- كتب : محمد جودة
لاغرابة حين نري بعض الناس أو الجماعات يُبدّلون آراءهم ومعتقداتهم في كل حين ، كما يبدّل المرء حذاءه في كل فصل من فصول العام .
فمثلاً في فصل الصيف يلبس الناس أحذية تتناسب مع الطقس الحار أو الدافئ ، لكن في فصل الشتاء يلبسون أحذية تقيهم برودة أطراف الأرجل ، وهكذا في بقية فصول السنة والطقس المتغير والمتقلِّب .. وما يبعث على الاشمئزاز أن هؤلاء النفر لا يستحون أو يخجلون من أنفسهم أو من الناس ، إنهم مبتلون ، فلا يستترون ، بل يتبجحون ويمارسون استغباءهم تجاه الآخرين بكل وقاحة وسخافة وقلة احترام حتي لذواتهم التي تفوح منها رائحة القذارة والعفونة.
ولا شك أن فداحة هؤلاء المنافقين وسلوكهم الآرعن وأفعالهم الذنيئة ما هي إلا تعبيراً عن مدي قدرتهم في التلون وقت الحاجة ،خاصة اذا كانت هذه الحاجة فيها مصلحة وفائدة لهم ،أو ربما نجاة من شيء ما ، ولو نظرنا بشكل سريع من حولنا سنجد ان المنافقون لا معايير أو ضوابط أخلاقية لهم ، وهم يستطيعون التأقلم مع الأحداث الجارية في محيطهم بكل سرعة وعجل، هم بائعين في السوق يقدمون بضاعتهم الرخيصة لمن يشتريها من أصحاب المصالح والمسؤولين للاستفادة منها واسثتمارها وقت الازمات والاحتياجات ووقت شح أصوات الصفير والنفير والتصفيق والتزمير والتطبيل والتهليل في السوق ، وربما وقتما يحتاج القادة الشمبر لوكس و أصحاب الألقاب أن يكون بأيديهم مجموعة من الأبواق ذات الصفار الداكن التي تدغدغ المسامع وتلعب علي أحساسيس ومشاعر البشر ، فهم يستعينون بهذه العينات الكالحة لتمارس هواياتها وفنونها علي الجماهيرعلها تستطيع بأساليب الخداع والنفاق أن ترفع أسهم سقوطهم المدوي وطنياً وشعبياً .
وما العجب أن يكون لهؤلاء المنافقون بالأمس القريب ارتباط أو مصلحة مع رئيس أو مسؤول أو قائد ، اعتادوا التمسح بتلابيب سلطته القذرة ، وأقدُموا على بيع ذممهم بموالاة خانعة وبضمائر ميتة ورخيصة، دون وجل أو خجل أو حياء أو ندم ، في سبيل تحقيق مآربهم ومصالحهم ، ثم يأتون اليوم ، بعد خلع صنمهم ذاك أو انتهاء صلاحيته أو إزاحته عن الموقع الذي كان يشغله ، ليلعبوا ذات الدور الدنيء مع الجديد القادم ويستميتون في البحث عن حيّز في بلاط سلطته ليحافظوا على مراكزهم وأماكنهم ، و التي حصلوا عليها بأفعالهم القذرة والغير اخلاقية، لذلك نراهم اليوم يجدون مرتعاَ لهم في كل المراحل ويتموضوعون بها ويتسارعون لتصدرالمشهد الحالي .
فنجد مثلاً (س) من الناس كان في مكان بسيط في فترة زمنية ما، حين كانت الساحة مليئة بمن لديهم القدرات والكفاءة والأسماء والتاريخ الحافل بالمحطات والانجازات ، ثم تنتهي هذه الفترة الزمنية ، لنجد هذا الشخص قد انتقل إلى مكان اخر أفضل وأكبر بكثير من السابق ،ولا شك أن الظروف ساعدته لأن يكون في مكان أكبر منه وربما لم يحلم به مثلاً، فيسرع صاحبنا إلى تغيير جلده كالحرباء ، ويغير أخلاقه كما يغير حذاءه ، ويبدأ برسم سياسته الرعناء الجديدة تجاه الجديد في مكانه ، وهكذا نجده يمضي بذات الفعل وذات الحقارة ، ولعله سيلعب ذات الدور في حال تغير الواقع الراهن .
الواضح في الأمر أن الكل شعبياً ووطنياً يعرف ويفهم تماماً مكنون هؤلاء المنافقين ، ويدركون التركيبة النفسية لهم ، إلا أن الظرف والحالة الراهنة تقتضي التغاضي مؤقتاً عنهم وعدم المساس بهم ، ليس حباً فيهم أو احتراماً لهم ، بل لأن المرحلة الحالية هي مرحلة مشوهة بالفعل والمزاد الرخيص مفتوح لمن يبيع موقفه ويؤجر مؤخرته ، كي يكون حماراً للركوب والنهيق ، فالمنافق يبدّل فكره سريعاً ويتقلب على الأوضاع المتغيرة بكل سلاسة ويسر ، ولا يحمل مبدأ أو قيماً إنسانية أو أخلاقية وهو يلتصق بالوطنية ويتظاهر بالقيادة والزعامة وهو في الأصل جربوع ومتسلق ومتلون ولديه القدرة علي مسح الجوخ في كل الأوقات .
ختاماً.. سيظل المنافقون يأكلون السحت ، ويلمّعون أحذية أسيادهم في كل المراحل المتغيرة ، ويتمسحون بتلابيبهم حتى تنتهي مصالحهم وصلاحياتهم ، وكل عام وأنتم بألف خير .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت