الحكومة الفلسطينية أخفقت في تنفيذ برنامجها السياسي والاقتصادي والمشاريع المعلن عنها تبقى برسم التنفيذ

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله
  •  المحامي علي ابوحبله

 أقرت الحكومة الفلسطينية رزمه من المشاريع لمحافظات الخليل وجنين والقدس ونابلس وتقدر بملايين الدولارات وصرح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الاثنين 28/11/2021، “عشنا ظروف صعبة نحن والعالم و كورونا عصفت بالعالم وأنتجت متغيرات هائلة في العملية الإنتاجية وإيرادات الدول”. وأضاف اشتية خلال مؤتمر صحفي في ختام جلسة مجلس الوزراء في محافظة نابلس: “هناك عجز شهري من ناحية الرواتب وكنا نقترض من البنوك، لكن هذا الشهر قد لا نستطيع أن نقترض من البنوك”. وأوضح رئيس الوزراء ان “فاتورة الرواتب لوحدها تكلف السلطة الفلسطينية مبلغ 920 مليون شيكل، فيما تحتاج إلى 2.1 مليار شيكل شهريا لتغطية كامل مصاريفها”.وأكد اشتية على أن “أزمة الحكومة الفلسطينية ليست في تمويل المشاريع وإنما في توفير الرواتب”، مشيرا الى أن “العالم يساعدنا في المشاريع وحتى الآن لا يوجد مساعدات لتغطية فاتورة الرواتب”. وشدد اشتية على أن هناك شحاً كبيراً في الأموال المخصصة للرواتب، ونحاول أن نوازن، وتحدثنا مع دول عربية، معربا عن اعتقاده بأنها لن تترك فلسطين وحدها سياسياً ومالياً.واستعرض اشتية واقع السلطة الفلسطينية ماليا، وقال إن “الأموال التي تجنيها من 3 مصادر، وهي الضرائب المحلية والمقاصة والمساعدات الدولية”.
ونوه الى ان “الضرائب المحلية تبلغ قيمتها 300 مليون شيكل شهريا، أما أموال المقاصة، فتقدر بنحو 700 مليون شيكل شهريا، تخصم منها إسرائيل220 مليون شيكل، منها 100 مليون شيكل التي نصرفها على أسر الشهداء والأسرى، ويتبقى للسلطة ما مجموعه 800 مليون شيكل”. ولفت اشتية إلى أن العجز في موازنة عام 2021 وصل إلى مليار و400 مليون في الواقع، يعتبر موضوع الدين العام من المواضيع الهامة لانه يمس مستوى المعيشة والخدمات الضرورية للجيل الحاضر والأجيال المقبلة والعدالة الاجتماعية. حيث يتزامن طرح موضوع تر اكم الدين العام والمتأخرات المستحقة للقطاع الخاص والأجور الخاصة مع ألازمه ألاقتصاديه التي تعاني منها السلطة الوطنية الفلسطينية ونحن نستعرض مواقف الحكومة الثامنة عشر ونستعرض ما تحقق من برنامجها السياسي نجد بين ثنايا التصريحات بين الحين والآخر فشل في تحقيق ما وعدت الحكومة بتحقيقه ، صعدت حكومة اشتية بقرارات في محاولة للانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال الإسرائيلي، وبعد أيام قليلة تتراجع عن قرارات وتخرج بأخرى أقل حدة، فلماذا فشلت محاولات الحكومة في الانفكاك الاقتصادي مع الاحتلال . بدأ الحديث عن الانفكاك الاقتصادي، بعد وصول المفاوضات الثنائية بمرجعية اتفاق أوسلو إلى طريق مسدود، نتيجة لعدم التزام إسرائيل بالاتفاقات الموقعة، وإمعانها في التوسع الاستيطاني، ورفضها الاعتراف بمرجعية قرارات الشرعية الدولية. وحسب ما أعلنته الحكومه بجلستها بـ 20 أيّار/مايو2019، والتي أعلنت خلالها أهداف خطّة الحكومة، وهي: تشجيع الإنتاج الصناعيّ والزراعيّ والسياحيّ والحدّ من البطالة ومحاربة الفقر وإنشاء المدن الصناعيّة، وخلق مشاريع رياديّة.
 الحكومة الفلسطينية أعلنت عن خطة المائة يوم الاقتصادية، بقيمة 245 مليون دولار، التي أعلن عنها الدكتور اشتيه، اصطدمت بواقع عدم القدرة على الانفكاك التدريجي عن الاقتصاد الإسرائيلي، في وقت تستورد السلطة الفلسطينية 55 بالمائة من منتجاتها السلعية من الكيان الإسرائيلي ، أو عبرها، بمتوسط سنوي يزيد عن أربعة مليارات دولار، على رأسها الطاقة (كهرباء، وقود، غاز). وفي اجتماع مجلس الوزراء في 20 ايار/مايو حيث أكّد اشتيّة أنّ الخطّة تستند على الانفكاك عن إسرائيل تدريجيّاً والاعتماد على الذات من خلال مسارات تمّ بدء العمل ببعضها، مثل: وقف التحويلات الطبيّة إلى إسرائيل وتحويلها إلى المستشفيات الفلسطينيّة أو الأردنيّة أو العربيّة، وتعزيز المنتج المحليّ بالتركيز على المدن الصناعيّة وتوفير البنى التحتيّة لها، تعزيز الاستثمار في الطاقة النظيفة، وإعادة النظر في هيكليّة قطاع الكهرباء.
تبنت الحكومة خطة العناقيد التنموية: منذ بدء عملها منظورا تنمويا جديدا قائما على نظام العناقيد، وهو منظومة تنموية صيغت كي تُناسب الخصوصية الفلسطينية بالاستفادة من الميزة التنافسية لكل محافظة. وهدفت لخلق تنمية أفقية؛ أي إيجاد بنية تحتية متطورة في کل المحافظات، ثم الانتقال للتنمية العمودية؛ باستثمار الميزات التي تتحلى بها كل محافظة في سبيل تعزيز المنتج الوطني، وفي إطار الانفكاك التدريجي من التبعية الاقتصادية التي فرضها الاحتلال. وتعد عنقود قلقيلية الزراعي باكورة هذه الخطة الاقتصادية الشاملة، والتي ستجعل من المحافظة حديقة خضار وفواكه فلسطين: إذ رصدت الحكومه فيها أكثر من 23 مليون دولار للاستثمار في الخطه بالشراكة مع شركاء الحكومة في القطاع الخاص والمجتمع المدني. واتسع هذا العنقود ليشمل طوباس وجنين وطولكرم. واستتبعه عناقيد صناعية في نابلس والخليل. وسياحية في بيت لحم وإدارية خدماتية في رام الله، وغيرها من العناقيد التي ستشمل كل محافظات الوط وجميعها مازال برسم الوعود .
 لم يستثنى القطاع الصحي من التبعية للاحتلال، من خلال شراء خدمة التحويلات الطبية التي تتم للمشافي الإسرائيلية، واستيراد الأدوية الإسرائيلية إلى السوق الفلسطيني على الرغم من توفر بديل لها وطنياً. وتتنوع الأسباب المؤدية إلى هذه التبعية كعدم الثقة بالمنتج والخدمة الفلسطينيين، وضعف ثقافة المقاطعة، وغياب القرار الفلسطيني منذ العام 1998 مع انتهاء المرحلة الانتقالية من اتفاق أوسلو للانفكاك عن الاحتلال، وممارسات الاحتلال العنصرية ضد القطاع الصحي، إضافة إلى عدم وجود إطار قانوني ينظم العلاقة مع الاحتلال، ويقدم سياسات حمائية للخدمات والسلع المحلية.
مع تولي رئيس الوزراء محمد اشتية رئاسة الحكومة الفلسطينية العام 2018، وبدء الأزمة الاقتصادية بين السلطة وإسرائيل، اتبعت حكومته سياسة الانفكاك عن الاحتلال كسياسة وطنية تبعاً لقرارات المجلسين الوطني والمركزي في هذا الصدد، وبدأت بخطوات لتحقيق ذلك، ومنها الخدمات الطبية مع دولة الاحتلال.. وضعت الاستراتيجية الصحية الوطنية في أولوياتها توطين الخدمات الصحية، إلا أن مشكلة التحويلات الطبية بقيت مستمرة، وكذلك نقص الأدوية في السوق الفلسطينية على الرغم من اتّخاذ الحكومة الفلسطينية العام 2019 قراراً بوقف التحويلات الطبية إلى إسرائيل، أيضاً مع عدم وجود البدائل لذلك، إضافة إلى ارتفاع التكلفة في حال التوجه إلى دول أخرى مثل الأردن، ومصر، وتركيا، كما أظهرته أرقام وزارة الصحة لبعض التحويلات لتلك الدول العام 2018، وأيضاً قلة الإمكانيات البشرية والتخصصات.
 قرار وقف التحويلات الخارجية المفاجئ جعل من السياسات المقترحة صعبة التنفيذ في الوقت الحالي، فقد أشار أمين عام المجلس الطبي الفلسطيني الدكتور أمين ثلجي، إلى وجود نقص في المرافق الطبية والأطباء في بعض التخصصات مقارنة بما تطلبه منظمة الصحة العالمية، وأننا على عتبة الحد الأدنى من الأطباء (1.1 طبيب لكل 1000 نسمة) ويلزم رفع النسبة إلى (2.5 طبيب لكل 1000 نسمة كحد أدنى ) كذلك وجود عجز واضح في تخصصات مثل (الأورام، وأمراض الكلى والمسالك البولية، وأمراض القلب، وأمراض الدم، والجراحة العامة، وأمراض الأطفال، وأمراض العيون، وقسطرة القلب، وجراحة العظام والأعصاب) وهي الأمراض الأكثر سبباً للوفاة في فلسطين. يذكر أن الضفة الغربية يوجد فيها 7 أطباء أورام مقابل 3 ملايين نسمة، في حين أن غزة تمتلك 3 أطباء فقط؛ أي إن كل طبيب أورام يقابله 250 حالة أورام في الضفة وغزة بالمعدل، إضافة إلى وجود مناطق مثل مدينة رفح -مثلاً- لا تحتوي على مستشفيات مجهزة تجهيزاً متقدماً لتقديم رعاية ثانوية وثالثية.
 فشلت الحكومه في خطة استيراد النفط من العراق: اذ يستهلك الفلسطينيون، في قطاع غزة والضفة الغربية، شهريًا، نحو 80 مليون لتر من الوقود، وبلغت إيرادات الخزينة العامة من ضريبة المحروقات، في العام 2018، نحو 2.48 مليار شيكل، أي نحو ثلث عوائد المقاصة البالغة نحو 8 مليار.
 وتشكل ضريبة المحروقات (البلو)، بالإضافة إلى ضرائب أخرى، حوالي 55% من قيمة سعر الوقود المباع في إسرائيل وفلسطين.
 ويرى خبراء اقتصاديين أن استيراد النفط من العراق يحقق فوائد عدة للسلطة، لأن سعره أقل من مشتقات النفط المستورد من إسرائيل، وبالتالي تستطيع السلطة تحصيل عوائد ضريبية أعلى وخفض سعر البيع للمستهلك في نفس الوقت. وهذا يشكل حافزًا لمزيد من الانفتاح على الأسواق العربية بهدف التحرر التدريجي من قيود اتفاق باريس الاقتصادي وتحقيق الانفكاك الاقتصادي ، لكن توقيع المذكرة سبقه موافقة السلطة، بعد لقاء جمع شكري بشارة، وزير المالية الفلسطيني، بموشيه كحلون، وزير المالية الإسرائيلي السابق، بالقدس، بتاريخ 5/6/2019، على اتفاق جزئي يسمح لها باستيراد الوقود من إسرائيل من دون أن تدفع ضريبة المحروقات (البلو) للمورد الإسرائيلي، بحيث تتولى بنفسها جبايتها.
وأعلن حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية، بأن الاتفاق سيشكل مدخلًا لحل باقي القضايا العالقة. هذا الاتفاق يؤكد عدم جدية السلطة في تنفيذ قرارات المجلس الوطني وتوصيات المجلس المجلس المركزي ، التي تتعلق بالانفكاك الاقتصادي، بما في ذلك استكمال خطوات استيراد النفط من العراق.
 وما يؤكد ذلك أنها لم توقع اتفاقًا رسميًا، حتى الآن، مع الحكومة العراقية، بالإضافة إلى أن طرح فكرة استيراد النفط العراقي جاء في إطار بحث السلطة عن حلول لأزمتها المالية الناجمة عن أزمة أموال المقاصة. لذلك، ربما يكون طرح الفكرة ضمن ألمناوره وهدفه الاستخدام السياسي، أي الضغط على "الكابينت" الإسرائيلي ودفعه للتراجع عن قرار بدء تنفيذ قانون خصم مخصصات عائلات الشهداء والأسرى من عائدات الضرائب الفلسطينية، الذي اتُّخذ في شباط/فبراير 2019. بموجب اتفاق أوسلو وملحقاته أعطى السيطرة الأمنية لسلطات الاحتلال السلطه المطلقة على الحدود والمنافذ التجارية، البرية والبحرية والجوية. ولا تزال حكومة الاحتلال الصهيوني تتحكم بحركة المعابر الفلسطينية، بحكم الأمر الواقع، بالرغم من انتهاء المرحلة الانتقالية، وبالتالي لا تستطيع السلطة استيراد النفط عبر الأردن من دون موافقة إسرائيلية، سواء عبر المعابر البرية، أو من خلال ميناء العقبة الأردني ، وعلى الأرجح، لن تسمح سلطات الاحتلال استيراد السلطة للنفط العراقي عبر الأردن، والاستغناء عن النفط الإسرائيلي، لأن ذلك قد يشجع السلطة على الانفتاح على الأسواق العربية، باتجاه التخلص التدريجي من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي.
وربما كان من أحد دوافع قرار إسرائيل السماح للسلطة باستيراد الوقود الإسرائيلي من دون تسديد الضريبة للشركات الإسرائيلية؛ هو تقديم إغراءات تحول دون توجه السلطة نحو استيراد النفط العراقي. فشلت الحكومة بوعدها بإنشاء بنك حكومي ، ففي مطلع يونيو/ حزيران 2020 أصدر مجلس الوزراء في رام الله، قراراً بإنشاء بنك حكومي قال في حينه إن الغرض منه صرف رواتب الأسرى وعائلات الشهداء والجرحى بدرجة أساسية، فضلاً عن إدارة المال العام، ومضت الحكومة فيما بعد في اتخاذ أولى الخطوات العملية لإنشائه، فعينت بعد قرابة الشهرين مديرا عاما للبنك وهو بيان قاسم.
وصرح قاسم في أكثر من مناسبة بأن البنك لن يكون منافساً للبنوك التجارية الأخرى، وأنه سيقدم الخدمات للجهات الحكومية، إضافة لإدارة حسابات المنتسبين والمستفيدين من موارد الدولة، كالموظفين العموميين والمتقاعدين والشؤون الاجتماعية والأسرى والجرحى وما شابه. لكن ما حدث أن بيان قاسم أعلن استقالته مطلع أغسطس 2021م، من منصبه بعد مرور نحو عام على وجوده، وسط تضارب وراء أسباب الاستقالة، فمصادر حكومية ذكرت أن الاستقالة جاءت على خلفية اختلاف الرؤى ووجهات النظر تجاه آلية عمل البنك والرؤية المستقبلية له، وأن الحكومة تتجه لتحويل البنك إلى مؤسسة مصرفية والحصول على رخصة من سلطة النقد، في حين قال قاسم إن أسباب استقالته شخصية وخاصة به، وانتهاء العقد الموقع مع الحكومة.
 قرار استقالة قاسم توقعه مراقبون اقتصاديون مسبقاً، بل ذهبوا إلى أن حكومة رام الله ستفشل في تطبيق الهدف الأساسي من وراء إنشاء البنك، مستندين إلى حالة الغموض المكتنفة بعمل البنك وتغيير اسمه أكثر من مرة، فضلاً عن اعتراض البنوك التجارية على وجود بنك حكومي يزاحمها في السوق. لقد بينت النتائج أن الحكومة لم تحقق أي انجاز فيما يتعلق بالانفكاك الاقتصادي وإحداث تنميه اقتصاديه وزيادة العجز المالي وأن أسباب ارتفاع الدين العام هو نمو النفقات والتوسع المؤسساتي وغياب الأسس السليمة في التنمية دون النظر إلى الظروف الاقتصادية وحجم الموارد التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية. كذلك حجم ا ملفات الفساد المعلن عنها، وانخفاض الضرائب المحلية، وعدم قدرة السلطة فرض ضرائب أخرى. والاهم هو سيطرة الاحتلال الاسرائيلي على الموارد المحلية والحدود والتحكم في تحويلات المقاصة، جميعها أسباب جوهرية في ارتفاع حجم الدين العام.
 فقد عمدت السلطة الفلسطينية إلى نمو سريع في المؤسسات الحكومية سواء كانت المدنية والعسكرية ومحاولة محاكاة الدول المتقدمة وبالتالي زيادة النفقات السنوية التي أثقلت عبء الموازنة مقارنة مع حجم الموارد التي تسيطر عليها. أيضا في ظل غياب الشفافية والرقابة وزيادة الفساد وعدم التحكم في الإيرادات المحلية المتمثلة بمبالغ المقاصة، وتحكم الاحتلال الإسرائيلي على كامل الحدود والموارد الطبيعية من الغاز والنفط والمياه. وبالنتيجة فان الحكومة الفلسطينية تقف عاجزة عن إيجاد الحلول لحل ألازمه التي تعاني منها بانتظار دعم الدول المانحة لانقاذها من ازمتها وهذا يؤكد ان المشاريع المعلن عنها مشاريع تنتظر التمويل

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت