- د. فايز أبو شمالة
لا يختلف العربي الفلسطيني في النقب واللد والرملة وعكا وهو يواجه مغتصب أرضه، عن العربي الفلسطيني في القدس والضفة الغربية وغزة وهو يدافع عن أرضه المغتصبة، فالقضية واحدة، أرض عربية يطمع في آخر شبرٍ منها عدو، لا يؤمن بحق العربي في البقاء فوق وطنه إلا خادماً مطيعاً لأمن الإسرائيليين، ومنفذاً لأطماعهم وهلوستهم الفكرية.
حتى أن وسائل المواجهة الشعبية التي يلجأ إليها العربي الفلسطيني في الضفة الغربية هي وسائل المواجهة الشعبية نفسها، التي يلجأ إلى العربي الفلسطيني في النقب، وهذه إشارة إلى أن العدو في الحالتين واحد، إنهم شرطة إسرائيلية، وحرس حدود، وجيش، ورجال مخابرات، وإدارة سجون، يمارسون الإجراءات التعسفية نفسها على كل الأرض الفلسطينية، مع فارق بسيط، يتمثل بخفة يد الجندي الإسرائيلي الضاغطة على الزناد في الضفة الغربية والقدس.
وحدة المعركة تعكس وحدة حال الفلسطيني الذي يصر على البقاء فوق أرضه فلسطين دون فواصل، إنها معركة موحدة يخوضها الفلسطينيون على أرض فلسطين من شمالها إلى جنوبها، وهم يواجهون عدواً واحداً يمتلك القوة والنفوذ والسيادة والقرار على أرض فلسطين كلها من بحرها إلى نهرها، وهذه الحقيقة تفرض على العرب الفلسطينيين أن يعاودوا التفكير بمستقبلهم من منطلق الوحدة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة وفلسطيني 48، فطالما كانت المصيبة واحدة، وطالما كانت فكرة يهودية الدولة لا تبق للفلسطينيين أرضاً ولا هوية، والمستقبل الذي ينتظر فلسطيني الضفة الغربية لا يختلف عن مستقبل فلسطيني 48، ولاسيما أن سياسة "سلطة أرض إسرائيل" التي تنتزع الأرض من أصحابها الفلسطينيين في النقب والجليل والمثلث، هي سياسة "مجلس المستوطنات" الذي ينتزع ملكية أرض الضفة الغربية من أصحابها، ويقيم عليها المستوطنات اليهودية.
الحالة الفلسطينية تفرض على كل القوى السياسية على أرض فلسطين أن تراجع حساباتها، وأن تنسق المواجهات في كل الساحات التي يتواجد فيها الفلسطينيون، ولاسيما أن الإحصائيات الرسمية الإسرائيلية تقول: إن عدد اليهود فوق أرض فلسطين قد بلغ 6.943 مليون، مع نهاية 2021، أي أن عدد اليهود على أرض فلسطين لم يصل بعد إلى 7 مليون يهودي، ومع ذلك يمتلكون كل الأرض، بينما بلغ عدد العرب الفلسطينيين أكثر من 7 مليون إنسان، في غزة 2.4 مليون، وفي الضفة الغربية 3.3 مليون، وفي فلسطين 48، بلغ عدد الفلسطينيين 1.932 مليون، ولا سلطة لهم على الأرض، وهذا ما يجب أن يأخذه الفلسطينيون في الحسبان، فالمعركة على الأرض، وعلى رزق الإنسان الذي يعيش على هذه الأرض، والاحتشاد على أرض النقب الذي يدعو لها المتطرفون، لا يستهدف بقعة محددة من أرض فلسطين، وإنما يستهدف كل أرض فلسطين، وعليه فالمواجهة لا يجب أن تقتصر على عرب النقب، الدفاع عن النقب يبدأ من نابلس، ورام الله وسلفيت وجنين والخليل وغزة والجليل وخان يونس وبيت لحم وطوباس وجباليا والطيبة، وهذا ما أكدته معركة سيف القدس، حين انتفضت ضد العدوان كل المدن والقرى الفلسطينية داخل فلسطين المغتصبة 48، وفي الضفة الغربية.
إنها دعوة إلى كل التنظيمات والقوى السياسية والتجمعات العربية، لتوحيد معركتهم ضد عدو واحد، إنه عدوكم الذي يفرض عليهم تنسيق المواقف، وتشكيل قيادة عربية موحدة لمواجهة عدو، تتوحد كل أطيافه السياسية حول انتزاع الأرض من أصحابها العرب الفلسطينيين.
ملحوظة: على المقبرة في خان يونس، كنت أقدم واجب العزاء بوفاة والد يحيى السنوار قائد حركة حماس في قطاع غزة، وقبل أن تصافح يدي يد الرجل، نظر إلى الطائرات الإسرائيلية المسيرة، التي تحوم فوق المكان، وقال:
اكتب، وقل لأعدائنا: لقد خسرتم المعركة يوم اغتصبتم أرض فلسطين، وطردتم أبي من أرضه في عسقلان، لقد أنجب أبي وأمثاله جيشاً من المقاومين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت