- بقلم الدكتور أمجد شهاب
- رئيس قائمة الحرية والكرامة
بدأت محاولات اغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات معنويًا قبل فترة طويلة من اغتياله جسديًا, وخاصة حادثة إطلاق النار على بيته وتكسير وتحطيم نوافذ بيته وترويع أطفاله قبل عملية الاغتيال السياسي بشهرين, والمحاولات العديدة لاتهامه تارة بأنه ملحد من خلال المحاولات العديدة لتزوير مفهوم معنى تسجيلاته، وتارة بأنه ينفذ أجندات خارجية ويحصل على دعم مالي وسياسي خارجي، وتارة اتهامه بالإساءة للمقامات العليا في الوطن وتهديد السلم الأهلي وإثارة النعرات الطائفية........ ومن المستغرب جدًا أنه وبعد مرور 6 أشهر على عملية الاغتيال السياسي لنزار لم توجّه أية تهمة إلى كل الذين حاولوا اغتياله معنويًا وأساؤوا إليه في حياته ولا الذين اعتدوا على بيته وأطلقوا النار.... ولا الذين أعطوا الأوامر لاغتياله، ولم يتم اتخاذ أي إجراء قانوني باتجاههم وتم التركيز على محكمة عسكرية فقط وعلى فرقة الإعدام المنفّذين الأربعة عشر (14)، واللذين يلتزمون الصمت حتى اللحظة ويرفضون الاجابة على اسئلة المدعي العام العسكري وبالرغم من وجود دليل قاطع على حمل أحد أفراد الفرقة كاميرا على رأسه والتي صورت عملية الاغتيال كاملة، إلا أنّ محامي الدفاع عن "المتهمين" حاول أن ينسف رواية الشهود والتي اعتمدت على فكرة وهي أنّ فرقة الاعدام جاءت لقتله وليس لاعتقاله ولم تتح له حتى الفرصة للمقاومة، حيث ضربوه بالعتلة وهو نائم واستمروا بضربه بوحشية وهو مقيد اليدين وكسروا أضلعه... الخ، تحت ذريعة أن نزار حاول المقاومة، مما أدى إلى ضرورة استخدام العنف ضده للسيطرة عليه وتعريضه الى الضرب الذى أدّى إلى موته "بغير قصد" للحصول على أدنى عقوبة، وإبعاد القتلة الحقيقين عن الاتهام والمحاكمة.
لا شك أن ّبشاعة جريمة اغتيال مرشح قائمة الحرية والكرامة نزار بنات جسديًا ستبقى في ذاكرة الجميع بالرغم من كل محاولات تضليل العدالة الكاملة وإخفاء معالم قضية الاغتيال السياسي او الاعتماد على عنصر الوقت للنسيان.
وبالرغم من وجود ترسانة قوانين فلسطينية ضخمة مورو عن الإمبراطورية العثمانية والانتداب البريطاني وحكم المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية والأعراف والتقاليد العشائرية وميثاق منظمة التحرير والقانون الثوري لمعاقبة من ينتهك القوانين إلا أنّ السلطة الفلسطينية تلجأ إلى "قانون سكسونيا" الذي يُنسب إلى ولاية واقعة اليوم ضمن ألمانيا، وكانت تحكم في العصور الوسطى بقانون جنائي عجيب. بمعاقبة ظل الجاني؛ في حال قام أحد الأفراد من العامة بعملية قتل فإنّ عقوبته تكون القتل، بقطع رأسه، أمّا في حال قتل فرد من عائلات النبلاء -آنذاك- شخصًا آخر فإنّ عقوبته تكون الإعدام أيضًا، لكن مع بقائه حيّاً، وذلك مِن خلال قطع رأس ظلّه. "يؤتى به تحت عين الشمس، فيستطيل ظلّه، فيُضرَب الظلّ بالسيف". هكذا تكون العدالة أُنجِزت!. وأصبح هذا القانون قاعدة طبقيّة شاملة، بحيث إنْ قَتَل شخص "عادي" أحد "النبلاء" فإنّ ذاك "العادي" تنفّذ به العقوبة حقًا، أمّا إن بادر "النبيل" إلى قَتل "العادي" فيكون الحكم: إعدام ظله. كان ذلك في القرون الوسطى.
على الرغم من ذلك، فإنّ الجميع اليوم يعلم أن هناك قوانين سكسونية فلسطينية تطبّق يوميًا لمصلحة الفئة الحاكمة وعظام الرقبة في جميع المجالات وخاصة في القضايا الجنائية والسياسية والأمنية والاقتصادية ....الخ، أبرزها ملف اغتيال الرئيس أبو عمار والمتعاونين مع الاحتلال والفساد المالي لرجال الأعمال والتعيينات الوظيفية والتي كان آخرها التعيين الاخير في إيران لسفيره خلفًا لوالدها الذي عمل سفيرًا في إيران مدة 40 عامًا بدون انقطاع وهذا يعدّ وراثة الوظيفة وانتهاك صارخ لقوانين الدبلوماسية الفلسطينية.
قبل عدة سنوات، في ألمانيا، استقال الرئيس كريستان فولف، إثر بروز شواهد أمام القضاء حول تورّطه في فضيحة ماليّة (سابقًا). كان ذلك عندما كان رئيسًا لوزراء ولاية سكسونيا السُفلى. كان مجرّد ظهور شواهد، وقبل صدور أيّ حكم، كفيلاً باستقالة رئيس دولة. هذه سكسونيا الحديثة. أصبحت العدالة في فلسطين مجرّد مفهوم نسبي لأننا في "سكسونيا الشرق"... .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت