شيعت الجماهير الفلسطينية بمحافظة نابلس، يوم الاثنين، جثمان الشهيد جميل محمد الكيّال (31 عاما)، في مراسم شعبية وعسكرية مهيبة.
وانطلق موكب التشييع من أمام مستشفى رفيديا في مدينة نابلس، بمشاركة المحافظ إبراهيم رمضان، وممثلين عن الفعاليات الوطنية والرسمية، وصولا إلى ميدان الشهداء، وأدى المشاركون الصلاة على الجنازة، قبل أن يلقى نظرة الوداع الأخيرة بمنزل عائلته في البلدة القديمة، ويوارى الثرى في المقبرة الشرقية.
وخلال ذلك، قمعت الأجهزة الأمنية الفلسطينية المشاركين بجنازة الشهيد الكيال بعد ظهور مسلحين ملثمين محسوبون على كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، حيث أطلقوا الرصاص في الهواء، في ظل وجود قوات الأمن الفلسطيني، التي ردت، أيضا، بإطلاق النار في الهواء وقنابل الغاز المسيل للدموع تجاه المشاركين في الجنازة.
وأفادت مصادر محلية بأن حالة من الفوضى العارمة حدثت، وبدأ الناس يركضون في الاتجاهات المختلفة هروبا من الرصاص والغاز المسيل للدموع الذي أدى إلى وقوع إصابات بالاختناق.
في هذا الوقت، كان عدد قليل من المشيعين ما يزال يحمل جثمان الشهيد، حيث حاولوا تأدية الصلاة على جثمانه، لكن كثافة النيران والغاز حالت دون ذلك، فنقلوا الجثمان إلى داخل أزقة البلدة القديمة في نابلس، ومن هناك جرى نقله إلى المقبرة لمواراته الثرى.
وقالت مصادر محلية، إن اتفاقا ضمنيا كان يقضي بعدم ظهور مسلحين في الجنازة، لكن وجود قوات الأمن الفلسطيني على مسافة قريبة من جنازة الشهيد استفز الشبان الذين أطلقوا الرصاص في الهواء.
و قال محافظ نابلس اللواء إبراهيم رمضان إن بعض "العابثين" أطلقوا النار بالقرب من جنازة الشهيد جميل الكيال ليرد الأمن بإطلاق قنابل الغاز بعد ذلك.
وأضاف رمضان في تصريحات صحفية، "بالأمس قام الإسرائيليون بقتله، واليوم جئتم لإطلاق النار بجانبه، هذه قمة الوقاحة، سأبقى أحارب هذا الأمر بصفتي محافظًا لنابلس وأتصدى له"، مستكملاً: "في أعقاب إطلاق قنابل الغاز المشاركون تضايقوا بعض الشيء فيما استقرت الأوضاع حاليًا".
وواصل قائلاً: "إطلاق النار الذي تم خلال الجنازة لا يجوز تقديرًا لكل شيء وطني ولكل شيء له علاقة بالشهادة".
في سياق آخر، أكد محافظ نابلس على منع أن مسؤولة إعلان الإضراب الشامل تقتصر عليه كمحافظ أو الجهات الحكومية المسؤولية أو لجنة التنسيق الفصائلي.
من جهته، استنكر عضو لجنة التنسيق الفصائلي في محافظة نابلس محمد دويكات، قمع الأمن الفلسطيني مسيرة التشييع، وقال إن ظهور مسلحين لا يتم التعامل معه بهذه الطريقة.
وتابع المصري "لا يمكن أن يمر هذا الحدث مرور الكرام، سنتابعه مع الجهات المختصة للوقوف على الأسباب التي أدت إلى وقوعه، وضمان عدم تكراره".
وذكرت مصادر محلية أن عشرات المواطنين أصيبوا بحالات اختناق جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته أجهزة الأمن صوبهم.
واعتبر مدير الإغاثة الطبية في محافظة نابلس الدكتور غسان حمدان، أن "اعتداء أجهزة السلطة على موكب التشييع، بحجة وجود مقاومين مسلحين في الجنازة، خطأ جسيم."
وشدد حمدان على أن "تصرف السلطة غير مقبول ومرفوض بالمطلق، ويعبر عن الحال المأساوي الذي وصلت له الحالة الفلسطينية بالضفة الغربية."
وفي وقت سابق اليوم، عم الإضراب الشامل مدينة نابلس حدادا على الشاب الكيال، حيث أقفلت المحلات التجارية أبوابها وخلت الشوارع من المركبات.
وبعد منتصف ليل الأحد-الإثنين، استشهد الشاب جميل الكيال من حي رأس العين في نابلس إثر اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في محيط البلدة القديمة بنابلس.
واقتحمت قوة كبيرة من الاحتلال حي راس العين بهدف اعتقال شاب فاندلع اشتباك مسلح مع مقاومين فلسطينيين أسفر عن إصابة الشاب الكيال بجراح خطرة في الجزء العلوي من جسده، ونُقل إلى مستشفى رفيديا بنابلس لتلقي العلاج، قبل أن يعلن عن استشهاده.