يجب تعريف المصالحة أولاً قبل حوارات الجزائر

بقلم: أشرف صالح

اشرف صالح
  • اشرف صالح

قال عضو اللجنتين المركزية  لحركة فتح والتنفيذية  لمنظمة التحرير عزام الأحمد في آخر تصريحاته , أن الجزائر وبصفتها مستضيفة لحوارات المصالحة الفلسطينية هي التي ستقدم رؤية إنهاء الإنقسام للفصائل الفلسطينية كافة , وهذا بالطبع لم يضيف شيئاً جديداً خلفاً لما قدمته الكثير من العواصم العربية والدولية من أوراق ومبادرات لإنهاء الإنقسام , بل وستزيد مبادرة الجزائر تعقيداً إضافياً لحوارات المصالحة , وبالطبع وبغض النظر عن النوايا المبيته  والأجندة الخارجية والتي تلعب دوراً هاماً في الحورات الفلسطينية , فهناك خطأ شائع في تعريف المصالحة أولاً , وخطأ شائع أيضاً يتمثل في خلط الأوراق , وهذا الخطأ كان كفيلاً بإفشال جميع الحوارات السابقة على مدار خمسة عشر عاماً , وكفيل أن يفشلها لمئة من الأعوام القادمة إذا ما إستمر على شاكلته الحالية .

أولاً خلط الأوراق..

  خلط الأوراق يعني أن تتوجه كل الفصائل الفلسطينية الى الجزائر لبحث ملف المصالحة رغم أن المصالحة تخص الفصيلين الأكبر على الساحة الفلسطينية "فتح وحماس" وبصفتهما الحاكمين في جناحي الوطن سواء كمؤسسات دولة أو كقوة مسيطرة على أرض الواقع , وهذا من الناحية العملية يتطلب أن تكون الحوارات بين فتح وحماس فقط , لأن المصالحة تعني حرفياً دمج المؤسسات الفلسطينية تحت منظومة واحدة وجغرافيا واحدة , وبالتالي فالمعنيين في الأمر هم فتح وحماس لأنه ومن المفترض أن العمود الفقري للمصالحة هو دمج مؤسسات الدولة أولاً , سواء في ظل حكومة  وحدة فصائلية أو في ظل  حكومة مستقلين وكفاءات , لأنه من السهل تشكيل حكومة وحدة  أو حكومة كفاءات , ولكن ليس من السهل دمج مؤسسات الدولة في يوم وليلة , وهذا يتطلب جهداً كبيراً من القائمين على الحكم "فتح وحماس" وأيضاً يتطلب تدخلاً مباشراً من المصريين سواء على المستوى الإداري والمهني , أو على المستوى الأمني , وفي حال قلنا أن توجه الفصائل كافة الى الجزائر يعني أن الحوار سيتوسع ليناقش ملف منظمة التحرير والإنتخابات والإستراتيجية  والبرامج السياسية... إلخ , فهذا خلط واضح للأوراق كافة , وحتماً سيؤدي الى الفشل , لأن كل ملف من هذه الملفات بحاجة الى حوارات خاصة قد تستغرق أشهر وربما سنوات , فملف الإنتخابات مثلاُ ليس ملف قابل للحوار لأن الإحتلال يمنع الإنتخابات في القدس , والفصال تقول لا إنتخابات بدون القدس , وهذا بحد ذاته يعني أنه لا يوجد إنتخابات على الإطلاق , وهذا يتطلب أن يتم تشكل حكومة توافق بين الفصائل سواء فصائلية أو مستقلين .

أما بما يخص ملف منظمة التحرير والبرامج السياسية فهذا الملف شائك ومعقد ولا يجوز فتحه إلا بعد إنهاء الإنقسام  بالمعنى المهني "دمج مؤسسات الدولة" وبعد ذلك قد يسهل النقاش لأنه سيكون على قاعدة سليمة , فمن الطبيعي أن يكون هناك إختلاف في الرؤى بين الاحزاب السياسية وخاصة انها أحزاب تتنافس في الإنتخابات  ولكل حزب برنامج سياسي مختلف , وبالتالي فمن حق كل حزب أن يتختلف عن الأخر في برنامجه السياسي ورؤيته في إدارة الدولة , ولكن يجب أن يكون هناك توافق بين هذه الأحزاب بما يخص إدارة الصراع مع الإحتلال , وهذا بالطبع يلامس ملف منظمة التحرير وكيفية دخول حماس والجهاد الإسلامي فيها , فالحوارات التي تخص ملف منظمة التحرير مهمة إذا كانت في التوقيت المناسب وتحديداً بعد إنهاء ملف الإنقسام , لأنها في النهاية سينتج عنها توافق فصائلي في إدارة الصراع مع الإحتلال وحتى في حال عدم دخول حماس والجهاد في المنظمة , فالتوافق لا يعني حرفياً دخول حماس وفتح في المنظمة , ولكنه يعني أن يكون القرار موحد ومشترك ومتزامن بين جميع القوى سواء داخل المنظمة أو خارجها .

تعريف المصالحة..

تعريف المصالحة يعني وبكل بساطة دمج مؤسسات الدولة إدارياً وجغرافياً ومهنياً , وذلك سواء تحت سقف حكومة وحدة فصائلية أو تحت سقف حكومة كفاءات ومستقلين , وهذا يتطلب جهداً متواصلاً من ثلاث أطراف رئيسية وهم "فتح وحماس والمخابرات المصرية" فهناك عاملاً مهماً يجب أن يتوفر حتى نهاية المطاف , وهو العامل المهني والتطبيقي , فالحوارات السابقة للمصالحة كلها موقعة على أوراق رسمية , ولكن عند التطبيق على أرض الواقع لم يحدث شيئاً , لأن آلية التطبيق غير مهنية لأنها مبنية على قواعد غير سليمة , وهي المحاصصة الحزبية , وحتى في حال الخضوع للمحاصصة الحزبية وموازين القوى , وتنازل طرف لطرف آخر , فهذا أيضاً وفي حد ذاته يحتاج الى موازنة كافية لتحقيق ذلك , وهذه المشكلة قد حدثت مراراً وتكراراً في الحوارات السابقة , فعندما طلبت السلطة من حماس أن تستلم غزة من الباب الى المحراب , وإستعدت حماس أن تسلمها ذلك بشرط أن تتولى السلطة كل نفقات غزة بما فيها رواتب موظفين حماس والبالغ عددهم "خمسة وأربعون ألف موظف" فرأت السلطة أن هذه النفقات ستكون ثقيلة على كاهلها وخاصة أنها تعاني من أزمة مالية خانقة , وبالتالي كانت الأزمة المالية عند السلطة عائقاً إضافياً من عوائق المصالحة .

لم تنجح حوارات الجزائر إلا في حالتين فقط , الحالة الاولى أن تفصل بين جميع الملفات , وتؤجل ملفات منظمة التحرير والإنتخابات والبرامج السياسية الى ما بعد ملف إنهاء الإنقسام المؤسساتي في الدولة , والحالة الثانية هي أن تستعد الجزائر كونها مبادرة للمصالحة بأن تدعم بالمال أو تستقطب الدعم من عدة دول من أجل دفع فاتورة الحكومة التي ستستلم غزة وتدير شؤونها مع باقي أجزاء الوطن , لأن هذه الفاتورة تقدر بما يقارب عشر مليارات دولار , وذلك بسبب أن غزة هي الأكثر مناطق البطالة في العالم , وبنيتها التحتية شبه معدومة .

اشرف صالح

كاتب صحفي

فلسطين غزة

 

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت