تقرير مخاوف فلسطينية من "تآكل" خيار حل الدولتين

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)

حذر مسئولون ومراقبون فلسطينيون من "تآكل" خيار حل الدولتين على حدود العام 1967 المعترف به دوليا بسبب ممارسات إسرائيل المتواصلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

ويؤكد المسئولون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء "شينخوا" الصينية تمسك السلطة الفلسطينية بخيار الدولتين كأساس لأية عملية سلام مستقبلية رغم أن هذا الحل بات أصبح شبه مستحيل بفعل الإجراءات الإسرائيلية على الأرض من توسع استيطانية وعمليات ضم زاحف.

وصادقت اللجنة المحلية للتخطيط والبناء التابعة للبلدية الإسرائيلية في القدس الأربعاء الماضي على خمسة مخططات جديدة خارج الخط الأخضر في القدس تشمل بناء 3557 وحدة استيطانية جديدة بحسب بيان صدر عنها في حينه في أول خطط استيطانية بالعام الجديد.

ويقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني إن المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس يحمل أبعاد سياسية تتعلق في عمليات الضم الزاحف للمناطق الفلسطينية وإلغاء حل الدولتين.

ويضيف أن البناء الاستيطاني المكثف في المناطق الفلسطينية يجعل من تطبيق خيار حل الدولتين شبه مستحيل ويمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، مؤكدا عدم شرعية الاستيطان بنظر كافة القوانين الدولية.

واستبعد إمكانية استبدال خيار حل الدولتين الذي يستند إلى قرارات الشرعية الدولية بحل الدولة الواحدة كونه يواجه صعوبات كبيرة من بينها "سلب" الفلسطينيين حقهم في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

ويتابع مجدلاني أن إسرائيل حاليا تعمل على "ضم الأراضي بمعزل عن السكان وتحول التجمعات الفلسطينية إلى تجمعات معزولة في إطار حكم ذاتي محدود، وبالتالي تمارس الفصل العنصري على السكان الواقعين تحت الاحتلال بشكل يتنافى مع القانون الدولي والشرعية الدولية واتفاقيات جنيف الأربعة".

ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسة لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين في نهاية مارس العام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية.

وفي هذا الصدد، يقول نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) صبري صيدم إن مفهوم المجتمع الدولي للتعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يقوم على حل الدولتين وهو ما يجري الحديث عنه بشكل دائم.

ويضيف صيدم أن تصاعد الإجراءات الإسرائيلية عبر الخطط الاستيطانية ومصادرة الأراضي وهدم المنازل يجعل من الوحدة الجغرافية لدولة فلسطينية إمكانية صعبة وهذا ما يشجع البعض للحديث عن خيار الدولية الواحدة.

ويتابع أن إسرائيل طيلة الأعوام الماضية من الصراع ترفض القبول بالفلسطينيين لديها كما تتعامل مع الإسرائيليين من حيث الحقوق والالتزامات وبالتالي لن تقبل بالتعامل مع شعب بأكمله في إطار دولة واحدة يتساوى فيها الجميع وتحكم الأغلبية الأقلية.

ويرى صيدم أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أمام حالة استعصاء سياسي لا يفهم منها إلا الحل على أرضية تهجير الفلسطينيين وهذا ما تسعى إليه الحكومة الإسرائيلية وبالتالي الحديث عن خيار الدولتين أو دولة واحدة لا قيمة له أمام أجندة اليمين التي لا تريد أي فلسطيني على أرضه.

وحول الخطوات الفلسطينية المتوقع التعامل في ظل هذا الواقع وانسداد الأفق السياسي يشير صيدم إلى أن المجلس المركزي الفلسطيني سيجتمع نهاية الشهر الجاري أو بداية فبراير من أجل تدارس كافة الخيارات من بينها تصعيد المواجهة الشعبية المباشرة على الأرض وصولا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

ولوح مسؤولون فلسطينيون أخيرا بإمكانية توجه القيادة الفلسطينية لإلغاء الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل في ظل تنكرها للحقوق الفلسطينية خلال اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني (حلقة الوصل بين المجلس الوطني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطيني حيث عقد أخر اجتماع له في أكتوبر 2018).

وسبق أن أعلن الرئيس محمود عباس في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي طرح مبادرة لانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس خلال عام واحد، مهددا بسحب الاعتراف الفلسطيني بها في حال عدم قيامها بذلك ومنع تحقيق حل الدولتين.

ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل العام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.

وفي السياق ذاته، يقول المحلل السياسي من رام الله أحمد رفيق عوض إن ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية من عمليات تهويد وتغيير ديمغرافي على مدار الأعوام الماضية تجاوز خيار حل الدولتين.

ويضيف عوض أن حل الدولتين يبقى خيارا موجودا على الأرض في حال تم السيطرة على "شهوة" إسرائيل الاستيطانية والضغط عليها بشكل جدي وقوي لوقف إجراءاتها وممارساتها التي لن تقضي فعليا على هذا الحل.

واعتبر أن خيار الدولة الواحدة لشعبين فلسطيني وإسرائيلي "وهم حقيقي" لأن الدولة الواحدة تستدعي تغيير وظيفة الدولة ومفهوم المواطنة وإسرائيل لا تقبل ذلك ولا يمكن القبول بالمساواة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

من جهته، اعتبر جاد اسحاق مدير معهد أريج للدراسات التطبيقية في القدس أن إسرائيل تسابق الزمن بشكل غير طبيعي عبر مصادرة الأراضي وهدم المنازل وتجريف الأراضي ومصادرتها لصالح التوسع الاستيطاني.

ويقول اسحاق إن المخططات الاستيطانية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية وشرق القدس تشهد تصاعدا كبيرا، مشيرا إلى أن عدد المستوطنين بات يصل إلى مليون مستوطن يقطنون في 164 مستوطنة و124 بؤرة استيطانية.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله (شينخوا)