقراطية تسعى إلى نبذ نظام الأبرتهايد والطائفية، وسر بقاء الشعوب وجوده واحد موحد على أرضه.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت