- فاضل المناصفة
هل ستستطيع دول الخليج أن تقدم شيئا لسوريا؟ وما المقابل؟
وهل هناك نية جادة لعودة سوريا الى البيت العربي؟
وما هو موقف روسيا من التقارب الخليجي السوري؟
أسئلة عديدة يمكن طرحها مع قرب انعقاد القمة القادمة للجامعة العربية في الجزائر، والتي لم يحسم فيها بعد للعلن عن عودة سوريا الى كرسي الجامعة، بالرغم من أن كل المؤشرات والتحركات والوفود الديبلوماسية الى تحج الى دمشق، توحي بأن نظام الأسد قد يتم اعادة ادماجه في المشهد الاقليمي والعربي بعد غياب دام أكثر من عشرة سنوات، ولكن هل راجعت الانظمة العربية موقفها من مدى ضرورة وجود نظام عسكري على رأس هرم السلطة في سوريا لمنع تفكك البلد .... وعلى أساس أن تفكك سوريا سيكون له تداعيات وخيمة على الأمن القومي لجميع دول المنطقة خاصة المجاورة له، وسيزيد من نفوذ ايران في شرق سوريا، أم انه اعتراف بفوز روسيا و فرضها للأسد بقوة الدبابة والتعامل مع الوضع على أنه أمر واقع ؟
لقد كان سيناريو الربيع العربي سريعا في تونس وليبيا ومصر وكانت الانظمة الخليجية ترى أن سقوط الأسد مسألة أسابيع لا غير، ولهاذا راحت أظهرت على الفور نيتها بأنها ستشترك مع من يدير المرحلة الانتقالية في سوريا، بل ذهبت الى خطوات عملية وهي تجميد نشاطاتها الديبلوماسية مع الاسد في انتظار سقوطه، ولكن الأسد كان يملك ورقة رابحة في المعادلة لم تحسبها دول الخليج وهي تسليمه للبلد بشيك على بياض لروسيا ودخوله في حرب تحرق الاخضر واليابس ومن دون ان يتأذى قصره
وبالرغم من تدخل أمريكا بثقلها في المسألة السورية الا أنها كانت غير قادرة على الدخول في حرب مباشرة مع روسيا في معركة غير محسوبة العواقب، فاكتفت بالمشاهدة عن بعد وتشديد العقوبات الاقتصادية ضد النظام السوري وتجميد أصوله في البنوك، مع دعم هش لفصيل قوات سوريا الديمقراطية، كان الهدف منه ازعاج تركيا وليس سوريا
بعد ان تعقد المشهد في سوريا وفشلت المعارضة السورية في توحيدها صفها واقتربت روسيا أكثر فأكثر من حسم المعركة لصالح الأسد، أدركت الدول الخليجية أنه لا بد من الاعتراف بما افضته قواعد اللعبة وهي أن النظام السوري قد أفلت من العقاب
ولكن دول الخليج، حتى وان أظهرت انفتاحا اتجاه نظام الأسد، فهي لا تثق فيه وتذرك تماما انه لن يتوانى على التحالف مع إيران وحزب الله ضدها، ولهذا فدعم سوريا اقتصاديا مستبعد في ضل ارتماءه في حضن الأعداء.
ربما وجدت دول الخليج نفسها مجبرة على تقبل الأمر الواقع وأن مسألة عودة العلاقات الديبلوماسية قد تكون شكلية أكثر من أي شيئ آخر، فدول الخليج ليست مستعدة لتسديد فواتير ايران وروسيا وحزب الله، الذين البنية التحتية للبلد، ولا ترى من دعم الأسد اقتصاديا فرصة لتغيير نهجه المعادي، فالأسد الآن يملك السلطة ولا يملك القرار والقرار الآن أصبح بيد روسيا التي تخطط وترسم مستقبل العلاقات السورية في المنطقة باعتبارها الرابح في المعركة وليس الأسد فبوتين كسب تواجدا على الساحل السوري وموانئ اللاذقية وطرطوس لمدة 99 سنة ، وكسب تواجدا عسكريا في الشرق الاوسط الى أن يبعث الأولون، وبوتين برى أن النهج المعادي الذي يسلكه نظام الأسد يخدم مصالحه .
أما بالنسبة لرأي روسيا من التقارب السوري الخليجي فهي لا تمانع في ذلك لاعادة تسويق سمعة نظام الأسد دوليا، ولكنها تضع خطوطا حمراء لا ينبغي على نظام الأسد تجاوزها فالمنطقة الخليجية كانت ولا تزال حليفة للمعسكر الأمريكي حتى ولو كانت تتميز بعلاقات طيبة معها الا أنها لا تحسب في صفه، ولهذا فان روسيا ستسمح للأسد بالمضي قدما نحو التقارب الذي يخدم صورتها، بالمقابل ستسمح لسوريا بعقد صفقات تسليم الارهابيين الذين يحملون جنسيات خليجية والذين لا تعرف ما اذا كإنو أحياء، ولايزالون يشكلون خطرا على دولهم، وستنسق أمنيا مع الأردن والعراق للحول دون تمدد خلايا داعش النائمة بداخلها
من الشي الايجابي أن تعود دول بثقل سوريا الى المشهد العربي ولكن من المؤسف أن تعود سوريا وهي مكبلة بنفوذ ايراني وروسي وبحجم دمار هائل في البنية التحتية والاقتصادية
من المؤكد أن سوريا ستعود الى الجامعة العربية ولكنها ستعود كالدخيلة لأن مكونات الدولة السورية لم تعد مكونات عربية بل يشترك فيها القرار الروسي والأجندة الإيرانية ويرسم سياساتها الداخلية والخارجية، وكأنها عودة بلا روح وعودة بلا فائدة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت