- بقلم / مصطفى النبيه
لكل المدافعين عن الأفكار الخبيثة، لكل من يطلقون الشعارات الكاذبة الرنانة ،الحمد لله شبعنا من مسرحية الحريات ومن التغني باسم فلسطين اتضحت الصورة جيدا ،واليوم و بعيدا عن الرياء وبحضرة المثقف المخصي والسياسي المنافق والعبيد بالفطرة.
أتساءل ما معنى حرية؟
وهل الفن أن نتعرى فكريا وأخلاقيا وننام في حضن من يدفع أكثر؟
أيعقل أن المقصود بالحرية والفن إباحة الفوضى و التشهير بأخلاق الشعب والتشكيك بمنجزاته وتجريده من إنسانيته وتصويره بالوحشية والتطرف المطلق، مقابل تلميع المحتل وخلق صورة له مناقضة لما تم الحديث عنه، فنراه يتمتع بأخلاق إنسانية ومشاعر فياضة .
أيعقل أن الفن هو التطبيل والخيانة !!
فيلم "أميرة "بعيدا عن فلسطين والقضية الفلسطينية فيلم جميل. ولكن، بكل دهاء وبعناية فائقة وحرفية عالية تم بناء السيناريو للقدح بالكل الفلسطيني وتصويره وكأنه وحش، فأميرة ابنة الأسير تنبذ بدون جرم تقترفه، عندما يكتشفوا أنها خلقت من نطفة السجان بعد تبديلها بنطفة والدها وهي التي عاشت طفولتها وصباها تحب والدها الأسير وتدافع عنه بقوة وتنتمي للواقع الفلسطيني بكل تفاصيله..
سؤال للقائمين على الفيلم هل تم البحث عن الإسرائيليات اللواتي تزوجن من فلسطينيين ومازالوا لحتى الآن يعشن بيننا في أراضي السلطة مكرمات، هل تم سؤالهن عن المجتمع الفلسطيني وكيف ينظر لهن؟
الفلسطيني لم يقاتل لأجل القتل فهو يحب الحياة ، بل يناضل من أجل حياة حرة كريمة ، فلا يعقل أن مناضل قام بتربية طفلة على أنها ابنة أخيه وتعلق بها كابنته ،عندما يكتشف أنها من نطفة السجان، يتنازل عنها ويساعدها بأن تقوم بعملية استشهادية لتطهر نفسها مرغمة من ذنب لم تقترفه والأبشع من ذلك حبيبها والذي سيكون زوج المستقبل يمد لها يد العون لتنفيذ عملية استشهادية، وبهذا يجردنا المخرج من أي عاطفة ومشاعر إنسانية، فنحن بالنسبة له مجتمع بدون أخلاق،عكس المحتل فقد تطوع المخرج بترويج الصورة التي يبثها الاحتلال ،أن الدافع الرئيسي وراء العمليات البطولية هو الخوف من المجتمع ومن يقوم بها هم الضحايا المرغمين ليطهروا أنفسهم وعائلاتهم ،كما حدث سابقا وشاهدناه بفيلم " الجنة الآن " كما قدم لنا المخرج الجندي الإسرائيلي المنظم الإنساني فمثلا ..نراهم يركضون خلف أميرة ويحذروها ثلاث مرات قبل تنفيذ القانون ، وعند رفضها الانصياع للأوامر يتم إطلاق النار عليها،ويردوها شهيدة، رسالة جميلة بحق العدو من مخرج أغمض عينيه عن عمليات الإعدام المتكررة بالقدس من قبل جنود الاحتلال وابتكر لهم صورة من أحلامه تصورهم على أنهم ملائكة ليقول للعالم أنهم يستبسلون في تنفيذ القانون لحماية دولتهم.
ويواصل المخرج صب العواطف على المجتمع الإسرائيلي فنتابع الفيلم ونرى الدكتور يستدعي السجان المسؤول عن النطفة بعد أن وجد في يد أميرة بعد استشهادها ، قصاصة ورق تحمل بها عنوانه وعند مشاهدة السجان لأميرة وهي مستشهدة يسترجع الذاكرة فيتأثر عاطفيا وإنسانيا.
فيلم "أميرة" مجرد نبتة شيطانية خلقت لتنخر في جذور المجتمع الفلسطيني ، قام على صناعته شريحة تعشق الأضواء وتحلم بالصعود على جثة شعب يبتكر فنون الحياة ليعيش بكرامة وكأن التجارة في الكل الفلسطيني أصبحت هدف مشروع ومباح ،تجارة رائجة يمارس بشاعتها أدعياء السينما المتسلقين ؟
بعد تجربتي مع أهالي الأسرى ما يقارب أكثر من سنة ورصدي لمعاناتهم وتسليط الضوء على زوجة أسير أنجبت من خلال النطف المهربة، أثناء إخراجي لفيلم "الزمن المفقود" وبعد مشاهدتي اليوم لفيلم أميرة ،أستطيع القول .. أن الفيلم بني على كذبة فتبديل النطفة أقرب إلى الخيال وهناك أكثر من طريقة آمنه يتبعها الأسرى ولا نريد الإفصاح عنها كي لا نتطوع ونقدم معلومات مجانية للعدو.
أما بخصوص خلع النساء من أهالي الأسرى ملابسهن كاملة أثناء الزيارة فهو عاري عن الصحة ،ليس لأن المحتل يتمتع بالأخلاق كما تم تصويره بل لأن النساء الفلسطينيات مناضلات يتباهين بطهرهن وعفتهن وتصديهن للمحتل، فكيف تهون عليهن أنفسن ويتعرين بشكل كامل أمام المحتل ليتم كسر نفسية الأسير وإذلاله وكيف سيسمح الأسير لنفسه بهذه المهزلة .
لقد قمت بتوثيق هذا التجربة البطولية من خلال حديث المناضلة "أم إبراهيم بارود" عن معاناة أهالي الأسرى أثناء الزيارة في فيلم "الزمن المفقود " وعن تفتيش السجان وكيف يثوروا أهالي الأسرى لو تجاوز السجان حقه وتمادى بالتفتيش أو طلب خلع بعض أجزاء الملابس، فمن قال لصناع الفيلم أن أسرى الحرية وأهاليهم يتبرعوا للمحتل أن يبصروا أجسادهم عراة وكأن لحمنا مباح فإضرابات الأسرى المتواصلة لنيل حقوقهم تؤكد أنهم لن يتنازلوا يوما عن حقهم فكيف سيتنازلون عن عرضهم .
يبدو أن شبح الاوسكار أصبح يطارد شريحة مريضة في المجتمع السينمائي خطفت الأضواء عقولهم فاختاروا أنبل قضية ليتم التشهير بها ونسوا أن في كل بيت فلسطيني أسير وبهذا الفيلم يتم قذف العوائل الفلسطينية وذبح مجتمع بأكمله والتأثير السلبي على نفسية الأسرى داخل السجون ليعيشوا التشكيك والهوس . . وأخيرا إن لم يكن هدف الفيلم التجارة بالقضية الفلسطينية فأتمنى على طاقم العمل أن يروي لنا الهدف المرجو من هذا العمل بعيدا عن جائزة أوسكار .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت