- د. طلال الشريف
بعد عقد ونصف من الإنقسام والضياع وعدم تمكن الجميع من حل لغز الإنقسام، آن أوان شعبنا لحل معادلة فتح وحماس، حيث لم تنجح كل المحاولات للمصالحة بين فتح وحماس وعودة المشاركة للنظام السياسي كما حدث إبان انتخابات العام 2006م.
لم يتمكن الحزبان من التفاهم ولا من الشعور بالمسؤولية عما جرى ويجري من ذوبان لقضية شعبنا الفلسطيني وأرضه ومستقبله، ولا احترام حقوق الشعب بل تفننت كلا السلطتين في إذلال وتعذيب أهل قطاع غزة بشتى الطرق.
لنعد لمعادلة ما قبل تلك الانتخابات، أي العودة لمعادلة "فتح" أو " حماس" للتخلص من أحدهما أو حتى كليهما وأن يتكتل شعبنا في طريق آخر غير فتح وحماس باحثين عما ينقذهم وينقذ قضيتهم فقد ضاع وقت طويل في المحاولات ونحن لسنا مختلفين عن كل شعوب الأرض، فالشعوب وتجاربها وابداعاتها كانت على الدوام أذكى من حكامها وأحزابها والشعوب الحية تمتلك قوتها الإيجابية أو السلبيةفي تعطيل حكامها الزائغين أو نهوض حالتها نحو أفق جديد أفضل.
المعادلة التي أصبح المطلوب حلها الآن من جديد هي "إما فتح" و "إما حماس" ، ولا مكان لوجود الإثنين معاً، فقد تكون هذه الفكرة أنجع عملياً، وهي لم تجرب جدياً في مراحل المد لهما حين لم تكن حالتنا بهذا الوضع السحيق، ودخول العقل الفلسطيني منذ بدء الصراع بين الحزبين وحتى الآن في مرحلة ضبابية العاطفة والمصلحة الضيقة والإصطفاف المُضَلَل بشعارات التحرير وشعارات النقاء وما ثبت بعد ذلك من أن لا تحرير ولا نقاء، بل ثبت أنه صراع مال وجاه وسلطان وتحالفات خاجية، تماماً كما كان جميع حكام المنطقة العربية بأن الشعوب آخر اهتماماتهم، زد عليها في حالتنا الفلسطينية التي مازلنا فيها تحت الإحتلال، وأرضنا تضيع، ومستقبل أجيالنا يهدم، والحزبان لا يستخلصان العبر ولا يصحو لهما ضمير.
هل حان وقت تخليص العقل الفلسطيني من ضبابية وسذاجة الانحيازات والولاءات لأحزاب باتت غير مسؤولة عن شعب ويدخل الآن شعبنا مرحلة التفكير الجدي في مستقبل بلده وأجياله وأرضه التي أهملوها لمصالحهم الذاتية والحزببة الضيفة وبعد هذا الذي عاناه وجربه معهما، وبهتان صورنهما.
ذهب كثيرون لتوليد طريق ثالث أو التفكير به ولكن دون ذكاء وأصبح هذا الخيار غير عملي وغير ممكن، وبات شعبنا أمام تحدي متجدد، إما فتح، وإما حماس.
إما فتح وإما حماس، قد لا يقنع هذا الطرح الكثيرين من جموع فتح ولا من جموع حماس، نعم، وتلك هي معضلة تحدي قد تبدو غير منطقية وغير واقعية في السياسة، ولذلك لابد من التذكير بأن قضيتنا وشعبنا هي أولويتنا، وليس الأحزاب، فالأحزاب هي أدوات قد تفشل وهي حقا قد فشلت، ولذلك إما أن ينضم الفتحاويون لحماس، وإما أن ينضم الحمساويون لفتح، وإما أن يتركوا الحزبين ويتجمعوا في جسم آخر لإنقاذ شعبنا وقضيتنا، وبقاء الحزبين على هذه الشاكلة السمجة المتولدنة سياسياً هي وصفة للانتحار والضياع لشعب وقضية..
الكلام والفكرة صعبة وغير مغرية طبعا وقد تبدو حتى غير واقعية أو خارجة عن الواقع، ولكن متى كانت أفكار الإنقاذ من الكوارث سهلة وواقعية، فالواقع أقوى دائما من فكرة تغييره، ولذلك تعالوا نذهب خارج الواقع لنهزم قوة الواقع، في واقع ممنوع علينا ممارسة أدوات تغيير الواقع عبر الانتخابات، أو عبر قادة لا تليق بقضية عادلة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت