التحديات الاستراتيجية الثلاثة ومستقبل الاحتلال

بقلم: محمد مصطفي شاهين

محمد مصطفى شاهين
  • بقلم محمد مصطفى شاهين

١-يستقي صناع القرار في دولة الاحتلال خططهم في إدارة جوانب الحياة السياسية  بناء على تقارير معاهد الأبحاث والدراسات الأمنية والعسكرية التي يديرها جنرالات حرب سابقون مثل اللواء أهارون ياريف رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق واللواء عاموس يادلين رئيس الأركان السابق لجيش الاحتلال والعقيد مئير ايرلان شغل منصب نائب رئيس الاستخبارات العسكرية سابقًا، وغيرهم الكثير وتعد الدراسات والأبحاث بمثابة مرجع أساسي لدعم سياسات وخطط مستقبلية للكيان بداية من بحوث الحرب السيبرانية والمنظمات المعادية للاحتلال وصولا إلى بحوث تتعلق بحماية الجبهة الداخلية والعلاقات الاجتماعية وصناعة الرأي في الإعلام وكذلك ميزان القوى العسكرية في المنطقة.

٢-تدل معطيات معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني في تقييمه (تقريره) الإستراتيجي السنوي الذي سلمه إلى رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ أن هنالك ثلاث تهديدات وتحديات تحيط بمستقبل دولة الاحتلال وهي أولا: تعاظم القدرات الدفاعية إيران وبرنامجها النووي، ثانيا: الساحة الفلسطينية متمثلة في غزة والضفة الغربية، وثالثًا: الجبهة الداخلية في دولة الاحتلال.

٣-وورد في التقرير الأمني الصهيوني أن تقييم قطاع غزة والضفة الغربية بأنهما تهديد كبير للاحتلال وأن المطلوب معالجة ملف الضفة بالمزيد من التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة في الضفة لتجاوز أي تصاعد من أعمال المقاومة وأنهم بذلك يمكنهم السيطرة على هذا التحدي الكبير ولا تبدو هذه المعلومة مجرد كلمات بريئة إذا ما حاولنا فهمها فإن أجهزة التنسيق الأمني فعليًا تمارس الإرهاب السياسي في الضفة ضد عناصر المقاومة حتى من يمارسون المقاومة الشعبية ضد عدوان الصهاينة وجرائمهم لم يسلموا من هذا الإرهاب ضمن مسلسل العبث بالساحة الفلسطينية الداخلية لم يعد للسلطة أجندة وطنية بل باتت بمثابة وكالة أمنية، وما سمعناه تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني بينت بالأمس بأنه لن يسمح بقيام دولة فلسطينية يؤكد ذلك اكثر من مرة على لسان رأس الهرم في دولة الاحتلال الذي يرفض أي تعامل سياسي مع السلطة وأنما يريده من بقائها رغم ضعفها هو وظيفة أمنية فقط المال مقابل الأمن، ويمكن تفسير اللقاءات المتكررة التي تعقدها قيادة التنسيق الأمني في الضفة مع الاحتلال أن هدفها هو تصفية وملاحقة المقاومة وتنفيذ تعليمات الاحتلال الأمنية، ولكن رغم كل هذه التحديات فإن تصاعد العمليات الجهادية لقوى المقاومة والتحركات الشعبية في الضفة الغربية هو بمثابة رسالة واضحة من أهل الضفة بأنهم يعتبرون المقاومة هي الحاضنة الحقيقية للمشروع الوطني الفلسطيني. وان الانحرافات الواضحة من قبل أجهزة التنسيق الأمني في الضفة عن مبادئ المشروع الوطني وتجذر الفساد وتزييف الحقائق في مؤسساتها وما تمارسه من ظلم وطغيان وإرهاب سياسي ضد المواطنين والمقاومة في الضفة يعد مخالفات صارخة للقيم الثورية والوطنية رغم كل هذه التحديات والصعاب فالمقاومة مستمرة وصولًا للانتصار الحتمي على الاحتلال والقوى الظلامية التي تقف خلفه.

٤-وفي المقابل فإن جبهة غزة تمثل تهديدًا خطيرًا في مواجهة الجيش الصهيوني وتعاظم قوة حركة حماس وقوى المقاومة وهو ما برز جليا بانتصار المقاومة في معركة سيف القدس التي رسخت فلسفتها الجهادية ووحدة الجغرافيا والعمل الجماعي الذي كان تحت لواء غرفة العمليات المشتركة وما أنجزته من نجاحات كسرت هيبة الاحتلال والمنظومة الأمنية فيه، وعبرت عن أصالة ومشروعية مقاومتنا وعملت بكثير من الإيمان والإعداد ومراكمة  على تعزيز هذا الانتصار فكانت رسائل مناورة درع القدس والركن الشديد٢ حملت رسائل بمثابة صواعق جديدة وتحدى للاحتلال عبرت عن الجاهزية العالية والقدرة على الدفاع عن شعبها بإمكانياتها وقدراتها.

٥-إن التهديد الأكبر والأخطر الذي يخشاه قادة الاحتلال ما هو الداخل المحتل والجبهة الداخلية الصهيونية وتراجع ثقة الصهاينة بالجيش الصهيوني والذي كان يعتبر بمثابة الجامع لكل عناصر المجتمع أو ما يمكن أن نسميه (بوتقة الصهر) لمكونات المجتمع الصهيوني المختلفة والمتناثرة عرقياَ وايديولوجياَ واجتماعياَ وسياسياَ ودينياَ وإن تراجع ثقة الجبهة الداخلية والجمهور بالجيش يعد خطر وجودي للاحتلال. وكذلك ينظر الباحثون الصهاينة ان العرب الفلسطينيين في الداخل المحتل يمثلون قنبلة موقوتة  بحسب الرؤية الصهيونية بسبب فشل دمجهم في دولة  الاحتلال وفشل إبعادهم عن فلسطين القضية والهوية، والذي برز واضحًا في دورهم الكبير في التصدي لعدوان الاحتلال على القدس والأقصى وخلال معركة سيف القدس انتفضوا في وجه العدوان وواجهوا الجيش الصهيوني، واليوم لا تزال جذوة الهبة الشعبية في النقب ضد محاولات التهويد ومصادرة الأراضي دليل جديد على ارتباطهم  وفي إشارة سريعة ايضا للجانب الديمغرافي في صراعنا مع الاحتلال نجد أن  تعداد المحتلين في دولة الاحتلال هم 9 مليون نسمة منهم 2 مليون عربي فلسطيني في الداخل المحتل وعلى الجانب الاخر الى 3 مليون فلسطيني في الضفة الغربية و2 مليون فلسطيني في قطاع غزة بمعنى أن هنالك سبعة مليون فلسطيني يواجهون سبعة مليون صهيوني وهي ديمغرافية يخشاها الاحتفال في ظل استعداد شعبنا الفلسطيني لخوض معركة استنزاف وصولا إلى حرب التحرير و معركة وعد الأخرة ايماناَ بحتمية الانتصار وأن المشروع الصهيوني إلى زوال.

٦-وفي دائرة هذا التقرير أوصى الخبراء العسكريون الصهاينة وهم 17 باحث من الجنرالات  والباحثين الأمنيين في تقرير معهد الأمن القومي للعام 2022 القيادة السياسية في دولة الاحتلال بالتصدي للتحديات الثلاث ايران، المقاومة في غزة والضفة، وتعزيز الجبهة الداخلية بالتوازي  أي مواجهتهم بالتزامن معاَ وهذا لأهمية الجبهات الثلاث وهو ما أشار إليه الكاتب العسكري الصهيوني تل ليف رام في صحيفة معاريف، ومن هنا علينا كفلسطينيين أن نعمل معًا مقاومة وشعبنا  من أجل أن تكون المعركة القادمة ضد جرائم الاحتلال على كل الجبهات مما يشكله من تحديات كبرى فرصة أكبر لتحقيق أعمق انتصار.

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت