-
غادة عايش خضر
ويرفرف العمر الجميل الحنون ، ويفر ويفرفر في رفة قانون.......في هذه الأيام ترفرف قلوبنا نابضة نحو الزمن الجميل وأبطاله ، من أمهات وأباء وأبناء وأجداد ، فكانت أمهات الزمن الجميل يطالبن أبنائهن دوماً بالضحك بوجه أبائهم حين عودتهم من العمل الى البيت ،فالعالم الخارجي موحش ، ويرددن عبارة رائعةً ومعبرةً في آن واحد ، بأن الأب لن يُكرره الزمن ، ولكن فى عام ١٩٨٧ لم يعد أربعة من الأباء الى بيوتهم كباقى الأباء في العالم، بل رحلت ارواحهم وعادت اجسادهم فقط محمولة على الأكتاف ، إعلم أن هؤلاء من فلسطين ، تحديداً من شمال قطاع غزة ، من بلدة جباليا ، فمنذ ٣٤ عاماً قام سائق شاحنة اسرائيلي بدهس مجموعة من العمال الفلسطينين على حاجز ايرز الإحتلالي ، مما أدى الى استشهاد أربعة عمال وجرح سبعة أخرين ، جلهم من سكان جباليا البلد ومخيمها ، فيما لاذ سائق الشاحنة بالفرار على مرآى جنود الإحتلال ، اغتيال في وضح النهار ، ولكنه جلب للعدو الدمار ،
وسادت حالة من الإنهيار لأجهزته العسكرية والسياسية ، هذه الجريمة البشعة أجبرت اسرائيل على توقيع اتفاق اوسلو والانسحاب من معظم مناطق القطاع واجزاء من الضفة فيما بعد ، حيث تحولت جنازات الشهداء الأربعة الى بركان من الغضب تفجر وفاضت حممه في غزة والضفة واراضى ٤٨، السلاح الفلسطينى كان الحجر و التوكل على رب البشر ، وخلال سنوات الانتفاضة استشهد ١٣٥٠ فلسطيني والاف الإصابات ، فيما استخدمت اسرائيل كل ترسانتها العسكرية ضد الشعب الأعزل ، واتبعت سياسة تكسير العظام ، لكن فشلت اسرائيل بكل عنفها وعنفوانها في تكسير الوحدة الفلسطينية في ذاك الوقت ، انتفاضة زلزلت الكيان الصهيونى ،و تميزت بأنها وحدت الأرض الفلسطينية ، فالثورة شملت غزة والضفة واراضي ٤٨ فى آن واحد ، وأكدت على ان منظمة التحريرالفلسطينية هى الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطينى أينما وُجِد في أنحاء المعمورة ،
وجعلت القيادة الفلسطينية تبحث امكانية تشكيل حكومة في المنفى رغم أنف العدو، وكان الإلتحام الشعبي حاضراً وبقوة طيلة سنوات الانتفاضة ، فهى اثبتت للعالم أجمع ان المواجهة ليست بالعدد ، والقوة ليست بالسلاح ، بل أقرت بالوحدة مرتكزاً اساسياً للفوز والإنتصار ، واضطر المجتمع الدولي والكيان الاحتلالي الى إيجاد حل لها ، وذلك من خلال توقيع اتفاقية اوسلو ١٩٩٣م ، أما الان تقوم المقاومة باطلاق مئات الصواريخ والقذائف نحو الخط الاخضر وتحفر الانفاق ، وترد اسرائيل بقصف عشوائي يطول البشر والشجر والحجر ورغم قوة المقاومة الحالية ، فلا اسرائيل ولا العالم يفكر فى ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية ..... لماذا؟؟؟ لأننا نفتقد الى الوحدة .... فيا دعاة الوحدة ومُرَدِدي حروفها ومشتقاتها على المقاهي و الإعلام ، ويا أصحاب الإنفصال والإنقسام ، الوحدة هى الورقة الأقوى كانت لدينا ، والأضعف للكيان .
فكل الشكر لمدينتى جباليا ومخيمها ، كل التقدير والاحترام للشرارة الأولى واصحابها ، وكل الحب والود لإنتفاضة وحدت الوطن ، وآلفت بين أبناء الشعب ، وحلَّقت عالياً بالقضية الفلسطينية نحو السماء ، رافعة رايات العز والشموخ ، فَروحٌ وريحان لشهداء أرض كنعان.
بقلم غادة عايش خضر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت