بقلم/ نعمان فيصل
ونحن نعيش قلق الزمن الراهن وهاجس المستقبل الآتي، ازداد أنين الفلسطينيين، وبالرغم من الجراح التي ألمت بهم، علينا أن نعترف أن القابضين على زمام الأمور ما زالوا داخل أسوار الذاتية المطلقة؛ بسبب عدم نضوج الفكرة الوطنية الجامعة لديهم بكل معاني الكلمة وأبعادها، وأن الشعب الفلسطيني الأعزل الذي أمضى جل الوقت يحصد بذور الانقسام والتفكك والضعف في جميع مناحي الحياة يرفض أن يكون جزءاً من المشكلة، بل أن يكون جزءاً من الحل، بعدما تكلم السلاح، وذاع منطق القوة والتفرد لسنوات طويلة، وتفشي حالة التيه لدى الفصائل الفلسطينية وعدم قدرتها على بلورة قدرات هذا الشعب وصياغة توجهاته من خلال صهر إرادته في بوتقة الاجماع الوطني وفق استراتيجية نضالية جديدة تلجم الاحتلال ومستوطنيه، وإذا استمر الأمر على ما هو عليه فلن يبقى لصوت العقل في هذا الواقع وجود!!
وسوء العاقبة ستطال الجميع دون استثناء، ولنا في التاريخ عبرة، إذ من الشواهد التي ساقها نابليون حين أصبح منفياً ولا أمل له بالعودة قوله المشهور: (لا أحد سواي مسؤول عن نكبتي، فقد كنت وحدي ألد عدو لنفسي والمسبب لمصيري)، ولعل تجربة الجزائر التي انتهت في حقبة الخمسينيات من القرن العشرين بصراع كبير بين زعيم الحركة الوطنية "مصالي الحاج" والأجيال الجديدة من أبناء الحركة الذين قادوا النضال، وتمرّدوا على الحاج بعد اتهامه بالتفرد في اتخاذ القرار، وحب الزعامة، رافضين منحه الصلاحيات المطلقة للتصرف كزعيم دون العودة إلى مؤسسات الحركة،
هي نفسها الجزائر التي تتجه الأنظار إليها في هذه الأيام بأن يتكلل اجتماع الفصائل الفلسطينية بمفردات تحاكي طموحات الشعب الفلسطيني، وتنعكس عليه مستقبلاً واعداً بتحقيق الوحدة الفلسطينية التي طال انتظارها، حتى نوفر لأبنائنا حياة أفضل، إنني لا أضخم الأشياء فالمسؤولية كبيرة، وربما نحن بحاجة ماسة لثورة على الذات، فهل نحن جاهزون للخروج من سجن الصورة إلى رحابة الرؤية المشتركة من أجل خير جميع أبناء الوطن الواحد؟ أم سنبقى نتحدث من بروج عاجية؟! وقد قال بريخت في إحدى قصائده: (إنهم لن يقولوا: كانت الأزمنة رديئة، وإنما سيقولون: لماذا صمت الشعراء؟). وإننا في فلسطين، إما أن نكون معاً أو لا نكون، هذا هو الرهان الحقيقي .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت