بعض ما جاء بالقرءان الكريم والسنه النبويه الشريفه حول البعث والنشور:

بقلم: سهيله عمر

  • سهيله عمر  

1. بعد أن يفني الله سبحانه وتعالى جميع المخلوقات ولا يبقى إلا وجهه الكريم، يبعث الله العباد للحساب والبعث هو المعاد الجسماني، وإحياء العباد في يوم المعاد والنشور. وقد حدثنا الحق تبارك وتعالى عن مشهد البعث.  

فقال سبحانه: "وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (53)" [يس: 51- 53] .

 

2. الحشر إلى الموقف:  

يجمع الله العباد جميعا يوم الحشر.  

قال تعالى: "قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50)" [الواقعة: 49- 50] . وقال تعالى: "وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً" [الكهف: 47] .  

ويحشر الله العباد حفاة عراة غرلا أي غير مختونين. فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إنّكم محشورون حفاة عراة غرلا). ثم قرأ: "كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (104)" .

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحشر النّاس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النّقيّ ليس فيها علم)

 

3. حوض النبي صلى الله عليه وسلم:

إذا بُعث الناس وقاموا من قبورهم ذهبوا إلى أرض المحشر.  ثم يقومون في أرض المحشر قياماً طويلا ، تشتد معه حالهم وظمؤُهُم ، ويخافون في ذلك خوفاً شديداً ؛ لأجل طول المقام ، ويقينهم بالحساب ، وما سيُجري الله - عز وجل – عليهم .

فإذا طال المُقام رَفَعَ الله - عز وجل - لنبيه صلى الله عليه وسلم أولاً حوضه المورود.  فيكون حوض النبي صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة ، إذا اشتد قيامهم لرب العالمين ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .

فمن مات على سنّته ، غير مًغَيِّرٍ ولا مُحْدِثٍ ولا مُبَدِّلْ ، وَرَدَ عليه الحوض ، وسُقِيَ منه ، فيكونُ أول الأمان له أن يكون مَسْقِيَاً من حوض نبينا صلى الله عليه وسلم .

 ثم بعدها يُرْفَعُ لكل نبي حوضه ، فيُسْقَى منه صالح أمته .

اذن يكرم الله عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم في الموقف العظيم بإعطائه حوضا ترد عليه أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا.

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

(حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللّبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السّماء من شرب منها فلا يظمأ أبدا) .

ويقال انه الكوثر الوارد ذكرها في قوله تعالى:" إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ"

 

4. طول الموقف والشفاعة العظمى لقيام الحساب:  

بعد أن يطول قيام الناس في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ويشتد كربهم وبلاؤهم في الموقف العظيم، يبحث العباد عن أصحاب المنازل العالية ليشفعوا لهم عند ربهم، لفصل الحساب، وتخليص الناس من كربات الموقف وأهواله.  

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم القيامة ماج النّاس بعضهم إلى بعض فيأتون آدم فيقولون له اشفع لذرّيّتك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم عليه السّلام فإنّه خليل الله فيأتون إبراهيم فيقول لست لها ولكن عليكم بموسى عليه السّلام فإنّه كليم الله ، فيؤتى موسى فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى عليه السّلام فإنّه روح الله وكلمته، فيؤتى عيسى فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمّد صلى الله عليه وسلم، فأوتى فأقول أنا لها فأنطلق فأستأذن على ربّي فيؤذن لي. فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن يلهمنيه الله ثمّ أخرّ له ساجدا فيقال لي يا محمّد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفّع )..

 

5 . بعد أن يشفع النبي صلى الله عليه وسلم لقيام الحساب ويأذن الله تعالى بذلك. بعد ذلك يكون العرض - عرض الأعمال-. ثم بعد العرض يكون الحساب .  وتتطاير الصحف ، ويُؤْتَى أهل اليمين كتابهم باليمين ، وأهل الشمال كتابهم بشمالهم ، فيكون قراءة الكتاب.  

وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن مشهد الحساب والجزاء وأنه سيوقف الناس للسؤال عما كانوا يعملون في الحياة الدنيا. إن مشهد يوم القيامة مشهد فريدٌ من نوعه، و فيه توزع الكتب التي كُتبت فيها الأعمال صغيرها و كبيرها فيستلم كل إنسان كتابه إما بيمينه و إما بيساره حسب نوع أعماله و حسب الجزاء الذي حدده الله له، ذلك لأن السعيد يتلقى كتابه بيمينه فيكون علامة فوزه بالجنة، و أما الشقي فيتلقى كتابه من وراء ظهره فيكون علامة شقائه. ثم أن هذا الكتاب سيكون ملازماً للإنسان بصورة دائمة فلا يفارقه. وأنه يقضي بينهم بالحق ولا يظلم أحدا.

فقال سبحانه وتعالى: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (24) "[الصافات: 24] .

وقال تعالى: "فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (93) ".[الحجر: 92- 93] .

قال تعالى: "وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69)" [الزمر: 69] .

وقال تعالى: "فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (25)" [آل عمران: 25] .

يقول جَلَّ جَلاله: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا ﴾.

 

6 . ومن إعذار الله لخلقه وعدله فيهم أن يعطيهم كتب أعمالهم التي سجلتها الملائكة عليهم في الدنيا فيقرأونها ويقال لهم: "اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14)" [الإسراء: 14] .

عندما يتلقى الإنسان صحيفة أعماله يجد صاحبها بأن أعماله كلها من خير و شر مثبَّتة فيه بدقة عالية حيث لا تغادر صغيرة و لا كبيرة، فيقف الإنسان مدهوشاً أمام هذه الصحيفة العجيبة، وهذه الصحيفة هي التي يعبَّر عنها بالكتاب، لأن كل أعمال الإنسان مكتوبة فيه، و كذلك الثواب و العقاب مكتوب فيه أيضاً.  

فتمتلئ صدور المجرمين حسرة وندما عند معاينة أعمالهم في كتبهم يوم الحساب. قال تعالى: "وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49) "[الكهف: 49] .

قال تعالى:" أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا (12)"

قال تعالى:" فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا ۚ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ۜ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ"

 

7. اقتصاص المظالم بين الخلق:

 يقتص الحكم العدل في يوم القيامة للمظلوم من ظالمه، حتى لا يبقى لأحد عند أحد مظلمة، حتى الحيوان يقتص لبعضه من بعض.

ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لتؤدّنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتّى يقاد للشّاة الجلحاء من الشّاة القرناء) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من ضرب بسوط ظلما، اقتص منه يوم القيامة»  

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال إنّ المفلس من أمّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل ما لهذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثمّ طرح في النّار).

 

8. الميزان:  

في ختام ذلك اليوم ينصب الميزان لوزن أعمال العباد. فقد روى الحاكم عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يوضع الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيه السماوات والأرض لو سعت. فتقول الملائكة: "يا رب لمن يزن هذا؟" فيقول الله تعالى: "لمن شئت من خلقي". فتقول الملائكة: "سبحانك ما عبدناك حق عبادتك".))

وهو ميزان دقيق، لا يزيد، ولا ينقص، تظهر فيه مقادير الأعمال. يكون الجزاء بحسبها.  

قال تعالى: و"َنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (47)" [الأنبياء: 47] .

فمن ثقلت موازينه يكون في عيشة طيبة راضية، ومن خفت موازينه فهو في جهنم. قال تعالى: "فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (9) وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (10) نارٌ حامِيَةٌ (11)" [القارعة: 6- 11]  

 

9.  ثم بعد الميزان ينقسم الناس إلى طوائف وأزواج ؛ أزواج بمعنى كل شكل إلى شكله ، وتُقَامْ الألوية -ألوية الأنبياء- لواء محمد صلى الله عليه وسلم ، ولواء إبراهيم ، ولواء موسى إلى آخره ، ويتنوع الناس تحت اللواء بحسب أصنافهم ، كل شَكْلٍ إلى شكله .

10. والظالمون والكفرة أيضاً  يُحْشَرُونَ أزواجاً.  يعني متشابهين، كما قال : ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) الصافات/22-23 . يعني بأزواجهم : أشكالهم ونُظَرَاءَهُمْ ، فيُحْشَرْ علماء المشركين مع علماء المشركين ، ويُحْشَرْ الظلمة مع الظلمة ، ويُحْشَرْ منكرو البعث مع منكري البعث ، وهكذا .

 

11. سوق الكفار إلى النار

ومن أرض المحشر يسوق الله تعالى الكفار بعد الحساب إلى نار جهنم، قال تعالى: "وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً " [الزمر: 71] .

وقال تعالى: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) [الطور: 13] .

كما بينت نصوص أخرى أنهم يحشرون إلى النار على وجوههم، لا كما كانوا يمشون في الدنيا على أرجلهم. قال تعالى: الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34) [الفرقان: 34] .

وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: «أليس الّذي أمشاه على رجليه في الدّنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة» قال قتادة: بلى وعزّة ربّنا.

 

12. الصراط:

وبعد أن يذهب الله بالكفرة الملحدين والمشركين الضالين إلى دار البوار وبئس القرار يبقى في عرصات القيامة أتباع الرسل الموحدين وفيهم أهل الذنوب والمعاصي وأهل النفاق ويكون في الظلمة دون الجسر.

ثُمَّ بعد هذا يَضْرِبُ الله - عز وجل - الظُّلمة قبل جهنم والعياذ بالله ، فيسير الناس بما يُعْطَونَ من الأنوار ، فتسير هذه الأمة وفيهم المنافقون. ثُمَّ إذا ساروا على أنوارهم ضُرِبَ السُّور المعروف ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى ) الحديد/13-14.  

 فيُعْطِيْ الله - عز وجل - المؤمنين النور ، فيُبْصِرُون طريق الصراط ، وأما المنافقون فلا يُعْطَون النور ، بل يكونون مع الكافرين يتهافتون في النار ، يمشون وأمامهم جهنم والعياذ بالله .

ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم أولاً ويكون على الصراط ، ويسأل الله - عز وجل - له ولأمته فيقول : ( اللهم سلّم سلم ، اللهم سلّم سلم ) ؛ فَيَمُرْ صلى الله عليه وسلم ، وتَمُرُّ أمته على الصراط ، كُلٌ يمر بقدر عمله ، ومعه نور أيضاً بقدر عمله ، فيمضي مَنْ غَفَرَ الله - عز وجل - له، ويسقط في النار ، في طبقة الموحّدين ، من شاء الله - عز وجل - أن يُعَذبه .

وذكر مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفيه، ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون: اللهم سلم سلم- قيل: يا رسول الله وما الجسر؟، قال: (دحض مزلّة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك)

 

13. ثم إذا انتهوا من النار : اجتمعوا في عَرَصَات الجنة ، يعني في السّاحات التي أعدها الله - عز وجل - لأن يقْتَصَّ أهل الإيمان بعضهم من بعض ، ويُنْفَى الغل حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل . فيدخل الجنة أول الأمر ، بعد النبي صلى الله عليه وسلم : فقراء المهاجرين ، فقراء الأنصار ، ثم الصالحون من سائر الامم .

[email protected]

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت