فقر التعلم ..

بقلم: هنادي براهمه

هنادي براهمة
  • بقلم : هنادي براهمة

تنفق الدول في مختلف انحاء العالم 5 مليارات الدولارات على التعليم من مرحلة الروضة حتى الثانوية العامة، و لكن حسب خبراء فانه ان لم يرجع جميع الطلاب الى الفصول المدرسية والانتظام في الادراسة على مقاعدهم فان هذا الجيل قد يسخر من ضعف االى ثلاثة اضعاف المبلغ في المستقبل .
 كان لانتشار فيروس كورونا آثار سلبية على الوضع الصحي وازهاق ملايين الارواح، والركود الاقتصادي و ارتفاع معدلات الفقر، وتعدتها ايضاً لتؤثر على شريحة الاطفال والشباب بشكل خاص من خلال حرمانهم من الالتحاق بالمدارس وبقاؤهم بعيدين عن الصفوف.
بعد مرور عامين على انتشار الجائحة وكأحد ادوات الوقاية والمكافحة قررت جميع دول العالم اغلاق المدارس والجامعات، والتي أُعتبرت سبباً في انتشار الفيروس، وحفاظاً على المزيد من السكان من الاصابة وللتخفيف من الاكتظاظ في المراكز الصحية والمستشفيات.
بعد تلك تنفيذ هذا القرارات، أدركت العديد من الدول ان هناك تكلفة اجتماعية وتعليمة واضحة ونتائج غير مستحبة أنتجها الإغلاق على الاطفال والشباب مثل العديد من بلدان أوروبا وبعض دول شرق آسيا.
وحسب تقرير للبنك الدولي، فانه وحتى نهاية العام 2021، تم ضياع ما يزيد عن 200 يوم دراسي، (ما يُعادل عام دراسي)، وهذا الضياع قد يكون له نتائج سلبية على المدى الطويل، لا سيماعلى الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل.
كما ذكرنا سابقاً فان هذا الإغلاق كان من نصيب الفئة العمرية من عمر5 سنوات و غحتى عمر 22 عاماً، في العامين السابقين، والفاقد من التعليم ستنتقل معهم الى مراحل لاحقة، الامر الذي سيؤدي الى تفاوت كبير من جيل الى آخر، إذ ان غيابهم عن مقاعد الدراسة لا يعني انهم توقفوا عن التعليم فقط، بل ايضاً نسوا معظم ما تعلموه في المرحلة السابقة، إضافة الى تسرب ملايين الطلاب من المدارس، وهذا ما يسمى " فقر التعلم " ، والتي قدره البنك الدولي ب 53% -63% على مستوى العالم حتى نهاية العام2021، هذا قبل ظهور متحور اميكرون الذي سيؤدي الى تعديلات على تلك النسب(قد تصل الى 70%) .
لكن ما يستدعي الإهتمام هو ان أطفال الأسر المهشمة والفقيرة وبالتحديد الفتيات من تلك الفئات هم سيكونوا اكثر حظاً من معدلات فقر التعلم، ذلك بسبب قلة الفرص المتاحة لهم للحصول على التعلُم عن بُعد، لعدم اتصالهم بشبكة الانترنت أو ضعفها، عدم توفر اجهزة الكترونية مناسبة، او حتى المال الكافي لشراء بعض الوسائل، او حتى عدم تأهيل مكان في المنزل لمراجعة الدروس.
بالرغم من أن استخدام التلفاز الذي يقدم المواد التعليمية لكافة المراحل كان له فائدة ولكنها محدودة، ولا يمكن ان تحل محل التعليم الوجاهي داخل الصف.
إذاً فمثلث الخطر لانتشار الجائحة كان يتمثل بانخفاض معدلات النمو، وارتفاع معدل الفقر، واتساع الفجوة واللامساواة بالفرص، وهذا المثلث سيهدد التنمية الاجتماعية لعقود قادمة.
وكانت المحصلة اتساع نطاق التفاوت الكبير بالفعل في الفرص، ففي بلدان العالم النامية، قد تؤدي جائحة كورونا إلى تعزيز إنخفاض معدلات النمو، وارتفاع معدلات الفقر، وزيادة عدم المساواة على مدى جيل كامل، وهو خطر ثلاثي رهيب يهدد الرخاء العالمي لعقود قادمة.
إذأ، المنهج المطلوب للتخفيف من حالة الارتباك التي سببتها الجائحة، ولزيادة نسبة التعلم عند جميع الطلاب على اختلاف مستوياتهم، وارتفاع مستوى الكفاءة لديهم (بعدالة أكثر)، هو التعليم الدامج أو ثلاثي العناصر من التعليم الوجاهي، التعلم عن بُعد، والتعليم العلاجي.
أن يتم إعادة فتح المدارس مع البيئة الآمنة، وحيث أن التعليم خدمة مقدمة ضمن منظومة الحقوق الاساسية ناهيك عن الاهداف الاكاديمية والاقتصادية، فأن التعليم هدف اجتماعي ايضاً، لذلك يتوجب الاهتمام على المستوى الوطني، من خلال تطوير المباديء التوجيهية وتوجيه الانفاق الاستثماري للحكومة والمسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص نحو التعليم ومدارس آمنة للجميع.
والاستثمار في التكنولوجيا الى جانب الاستثمار في تطوير مهارات التعلم لكل من مقدم الدرس ومتلقيه، فالاستثمار المتعدد في التعليم قد يخفف من تكلفة التعليم على الطلاب و ذويهم، اضافة الى استخدام نتائج هذه الاستثمارت لاحقاً بعد الانتهاء من الازمة(إن شاء الله )، لتحسين الاداء داخل الصفوف.
إن مستقبل ملايين الاطفال اصبح في خطر، وبسبب هذه الجائحة التي لم يتسطع احد حتى الان تقدير الوقت الزمني لتوقف إنتشارها، بعد سنوات من الآن ستكون الخسارة هي الأكبر ضياع جيل كامل.
مدير عام التنمية الاجتماعية في محافظة اريحا والاغوار

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت