الليبرالية والديمقراطية والدين

بقلم: خالد أحمد

خالد أحمد
  •  خالد أحمد

كثيراً ما يتردد مصطلح الليبرالية ،وأن القائد أو الزعيم أو السياسي الفلاني ليبرالي وهكذا وفي هذه المقالة سأحاول تسليط الضوء على هذا المصطلح ؛ فالليبرالية تعرف على أنها نظرية أو فلسفة سياسية تقوم على أفكار تدعو للحرية والمساواة فالليبرالية الكلاسيكية تدعو إلى الحرية، بينما الليبرالية الاجتماعية تدعو إلى المساواة ويتبنى الليبراليون أفكاراً تدعو إلى حرية التعبير ،وحرية الدين ،والحفاظ على الحقوق المدنية، بالإضافة إلى المساوة بين الجنسين .

والليبرالية مذهب فكري يرى وجوب احترام استقلال الأفراد، ويعتقد أن الوظيفة الأساسية للدولة هي حماية حريات المواطنين مثل حرية التفكير، والتعبير، والملكية الخاصة والحرية الشخصية وغيرها وهي عكس الديكتاتورية.

ولهذا يسعى هذا المذهب إلى وضع القيود على السلطة، وتقليل دورها، وإبعاد الحكومة عن السوق، وتوسيع الحريات المدنية ،ويقوم هذا المذهب على أساس علماني يعظم الإنسان ويرى أنه مستقل بذاته في إدراك احتياجاته. وهناك بالمناسبة  رئيس عربي حالي عرف عن نفسه على انه ليبرالي خلال لقاء متلفز جرى معه مؤخراً عبر احدى الفضائيات العربية وهو الرئيس العراقي "برهم صالح" .

والليبرالية مصطلح أجنبي معرب مأخوذ من (Liberalism) في الإنجليزية               و (Liberalisme) في الفرنسية، وهي تعني "التحررية"، ويعود اشتقاقها إلى (Liberaty) في الإنجليزية أو (Liberate) في الفرنسية، ومعناها الحرية .

 نشأة الليبرالية

 ظهرت الليبرالية كحركة سياسية أثناء عصر التنوير، حيث حظيت بشعبية كبيرة بين الفلاسفة والاقتصاديين في العالم الغربي، وذلك بسبب رفض الليبرالية للمفاهيم الدارجة خلال ذلك الوقت من الملكية المطلقة والتميز الإلهي للملوك، وسيطرة دين الدولة على الشعب ،ويعود تأسيس الليبرالية إلى الطبيب والفيلسوف البريطاني جون لوك

  (1632-1704م) في القرن السابع عشر، حيث دعا لوك إلى حق الإنسان الطبيعي في الحياة والحرية والملكية، وضرورة توقف الحكومات عن انتهاك هذه الحقوق المطلقة مستغلين العقد الاجتماعي، كما سعى إلى استبدال الحكم الديكتاتوري بحكومة ديمقراطية تمثل كافة شرائح المجتمع.

انتشار الليبرالية

انتشرت الليبرالية بسرعة كبيرة بعد الإطاحة بالحكم الفرنسي، حيث شهد القرن التاسع عشر تأسيس الكثير من الحكومات الليبرالية في دول قارة أوروبا، وأمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية، وزاد انتشار أفكار الليبرالية في القرن العشرين، وأصبحت جزءاً مهماً في إنشاء الدول ذات الرفاهية.

خصائص الليبرالية

لا تؤمن الليبرالية بوجود مرجعية مقدسة، وهي بذلك عكس الراديكالية، لأنها إن قدست أحد رموزها أو كتبها، فإنها تفقد خاصية مهمة من خصائص الليبرالية، لتصبح مذهباً منغلقاً على نفسه، ويعتبر الفضاء الواسع المرجعية الأساسية لليبرالية، فكل ليبرالي هو المرجع الأساسي لليبراليته وحريته.

الفرق بين الليبرالية والديمقراطية

 تنتهج الليبرالية مبدأ النزعة الفردية التي تقوم على حرية التفكير والتسامح وتقديس كرامة الإنسان وضمان حقوقه في نواحي الحياة من حرية الدين والاعتقاد، وحرية التعبير والمساواة في الحقوق أمام القانون، وأنه لا يوجد أيّ دور للدولة في علاقاته الاجتماعية فالدولة الليبرالية يجب أن تقف على مسافة واحدة من جميع أطياف الشعب ولا تتدخل في أيٍ منها  إلا عندما يكون هناك ضرر في مصالح الفرد.

بينما تقوم الديمقراطية الليبرالية على تفعيل حكم الشعب عن طريق الاقتراع العام تعبيرًا عن إرادته واحترامًا لمبدأ الفصل بين السلطات وخضوع الدولة للقانون من أجل تأمين الحريات الفردية، ورفض ممارسة السيادة من خارج المؤسسات، وهناك تقارب بين الليبرالية

 

والديمقراطية فيما يخص مسألة حرية المعارضة السياسية، فلولا الحريات الفردية التي أسستها الليبرالية لا يمكن تشكيل معارضة سياسية فعالة ،ولن تكون هنالك انتخابات حقيقية ذات معنى ولن تكون الحكومة منتخبة فعلًا بشكل ديمقراطي ؛ لكن يظهر التنافر في ناحية أخرى فالليبرالية لا تهتم بحرية الأغلبية، وإنما تركز على حرية الفرد بأنواعها وهي بذلك تحمي الأقليات خلافًا للديمقراطية التي تعطي السلطة لغالبية الشعب وتسمح للحكومة بأن تحد من بعض حريات الفرد حسب حاجة المجتمع.

الليبرالية والدين

فيما يتعلق بالعلاقة بين الليبرالية والدين نجد أن الليبرالية لا تكترث لسلوك الفرد فهو ما زال محدوداً في دائرته الخاصة التي تحفظ حقوقه وحريته ؛ إلا أن هذه الدائرة صارمة خارج ذلك الإطار؛ فالليبرالية تسمح للفرد بأن يمارس حرياته من خلال تبنيه للأفكار الدينية التي يراها مناسبة له، شريطة ان لا تصبح ممارساته مؤذية للآخرين، فعندها يجب محاسبته قانونياً على هذه الممارسات .

الليبرالية الإسلامية

ظهرت العديد من التيارات الفكرية التي تدعو لليبرالية إسلامية غالبًا ما تدعو للتحرر من سلطة علماء الدين والفصل بين آراء علماء الدين الإسلامي ،وبين الإسلام ذاته    ويميلون لإعادة تفسير النصوص الدينية وعدم الأخذ بتفسيرات رجال الدين القدامى حيث يرون أن الإسلام بعد تنقيته من هذه الآراء والتفسيرات فإنه يحقق الحرية للأفراد لاسيما حرية الرأي والتعبير ،وحرية الاعتقاد. في المقابل يرد العلماء المعادين لليبرالية على ذلك بكونها نشأت في مجتمع مقهور من قبل الكنيسة، وهي نتاج بشري لا يمكن مقارنته بما جاء من عند الله حيث أن الإسلام جاء شاملاً ويتمثل ذلك في القرآن الكريم الذي ما هو إلا حياة تمثلت في "النبي محمد عليه الصلاة والسلام" ،ولا يحتاج إلى تعديل في أفكاره  وهناك بالطبع الليبرالية المسيحية والليبرالية اليهودية .

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت