- بقلم محمد يوسف حسنة
جنا ليل الشتاء الطويل والكتابة عن عام مضى فيه شجون، فقد كان عام حزن وفراق أحبة، أيامه ثقال أصابتنا في مقتل وأتخمت أرواحنا بوجع الرحيل، وما زلنا في محاولات ترميم قلوبنا المحطمة علّنا نداوي عطش الروح للقاء، نتلمس الضوء وسط ظلام تُركنا فيه بلا دليل، نحاول الحياة ما استطعنا لذلك سبيلاً نعيش على استدعاء ذكريات الراحلين نسترجع كلماتهم نٌكرر بلا ملل سماع التسجيلات بأصواتهم، تغفو عيوننا وما غفت عنهم قلوبنا علّنا نظفر بهم في دقيقة حلم.
بين يدي عام 2021 هذا ما علمتني أيامه.
ألم الفقد
ضعفاء نحن أمام الفقد، ففراق الأحبة غربة وجرح لا يندمل مع الأيام، ورغم محاولتنا الاستمرار والمضي قدماً إلا أنّ ندوب القلب لا تشفى وتبقى الروح مثقلة بوجع الرحيل.
صعب ومؤلم أن ترى أطفال أصدقاء الروح وقد فُجعت قلوبهم برحيل أباءهم وتشاهد دموع عيونهم وهم يحاولون لملمة شتات مشاعرهم ينظرون للجسد المسجّى متسائلين أحقاً قد رحلت يا أبي أحقاً لن تعود، تخيلت نفسي تلك الطفلة وسط الحشود الهادرة تبكي أباها وشريط من الذكريات يمر كومضات سريعة أمامها تسأل برسم الإجابة، لمن تركتني يا أبي؟ من سيحتضني بعدك؟ من سيطلب من أخوتي التوقف عن إزعاجي؟ من سيُلبي طلباتي مثلك؟ من سيشاركني فرحي ونجاحي؟ كيف سأصمد ما قدر لي أن أعيش من سنين دون أن أناديك؟! صدمة حقيقة أن الوقت قد فات وأن الراحل لن يعود تجعلك تُدرك قيمة الوقت مع العائلة، وعليك حتى في قمة انشغالك أن تعمل للحظة قد لا تعود فيها.
المرأة جنة
المرأة جنة بيتها وركن أساس عائلتها وخيمة زوجها وسر أبيها وسند أخيها إن مرضت توقف قلب البيت عن النبض وعجز الزمن عن الدوران، إلا أنه من الظلم حد طموحها بجدران أربع ومن الأنانية أن تُضحي هي ليكون زوجها عظيما وأبناؤها ناجحون فيما يعتريها الرغبة في اكتشاف ذاتها والتحليق في فضاء إمكانياتها فالعطاء يجب ألا يُقابل إلا بالعطاء وقلب البيت النابض لا يجب أن يخبو وسط مسؤوليات وواجبات البيت.
كسب القلوب مقدم على كسب المواقف
كسب القلوب مقدم على كسب المواقف والتغاضي ليس جهلا والتسامح ليس ضعفاً والتعالي على الجراح قوة والعطاء دون انتظار مقابل فعل العظماء وبث الطمأنينة والثقة رغم خيبات الأمل شيم الكبار فإن الدم الذي يجري في العروق قد يجعل من الأفراد أقارب، ولكن الثقة تجعل من الأفراد عائلة.
الشباب يستطيع
إن أكبر عائق أمام الشباب وتقدمهم شخصوهم فهم بحاجة للإيمان بأنفسهم والاعتقاد بأنهم فريدون ويستطيعون إحداث التغيير، عليهم التوقف عن مقارنة حيواتهم بحياة الآخرين فلكل شخص طاقة وقدرة وحياة خاصة وظروف موضوعية، يجب أن يتوقف الشباب عن الهرولة خلف الإشاعة وتصدير سفهة القوم على أنهم قادة رأي الشارع، على الشاب أن يؤمن بأنه صوت وقائد نفسه، عليه أن يرسم طريقه ولا يدع الآخرين يوجهوه.
أنت أيها الشاب لست ضحية، إياك والوقوع أسير المظلومية تسوقها لتبرر فشلك وتراجعك، لم نُخلق في الدنيا للراحة فطبيعة وجودنا صراع مستمر مع الظروف والمحيط ومعركة لأجل الهدف، الظروف المادية والمعنوية، تأمر البشر محاولات افشالك كلها عقبات في طريق النجاح ما عليك إلا أن تنتهز الفرصة القادمة ولا تستسلم ولتتقدم وتنتصر عليك بتغيير عقليتك الإنهزامية والخروج من عباءة المظلومية لفضاء الإنجاز ومن لطميات وسائل التواصل الاجتماعي لميدان التغيير والعمل الحقيقي، وتذكر أن جودة العلاقات مهمة فاختر رفاق الطريق بحذر وابقى مع من يرفعك لا مع من يدفعك للأسفل، وازرع لك امتداد وجسور، وتخلى عن الاعذار فهي غير مقبولة والحقيقة أنك تستطيع، فوظِّف وقتك ومهارتك ومعرفتك وكن صاحب إرادة وأنجز المهمة.
تقدم
صراع النفوذ والسيطرة على مراكز القوى قائم فلا يخدعوك بالمتقدم على الصف كالمتأخر عنه فالفرق شاسع ولا تصدق الادعاء بزهد طلب المواقع، فمعظم من توسد صناعة القرار كان طالبا لها ترغيبا وترهيباً، والذي أراه أن القوي الأمين يجب أن يأخذ بالناصية ويتقدم الصفوف ويتوسد صناعة القرار طالما وجد في نفسه القدرة والكفاءة واستطاع إقناع الآخرين ولديه خريطة طريق لتحقيق المصلحة العامة والتغيير المنشود.
المشكلة لا تكمن في طلب القيادة أو السعي لها، بل في تولي الضعفاء أو الذين جاءوا نتيجة توافقات دون أن يكون لهم دور فاعل أو قدرة على التغيير والتأثير يميلون حيث مال من أختارهم يخشون على مواقعهم لا على رسالتهم.
المربعات غير المشغولة
الوقوف في المربعات المشغولة متفرجاً أو محاولة الحصول على حيز في مربع مزدحم مضيعة للوقت وهدر للفرص، الأرض شاسعة والمساحات واسعة وفرص النجاح في المربعات غير المشغولة كبيرة، وكلما ازدادت العقبات وارتفعت وتيرة التهديدات فُتحت أفاق وأبواب جديدة، ما عليك إلا أن تشرع في البحث قبل الوصول إلى نقطة الانهيار فالعمل في وقت السعة يُعطي جودة وانتاجيه أعلى من محاولة إيجاد حلول وقت الشده.
فريق قادة متجانسين
فريق من القادة المتجانسين خير من فريق من التابعين وقوة الفريق تنبع من فهم كل قائد لدوره الوظيفي واحترام دور غيره والتنسيق والتعاون فيما بينهم لإدارة دفة العمل، قيادة تشاركيه عين لها على الهدف والوسيلة وعين على تلبية احتياج وتنمية قدرات كل فرد في الفريق كفيلة بوصول السفينة لبر الأمان ونمو وازدهار الأعمال.
راحلون
سنوات معدودة محدودة وسنرحل، سيبكينا الأصحاب والأحباب وسنغدو ذكرى لسنوات أخرى ثم نُنسى، فكن كقطرات المطر تغير المياه الراكدة تُراكم قوتك في جدول النهر حتى تغلب وتعلو على الصخر وتُعاظم حجمك وأن تمضي حتى تغدو نهرا هادرا للمعيقات والعقبات جارفا، فلا تُضع وقتك الثمين عبثا وأحدِث فرقا ولا تُبقي في قلبك كرها أو حسدا وأشغل نفسك بالإنجاز ولا تهتم لآراء الناس فأنت وهم راحلون ولن يُخلد ذكرى إلا من للمعالي جدّ وسعى.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت