- كتب ✍ ناصر اليافاوي
فى حارتنا القديمة ببلوك 3 أحد بلوكات مخيم البريج الإثنى عشر، كان جيش الا.حتلال الغاشم يطلق النار على كل شيء يتحرك فى شوارع المخيم ، لرعب أصابهم من نشاط الفدا.ئين فى مخيمي رمز الثورة ..
فى حرب أكتوبر سنة 1973م كنت فى الصف الثالث الابتدائي، نلهو فى أرض زراعية متاخمة لخط السكة الحديد المار غرب المخيم ، وبالصدفة وجدت كلبة صغيرة وحيدة بعد أن قامت دورية من جيش الا.حتلال بقتل أمها بعد مهاجمتها لهم ، لإن الكلاب أيضا كانت تكره الإحتلال ورائحة بنادقهم ..
حملت الكلبة ، وصنعت لها كوخا صغيرا على باب منزلي المتواضع، وأسميتها لوسي، وكنت أشاركها يوميا جزء من الحليب التى كانت توزعه ( الطعمة ) مركز تغذية اللاجئين على مدارس الأونروا ..
كبرت الكلبة لوسي ، وبحدس الحيوان الوفي ، كانت تكره جيش الاحتلال، وتنبح بشدة حين تراهم أو تشم رائحة بنادقهم الملوثة ، وفي فجر يوم جمعة من شهر أكتوبر ، لاحقت عصابات الصها.ينة ثلة من فدائي المخيم ، فى منطقتنا ذات البيوت متشابكة الأسطح كونها كانت مخلفات الكتيبة البولندية إبان الحرب العالمية الأولى، أطلق سكان المخيم عليها ( قاووش) ، فنبحت الكلبة لوسي عليهم وهاجمتهم بشراسة ، كرها لهم ومحاولة وفية منها لعرقلتهم عن اللحاق بالفد.ائيين ، فما كان منهم إلا محاصرتها وإطلاق وابل من الرصاص وأردوها قتيلة بعد أن أثخنتهم بالجراح..
أفاق أطفال حارتي العتيقة منزعجين ، ووقفوا مندهشين أمام منظر جسد الكلبة الممزق بالرصاص .. أطفال حارتي جميعا كان حسهم الوطني عالي ، وعيونهم وصدورهم ملأى بالثورة ، وحق العودة، فدفعتهم طفولتهم المفعمة بالثورة ، أن يعملوا جنازة للكلبة لوسي تقديرا لمقا.ومتها للاحتلال ، تجمعت أنا وأخى خالد وأطفال جيراني آنذاك ( محمد وناصر وأيمن السوطري ، وناصر وخضر ابو سلطان ، وهاشم ابو حسنة ، ونعيم طه )
وأحضرنا لوحا من صفيح الزينجو ، وشيعنا الكلبة لوسي بجنازة طفولية إلى منطقة السكة ودفناها مكان مقتل أمها على يد الا.حتلال ، شمال مدخل البريج الرئيس ب50 متر بجوار المصلى الحالي..
أكتب تلك الرواية الشفوية، لأوصل رسالة ( أن كلبتى المغدورة لوسي كانت أكثر وفاء من المطبعين و المنبطحين )
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت