نظمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمشاركة واسعة من شخصيات وطنية ومجتمعية وحركات شعبية مساء الأحد وقفة جماهيرية حاشدة في ميدان الجندي المجهول بمدينة غزة رفضاً لانعقاد المجلس المركزي ، وتأتي هذه الوقفة تزامناً مع وقفات جماهيرية أخرى في مدينة رام الله.
ورفع المشاركون في الوقفة أعلام فلسطين ورايات الجبهة الشعبية، واليافطات الرافضة لانعقاد جلسة المجلس المركزي بعيداً عن الاجماع الوطني، والمُنددة بنهج "الهيمنة والتفرد الذي تنتهجه القيادة المتنفذة"، وسط هتافات غاضبة تندد باستمرار "اختطاف المؤسسة الوطنية واحتجاز القرار الوطني من قبل هذه القيادة المتنفذة". حسب ما ذكرت الجبهة
وألقت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية د. مريم أبو دقة كلمة، قالت فيها " في هذا الوقت وهذه الظروف التي تتعاظم فيها المخاطر والتحديات الوطنية أمام هذه الهجمة الصهيونية المسعورة على حقوق وثوابت ووجود شعبنا ينعقد هذا المجلس المركزي برام الله بطريقة مخالفة للإرادة الشعبية والإجماع الوطني، وتجاوزاً لمخرجات الحوار الممتد منذ عام 2005 وحتى اللحظة، وما تفرع عنها من لجان وعلى رأسها لجان إصلاح المنظمة".
واعتبرت أبو دقة أن "مثل هذه الجلسات تعمق الانقسام وحالة الشرذمة، وتعزز الهيمنة والتفرد في مؤسسة وطنية بناها شعبنا بدماء شهدائه وتضحيات جرحاه وأسراه وبندقية مناضليه، الذين خاضوا معارك البطولة والشرف دفاعاً عن هذه المؤسسة الوطنية. "
وشددت أبو دقة بأن "الأساس هو أن يعقد الحوار الشامل بمشاركة جميع القوى والفعاليات لتنفيذ القرارات الوطنية وخاصة قرارات المجلسين المركزي والوطني بسحب الاعتراف بالاحتلال، والقطع مع اتفاقيات أوسلو والتزاماتها الأمنية والسياسية والاقتصادية وفي المقدمة منها التنسيق الأمني واتفاقية باريس الاقتصادية."
وأكدت على ضرورة الالتزام بالنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والقانون الأساسي، معتبرة" الاشتراط بالاعتراف بقرارات الشرعية الدولية لا معنى له لأن وثيقة الوفاق الوطني التي وقعت عليها غالبية القوى الفلسطينية تضمنت ذلك، إلا إذا كان يقصد منها الالتزام بما يُسمى قرارات الرباعية الدولية التي نرفضها وغالبية القوى، وهدفها باعتبارها تنتقص من حقوقنا وثوابتنا الوطنية، وتضع المنظمة على مهداف التصفية الأمريكي."
ودعت القيادة "المتنفذة" للتراجع عن" نهجها المدمر، والعودة للالتزام بتنفيذ مقررات الإجماع الوطني التي تنص على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها على أسس ديمقراطية وسياسية باعتبار ذلك المدخل الأساسي لترتيب البيت الداخلي وإنهاء الانقسام وبناء الوحدة الوطنية."
وطالبت باعتبار "صيغة الأمناء العامين أو لجنة تفعيل المنظمة إطاراً قيادياً مؤقتاً ومرجعية سياسية لشعبنا حتى يتم انتخاب مجلس وطني جديد بمشاركة جميع القوى وفقاً لقانون التمثيل النسبي الكامل واستناداً لميثاق وطني واستراتيجية وطنية."
وأكدت على "ضرورة الإفراج عن الانتخابات الديمقراطية الشاملة بدءاً بانتخاب مجلس وطني باعتبار ذلك هو إحدى المداخل لإنهاء الانقسام وبناء الوحدة وتطوير وتجديد شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، معتبرة أن تشكيل أي حكومة فلسطينية يجب أن تُكون محررة من اشتراطات الرباعية الدولية تستند لقرارات المجلسين الوطني والمركزي بإنهاء العلاقة مع الاحتلال واتفاق أوسلو، والتأكيد على الفصل في الصلاحيات والمهام بين السلطة والمنظمة باعتبار المنظمة هي المرجعية السياسية للسلطة وليس العكس."
وشددت في ختام كلمتها على" ضرورة تشكيل قيادة وطنية موحدة لإدارة المقاومة الشعبية وتحديد أشكال النضال الوطني الفلسطينية وفقاً للظرف المحدد وصياغة برنامج ميداني يعزز من المقاومة الشعبية كما هو قائم في بيتا وجبل صبيح وبيت دجن وسلوان والشيخ جراح، وضرورة تعزيز صمود الجماهير وخاصة في مخيمات اللجوء والشتات، ووقف سياسة الإهمال بحق أهلنا هناك."
من جانبه، أكد محسن أبو رمضان عضو المجلس المركزي الفلسطيني في كلمة له أن "المجلس ينعقد اليوم في مدينة رام الله وسط حالة من النقاش والجدل الواسع والتي ربما لم تشهده القضية منذ زمن"، لافتاً أنه "بعد توقيع اتفاق أوسلو تم تهميش المنظمة لصالح السلطة وبدأت تتآكل هيئات المنظمة تدريجيًا بكل هيئاتها ومؤسساتها واتحاداتها الشعبية التي يجب أن تُنتخب جميعًا بصورة ديمقراطية أو عبر التوافق الديمقراطي."
وكشف أبو رمضان أن "بعض القوى والشخصيات الوطنية قررت الاعتذار أو مقاطعة عقد الدورة الراهنة للعديد من الأسباب أبرزها أنها تأتي لوظيفة محددة عنوانها "ملئ الشواغر" التي من الضرورة أن يتم مِلئها عبر المجلس الوطني وليس عبر المجلس المركزي الذي يشكل فرعًا من فروع المجلس الوطني والذي حصل على صلاحيات الأخير في تجاوز للنظام الداخلي."
وأضاف بأن" العديد من القرارات التي اتخذتها دورات المجلس المركزي منذ عام 2015 الى الآن لم يتم تنفيذها وبقيت حبرًا على ورق وخاصة بوقف الاعتراف بدولة الاحتلال ووقف العمل بكل من التنسيق الأمني وبرتوكول باريس الاقتصادي."
واعتبر أبو رمضان أن" اعتذارهم عن المشاركة يعني التمسك بالمنظمة ولكن باتجاه إصلاحها وإعادة بنائها ودمقرطتها وتعزيز الشراكة السياسية بها، مشيراً أن التراجع عن قرارات المجلس المركزي واجتماع الأمناء العامين في 3/9/2020 وتجميد الانتخابات والانتهاكات لحقوق الإنسان تعتبر من الأسباب الرئيسة لعدم مشاركتنا في هذه الدورة."
ومن أجل تصويب المسار طالب أبو رمضان "بضرورة تشكيل لجنة تحضيرية تتكون من أعضاء اللجنة التنفيذية والأمناء العامين ورئاسة المجلس الوطني وبعض الشخصيات المستقلة تهدف إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تحضّر للانتخابات الشاملة (التشريعي، والرئاسة والوطني) وقيادة وطنية موحدة لإدارة الصراع الوطني في مواجهة الاحتلال والاستيطان وسياسة السلام الاقتصادي المبنية على فكرة تقليص الصراع وكذلك في مواجهة سياسة التمييز العنصري الذي أظهره بوضوح تقرير امانستي الأخير."
من جهته، قال المحامي د.صلاح عبد العاطي عضو التحالف الشعبي الفلسطيني والحملة الوطنية لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، خلال الوقفة "من غير الجائز قانوناً دعوة المجلس المركزي في غياب قانونية وشرعية الأصل (المجلس الوطني)"، مشدداً على ضرورة وضع استراتيجية تصون وحدتنا وحقنا في النضال التحرري من سلطة أوسلو القائمة والانتقال الى مهمة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية."
وأكد عبد العاطي بأن "الدعوة لانعقاد هذا المجلس المركزي تتم في ظل استمرار التغول الصهيوني الاستعماري، عبر تكثيف مشاريع الاستيطان الصهيوني والفصل العنصري، واستمرار الحصار والعدوان على قطاع غزة، ومحاولات السيطرة على الأرض والموارد الطبيعية، وتصفية حقوق شعبنا، واستمرار عمليات الإبادة والتصفية الجسدية بحق أبناء شعبنا من القدس إلأى النقب، والانخراط الرسمي الفلسطيني في أوهام أوسلو".
وشدد د.عبد العاطي بأن "أكثر ما يُشكّل خطراً على مشروعنا التحرري هو استبدال الحلول "الأمنية" و "الاقتصاديه" مع المحتل الصهيوني بدلاً من الحلول الوطنية، رافضاً أي قرارات تستهدف النيل من صلاحيات المجلس الوطني الأصلية، أو أي تعيينات في رئاسة المجلس الوطني واللجنة التنفيذية باعتبار أنها تمت من جهات فقدت شرعيتها."
كما أكد معارضته بشدة لدعوة المجلس المركزي للانعقاد بشكل غير توافقي، مؤكداً بأن انعقاده هو سحبٌ لصلاحيات المجلس الوطني، ومساسٌ بدوره.
ودعا عبد العاطي للوقوف صفاً واحداً في وجه سياسة الهيمنة والاقصاء والتفرد بالقرار الوطني الفلسطيني، ودعوة كافة القوي والشخصيات لمقاطعة جلسة المجلس المركزي بما يعزز فرص نجاح الجهود الجزائرية والمصرية لاستعادة الوحدة .
ودعا أيضاً للتمسك بالمنظمة وتفعيلها علي أسس الشراكة وكأداة توحيدية للنضال الوطني الفلسطيني ، والدعوة إلى اجراء انتخابات شاملة وعلي رأسها انتخاب مجلس وطني جديد يمثل شعبنا الفلسطيني في شتى بقاع الأرض، ويوحد نضالاته في كافة أماكن تواجده ، وفق استراتيجية تحررية.