جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) المطالبة بعقد مؤتمر دولي للسلام وفقا لقرارات الشرعية الدولية، يهدف لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس، محذرا من "أنه إذا استمر الاحتلال في طغيانه وممارساته العدوانية ضد شعبنا وأرضنا بعاصمتها القدس، ستكون لنا خياراتنا وإجراءاتنا في وقت قريب."
وقال أبومازن في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التونسي قيس سعيد، يوم الأربعاء، "لا يمكن أن ننسى دعم الشقيقة تونس وشعبها الشقيق، لدولة فلسطين وشعبها في مراحل نضاله المتعاقبة، وفي الهيئات والمنظمات الدولية كافة."
وأضاف "تربطنا بتونس الخضراء، قيادة وشعبا علاقات أخوية راسخة نعتز بها كثيرا، ولا ننسى أيامنا في تونس في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، ولا يمكن أن ننسى عودتنا من ربوع هذه الديار الطيبة إلى وطننا لنبني أسس دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس."
وأشار إلى أنه بحث مع الرئيس سعيد العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وأطلعه على آخر المستجدات الفلسطينية، وتبادلا الرأي في مجمل الموضوعات التي تهم البلدين، وما يعزز العلاقات الأخوية بينهما في جميع المجالات، وتفعيل الاتفاقيات الموقعة بما يعزز الشراكة بينهما.
وبين أنه بحث مع نظيره التونسي، الوسائل الكفيلة بإنجاح مؤتمر القمة العربية القادمة، الذي سيعقد في الجمهورية الجزائرية الشقيقة، وأكدنا ضرورة استعادة اللحمة للصف العربي، والخروج بالقرارات والتوصيات التي تعود بالخير والرخاء على أمتنا وشعوبها في أقطارها كافة.
وأعرب أبومازن عن ثقته التامة بأن تونس وشعبها الشقيق سينجحان في تخطي الصعاب والتحديات الحالية التي تواجهها بهمة واقتدار.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس عباس في المؤتمر الصحفي مع نظيره التونسي:
بسم الله الرحمن الرحيم
سيادة الأخ الرئيس قيس سعيد
أثمن وأقدر وأوافق واحترم كل كلمة قلتموها في خطابكم هذا، ونحن نحترم ونقدر الشعب التونسي، ونقول كلمة تعودنا عليها دائما، إننا خرجنا من تونس إلى فلسطين، خرجنا من تونس وعدنا إلى فلسطين وكانت تونس هي المحطة الجميلة الرائعة التي عشنا فيها سنوات عظيمة مؤيدين مرحبا بنا مدعمين من كل فرد تونسي ومن كل حكومة تونسية، شكرا لكم فخامة الرئيس.
يسرني أن أتوجه في ختام اجتماعنا هذا بالتعبير عن بالغ سعادتي بلقائكم، وجزيل الشكر وعميق التقدير لسيادتكم على كرم الضيافة وحرارة الاستقبال في رحاب تونس الخضراء، هذا البلد العزيز الذي تربطنا بقيادته وشعبه علاقات أخوية راسخة نعتز بها كثيرا، فنحن لا ننسى أيامنا في تونس في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، وفي هذا الوطن التونسي المضياف لمسنا وما زلنا، عمق أواصر الأخوة التونسية-الفلسطينية، كما أننا لا يمكن أن ننسى عودتنا من ربوع هذه الديار التونسية الطيبة إلى وطننا لنبني أسس دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.
لقد كانت الفرصة سانحة اليوم لبحث العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك مع أخي سيادة الرئيس قيس سعيد، وأطلعته على آخر المستجدات الفلسطينية، وتبادلنا الرأي في مجمل الموضوعات التي تهم بلدينا وشعبينا الشقيقين، وما يعزز العلاقات الأخوية بينهما في جميع المجالات، وتفعيل الاتفاقيات الموقعة بما يعزز الشراكة بين بلدينا وشعبينا الشقيقين.
وقد أطلعت سيادة الرئيس على معاناة أبناء شعبنا الفلسطيني الذين يعيشون في فلسطين تحت نير الاحتلال والقهر والاضطهاد، ومن يعيش منهم في مخيمات اللجوء في فلسطين ودول الجوار والعالم، وأكدت لسيادة الرئيس، أننا لن نقبل ببقاء الاحتلال والابارتهايد الإسرائيلي لأرضنا وشعبنا، ولن نقبل بالاعتداءات على هوية وطابع وأهل القدس، ولا على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وكنيسة القيامة، ولن نقبل بمواصلة عمليات القتل وهدم المنازل والتنكيل بأسرانا واحتجاز جثامين شهدائنا، ولا بمواصلة حصار قطاع غزة.
هل تتصورون يا سيدي أن اسرائيل تحتجز مئات جثامين الشهداء لديها، لا لشيء الا لعقاب أهالي الشهداء، لأن الشهيد استشهد وقام بواجبه، واسرائيل منذ سنوات تحتجز جثامين هؤلاء.
من ناحية أخرى، فإننا نمد أيدينا للسلام في إطار مؤتمر دولي ينعقد وفقا لقرارات الشرعية الدولية،
التي وضعوها والتي قرروها قد نقبل بها وقد تكون مجحفة وقبلنا بها لكنهم لم يقبلوا بها،
ويهدف -المؤتمر- لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس، وأؤكد بأنه ستكون لنا خيارات وإجراءات في وقت قريب، إذا استمرت سلطات الاحتلال في طغيانها وممارساتها العدوانية ضد أبناء شعبنا وأرضنا بعاصمتها القدس.
نعم خلال شهر من الآن سنعقد المجلس المركزي لاتخاذ قرارات، ونحن نعني ما نقول، لم تعد لدينا الطاقة للانتظار والتحمل، سنأخذ القرارات التي تفيد شعبنا وفي إطار الشرعية الدولية ولن نخرج عنها.
وفي نفس الوقت، سنواصل العمل من أجل توحيد أرضنا وشعبنا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون جميع القوى المشاركة فيها ملتزمة بالشرعية الدولية، هذا ما نسعى له وهذا ما تحدثنا به مع فخامة الرئيس سعيد، وكذلك مع فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، وقلنا نتمنى أن تقوم كلتا الدولتين بمساع من أجل وحدة الصف الفلسطيني، لأنه آن الأوان أن ينتهي هذا الانقسام البغيض الذي لا يفيد أحدا ويضر بقضيتنا وشعبنا، علينا أن ننهيه بأقصى سرعة ممكنة.
وقد تناولنا أيضا بالبحث، المسائل المصيرية التي تهم أقطار أمتنا العربية المجيدة، وبحثنا الوسائل الكفيلة بإنجاح مؤتمر القمة العربية القادمة التي ستعقد في الجمهورية الجزائرية الشقيقة، وقد أكدنا ضرورة استعادة اللحمة للصف العربي، آن الأوان أيضا أن تنتهي تلك الانقسامات التي لا ضرورة ولا قيمة لها إلا ايقاع الضرر بالأمة وبكل آمالاها وأهدافها، نتمنى أن تكون قمة الجزائر هي المكان الطبيعي لعودة اللُّحمة العربية مرة أخرى.
أخي سيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد،
نشكركم على مواقفكم الثابتة والمبدئية المشرفة والداعمة للحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني، ونشكر الدولة التونسية والشعب التونسي الشقيق على دعم دولة فلسطين وشعبها في مراحل نضاله المتعاقبة، وفي الهيئات والمنظمات الدولية كافة، وفي كل ما تقدمونه وما أعلنتموه الآن، وهذا ليس جديدا عليكم، من دعم في مجال الثقافة والتعليم ونعرف أن تونس لا يمكن ان تبخل على الشعب الفلسطيني بشيء.
كما أشكركم سيادة الأخ الرئيس على كرم الضيافة الذي حظينا به من سيادتكم، والذي نعتبره تكريما لأبناء الشعب الفلسطيني كافة، متمنيا لسيادتكم شخصيا موفور الصحة والسعادة، وللجمهورية التونسية وشعبها الشقيق العزيز، دوام الرخاء والتقدم والاستقرار، الذي تقودون البلاد لتثبيت أركانه، وأنتم لها سيدي الرئيس، ونحن على ثقة تامة بأن تونس وشعبها الشقيق الكريم المضياف سينجحان في تخطي الصعاب والتحديات الحالية التي تواجهها بهمة واقتدار إن شاء الله.
ندعو الله لتونس بمزيد من التقدم والازدهار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- الرئيس التونسي: سنقتسم معكم رغيفنا لأننا مؤمنون بالحق الفلسطيني وسنبقى ثابتين على موقفنا الراسخ
بدوره، رحب الرئيس التونسي قيس سعيد بالرئيس محمود عباس، معبرا عن شكره العميق لتلبية دعوته لزيارة تونس وعقد اللقاء الثنائي الأخوي، الذي هو الأول من نوعه بين الرئيسين، بعد العديد من المكالمات الهاتفية التي أجرياها في العديد من المناسبات.
وأعلن سعيد، أن بلاده مستعدة لرفع أعداد المنح والمقاعد الأكاديمية المخصصة للطلبة الفلسطينيين في تونس، والعمل على تطوير آليات التعاون مع دولة فلسطين في كل المجالات، وعلى رأسها الصحة والتكوين المهني والتدريب.
وأكد أن تونس ستواصل العمل على تطوير العلاقات الثنائية مع فلسطين في كافة المجالات رغم أنها دولة محدودة الإمكانيات، وقال: "سنقتسم معكم رغيفنا لأننا مؤمنون بالحق الفلسطيني ولن نتردد في التعاون الكامل، وسنبقى ثابتين على موقفنا الراسخ من القضية الفلسطينية".
وشدد الرئيس التونسي على أن استعادة الحق الفلسطيني لا يكون إلا بوحدة الصف وتناسق الشعب الفلسطيني وتناغمه ونبذ الخلافات الداخلية التي لا تخدم إلا الكيان المحتل.
وأضاف: "أنا على يقين من أن الوحدة بين كل فصائل منظمة التحرير، هي التي يمكن أن تمهد الطريق لتحرير فلسطين دون أي تدخل في القرار الفلسطيني ودون أي وصاية على القرار المستقل".
وأشار إلى أن اللقاء مع الرئيس محمود عباس بحث وحدة الصف الفلسطيني والعربي، انطلاقا من أن انقسام الصف يؤدي إلى إضعاف العمل الوطني من أجل تحرير فلسطين، عدا عن أن هناك من يستغل الانقسامات لتغييب الحق الفلسطيني.
وقال، "إن أكبر الأخطار التي تتهدد الأمة والقضية والحق هو الخطر الداخلي وليس الخطر القادم من الخارج. لا بد من أن نلتقي وتكون طريقنا واضحة من أجل تحرير فلسطين".
وأضاف، "أن الحركة الصهيونية حاولت بكل السبل دون جدوى إخراج الحق الفلسطيني من دائرة اهتمام المواطن العربي والعالمي، إلا أنها فشلت في ذلك، لأن هذا الحق في وجدان كل حر في العالم وفي الوطن العربي".
وطالب الرئيس التونسي برفع المظلمة عن الشعب الفلسطيني القائمة منذ عدة عقود، وأكد ضرورة احترام وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، التي تم القبول بها عربيا رغم ما يعتريها من نقص وظلم.
وقال في هذا السياق، "هم وضعوا القرارات والتوصيات وغيرها من النصوص ولكن تنكروا إليها، وتحدثت مطولا مع الرئيس محمود عباس عن هذه المحطات وعن العمل الذي يجب أن نسير في طريق جديد من أجل تحقيقه".
وشدد الرئيس التونسي قيس سعيد على أن فلسطين ليست بستانا حتى تكون موضوع صفقة كما حاولت صفقة القرن الترويج له، وأن الحق الفلسطيني ليس في سوق ولكنه حق مشروع بكل المقاييس حتى بتشريعاتهم الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يتوجب احترامها.
وعقب المؤتمر الصحفي أقام الرئيس التونسي، مأدبة غداء على شرف رئيس دولة فلسطين محمود عباس، والوفد المرافق.
وحضر مأدبة الغداء، عدد من المسؤولين التونسيين.