من خلال برنامج حياة المشترك الممول من حكومة كندا، قام برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل)، وبالشراكة مع وزارة الحكم المحلي، وبلدية خانيونس، ومجلس الإسكان الفلسطيني، بافتتاح "حديقة حياة" على شاطئ مدينة خانيونس لتشكل مكاناً عاماً آمناً، وشامل الخدمات، يسهل الوصول اليها من قبل النساء، والفتيات، والعائلات.
بدأ تصميم الحديقة الشاطئية في مطلع العام الجاري، بالاعتماد على نتائج تقييم الأماكن العامة على مستوى مدينة خانيونس، حيث تم قياس جودة 134 مكان عام، وتحديد المعيقات التي تؤثر على استخدام النساء والفتيات لهذه الأماكن. حيث أظهرت التقييمات بأن 50 % من الأماكن العامة التي تم تصنيفها من قبل المجتمع المحلي في مدينة خانيونس وصفت بأنها غير آمنة، وأن 14% منها مرتبطة بحالات مرتفعة من المضايقات والجريمة. وعليه، فإن وجود أماكن عامة آمنة وشاملة يعد ضرورة ملحة. في هذا السياق، توفر "حديقة حياة" مكان مريح وآمن على شاطئ البحر، يتيح ل 200,000 امرأة وفتاة التمتع بحقهن في المدينة بشكل آمن.
تم تقييم المكان العام المختار لتنفيذ الحديقة بشكل تفصيلي ودقيق بمساعدة أربع طالبات هندسة معمارية من الجامعة الإسلامية في غزة. كما تم تطوير تصميم "حديقة حياة" بمشاركة العديد من فئات المجتمع المحلي من خلال توظيف العديد من الأدوات والمنهجيات التشاركية، التي اشتملت على سبيل المثال الاستعانة بلعبة الحاسوب "ماين كرافت"، حيث تم استهداف 40 شابة وشاب من المجتمع المحلي، وإعطائهم الفرصة لتنمية قدراتهم ومعارفهم بأساليب التصميم واتخاذ القرارات.
"عند الوقوف في الحديقة، حيث كل عنصر فيها مستوحى من تصاميمنا، أستطيع القول بأن هذه التجربة الفريدة شجعت اهتمامنا ورغبتنا بالمساهمة في تطوير المجتمع، والمشاركة المجتمعية بكافة أشكالها" تقول المشاركة ريم بشير، 17 عاماً من مدينة خانيونس. "نشعر بالفخر بمساهمتنا في مناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي في المدينة من خلال تصميم أماكن عامة آمنة وشاملة للجميع".
تعتبر المنطقة الساحلية في مدينة خانيونس والتي تمتد لحوالي 2.8 كيلومترات، واحدة من أكثر المناطق تهميشاً ولا سيما من حيث توفر البنية التحتية المناسبة، أو توفر المرافق العامة. افتقرت المنطقة الساحلية سابقاً وجود أي مكان عام آمن، ومصمم بطريقة تستجيب لاحتياجات النساء والفتيات وتيسر إشراكهن في الأنشطة المجتمعية.
شدد د. زياد الشقرا، مدير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في فلسطين، على أهمية هذه الأماكن العامة: "نؤكد التزامنا ببناء بيئة حضرية أفضل، أكثر استدامة، وشمولية ومنعة، تتيح لجميع فئات المجتمع فرص متساوية للاستفادة من مدنهم بعيداً عن أي شكل من أشكال التمييز، ولا سيما الفئات الأكثر تهميشاً، بالأخص النساء والفتيات".
وأكد رئيس بلدية خانيونس، د. علاء البطة على أهمية إنشاء شراكات مع المؤسسات المحلية والدولية في سبيل تنفيذ المشاريع التطويرية التي تخدم الفئات المهمشة من المجتمع، ولا سيما النساء والفتيات، قائلاً: "يجب أن نوفر مساحة للشباب والنساء لإيصال أصواتهم وتعزيز حقهم في لعب دور فعال في عملية التطوير". وأردف بأن "هذه الحديقة التي تم تدشينها اليوم توفر مثالاً مهماً على أن عملية التطوير يمكن أن تكون أكثر نجاحاً عندما يتم إشراك المجتمع المحلي بشكل فعلي خلال مراحل التخطيط والتنفيذ".
"حديقة حياة" الجديدة تعزز مبادئ العدالة والشمولية للنساء والفتيات والأطفال، والأشخاص ذوي الإعاقة من خلال توفير مرافق مؤهلة مثل غرفة الطفولة المبكرة، ووحدات صحية موائمة، وغرف خدمات عامة. إضافة إلى ذلك، تم أخذ العوامل البيئية والاجتماعية، وعملية تشغيل وصيانة المكان العام بعين الاعتبار خلال مراحل التصميم المختلفة من أجل ضمان استدامة الحديقة على المدى البعيد.
يستمر برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في السعي لبناء قدرات المؤسسات الحكومية والهيئات المحلية ودعمها من أجل تعزيز توفر الأماكن العامة، الآمنة والشاملة والخالية من العنف المبني على النوع الاجتماعي من خلال تطوير الاستراتيجيات المستجيبة للنوع الاجتماعي.