- المحامي علي ابوحبله
❞ في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم هناك مصالح دائمة. ❝وهذا حقا ما ينطبق على تركيا ودولة الإمارات المتحدة سنوات من الخصام وصراع النفوذ والمصالح ولغة التضاد ، ومحصلتها التقاء المصالح زيارة محمد بن زايد الى انقره ولقائه رجب طيب إردوغان في أنقرة.
الخبر ليس عاديّاً، بعد سنوات طويلة من قيادة وليّ عهد أبو ظبي حملة عداء شرسة لتركيا تحت شعار محاربة " الإخوان المسلمين" الذي حملت أنقره لواءه، وبالتالي، فإن حصول الزيارة بذاتها يؤْذن بتغير ربما في المواقف التركية ، خاصة وأن تركيا تحتاج الاستثمارات الإماراتية الموعودة في ظلّ استفحال الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها ، في ظلّ الانتكاسات التي مُني ليس الاقتصاد التركي الذي كان استقراره مَفخرة حُكم رجب طيب إردوغان، وخاصة استقرار الليرة التي عانى الأتراك من تقلّباتها طويلاً،.
ولعلّ أبرز تجلّيات الأزمة، تدهور الليرة الجديدة التي اعتُمدت في عام 2005 بعد حذف ستّة أصفار من المليون ليرة القديمة (حيث كان المليون يساوي دولاراً واحداً)، وبدأت تفقد قيمتها تدريجياً منذ سنوات، قبل أن تتقهقر بسرعة في الأيام الماضية لتُلامس الـ13 ليرة للدولار الواحد، بما يضع الاستقرار الاقتصادي التركي في مهبّ الريح.
ومنذ بداية عهد اردغان في عام 2002، حين كان رئيساً للوزراء قبل تحويل النظام إلى رئاسي، أقام إردوغان فلسفته الاقتصادية على مستويات فوائد متدنّية تشجّع المشاريع كبديل للاستثمار في المدّخرات لدى البنوك، وقاوم ضغوطاً شديدة، وخاصة في السنوات الأخيرة، من المؤسّسات المالية الدولية التي يسيطر عليها الغرب، لرفع الفائدة بهدف تأمين استقرار العملة، متسلّحاً بمقولة إن رفع الفائدة هو إيغال في الربا، ويبتعد بتركيا عن الاقتصاد الحقيقي المستقرّ، الذي يساوي استقرار الحكم. اليوم، وتبعاً لنتائج الزيارة التحضيرية التي قام بها مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد، إلى تركيا قبل 3 أشهر، والتي رافقها حديث عن استثمارات إماراتية كبيرة في هذا البلد، يدخل ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، قصر إردوغان، والمنطقة أمام مفصل تاريخي في ظل تغير التحالفات الدولية و الاقليميه ، أخذاً بتطوّرات دراماتيكية، ألا وهو فشل مشروع الإخوان المسلمين من مصر إلى سوريا إلى ليبيا إلى الخليج فأذربيجان.
والجدير ذكره، هنا، أن تركيا تستضيف معارضين إماراتيين من جماعة " الإخوان" ، وتُوفّر لهم منبراً للنشاط السياسي والإعلامي، وتأتي زيارة ابن زايد هذه بعد الكشف عن إدراج أبو ظبي، في أيلول الماضي، أربعة معارضين إماراتيين هم حمد الشامسي، ومحمد صقر الزعابي، وأحمد الشيبة النعيمي، وسعيد الطنيجي، على " قائمة الإرهاب" ، علماً أن بعض هؤلاء مقيمون في تركيا . وربما تحصل مساومات ومقايضات في هذا الموضوع ، ويذكر أن العلاقات بين البلدين توترت خلال السنوات الماضية بسبب تباين سياساتهما الإقليمية، فكل منهما تدعم طرفا مختلفا في ليبيا، كما أنهما تختلفان بشأن عدة قضايا من بينها أنشطة استكشاف الغاز في شرق البحر المتوسط.
وبدأت العلاقات في التحسن في آب/أغسطس بعد اجتماع مفاجئ بين أردوغان ومستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد.
زيارة محمد بن زايد تدشن لمرحله جديدة من العلاقات مع تركيا و تعكس مردود على الصعيد الاقتصادي ، وعلى هامش الزيارة وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد سلسلة من اتفاقيات التعاون الاقتصادي الأربعاء بعد سنوات من التنافس الإقليمي بين الدولتين.
وتضمنت الصفقات شراكات بين بورصات الدولتين وصناديق الثروة السيادية ومجالات الصحة والطاقة. وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية أن تقارب العلاقات يأتي وسط آمال تركية في جذب استثمارات مباشرة من الإمارات.وباتت تركيا بحاجة ماسة إلى تدفق نقدي لاقتصادها المتعثر، الذي تضرر جراء انخفاض قيمة العملة بنسبة 40 %، وارتفاع معدل التضخم والبطالة، وقال أوليفر أومس الذي يشغل منصبا في غرفة التجارة والصناعة الألمانية الإماراتية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الإمارات تستثمر في العديد من الدول من خلال شركات تابعة للدولة كجزء من خطتها الطموحة للتنوع وإن تركيا من بين تلك الأسواق.
وتدعم تركيا والإمارات، إلى جانب قوى إقليمية أخرى ذات ثقل مثل السعودية، أطرافا متنافسة في الصراع الليبي وشرق البحر المتوسط. وألقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو باللائمة على أبو ظبي في رعاية الفوضى في الشرق الأوسط وفي ليبيا قبل عام واحد فقط. وبدأت العلاقات في التحسن في آب/أغسطس بعد اجتماع مفاجئ بين أردوغان ومستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد. فهل دشنت الإمارات وتركيا عهد جديد من التعاون و يبقى السؤال عن انعكاساته على دول المنطقة التي تعيد تحالفاتها واعادة تموضعها وفق ما تمليه مصالحها
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت