- فاضل المناصفة
سيكون رمضان المقبل امتحانا صعبا على الفلسطنيين في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة وارتفاع أسعار السلع التموينية عالميا، ولكن المعاناة التي يشعر بها اهلنا القطاع ستكون مضاعفة، اذ لم تعد المنحة القطرية للأسر الفقيرة تكفي بالكاد لتغطية النفقات الغذائية لمدة نصف شهر مع الغلاء الذي شهدته اغلب المواد الأساسية، كما لم يعد الراتب اليومي كافيا للتكفل بأسرة متكونة من 4 أفراد، وبالرغم من كل مؤشرات التضخم العالية وقلة فرص العمل، تدير حكومة حماس ظهرها للمواطن في غزة، منتظرة هبات الأونروا ومنحة النعيمي لعلها تكفيها شر الغضب الذي يشعر به الناس.
لا ندري على اي اساس تم احتساب المنحة القطرية اذ إنه من غير المعقول ان المائة دولار قد بقيت بنفس القيمة التي كانت عليها قبل الجائحة لا بل تحدثث وسائل الإعلام عن قرار تخفيضها من 10 الى 3 مليون دولار بحجة اعادة ترتيب عملية التوزيع ولكن هذا سيزيد الوضع تعقيدا فيما اذا ثم شطب او الغاء الاستفادة للبعض، ولا ندري أيضا لماذا تصر حماس على تجاهل الوضع الاقتصادي ونسبه لسياسة الاحتلال في التضييق على القطاع، وكأن الإحتلال هو سبب الجوع وغياب التنمية وإغلاق العديد من المصانع التي لم تتلقى اي دعم يسمح لها بتخطي تبعات أزمة كورونا، كما ان الحرب الأخيرة تسببت في كبح للنشاط الاقتصادي بين القطاع والعالم الخارجي من دون ان تحقق اي مكتسبات.
ستكون موائد الافطار خالية من العديد من الأطباق، اذ لم تعد في متناول الجميع، وسيحاول المواطن توفير ما هو اساسي من غير أن يكلف نفسه في التفكير بما لذ وطاب، وأمام هذا الحال لا يسع حكومة غزة سوا تذكير المواطنين بفوائد الصيام واغتنام الفرصة للقيام بالريجيم لفقدان الوزن الزائد.
وفي الجهة المقابلة وان كان حال سكان الضفة اقل قسوة من حال سكان القطاع الا ان الاسواق تشهد كذلك تزايدا في الأسعار يضع المواطن امام حتمية المقاطعة أو شد الأحزمة قدر الامكان لاجتياز شهر رمضان بسلام. خاصة وان السلطة تمر بأحلك أيامها في ظل عجز في الموازنة وارتفاع النفقات، الأمر الذي جعل الدعم الاجتماعي ينعدم.
نحن مقبلون على ثورة جياع في غزة أمام هذا الكم الهائل من المعاناة التي لا يلتفت لها أحد من المسؤولين، الذين يستغلون اضراب الأسرى أو تصعيد إسرائيلي لركوب الموجة والتغطية عن أهم المسائل التي يفترض بها أن تعالج وهي أحوال الناس التي أصبحت تتدافع امام الغرف التجارية أملا في تصريح عمل في دولة الاحتلال، والحمد لله أن حماس لم تسم هذا خيانة للقضية بل اكتفت بالصمت.
لم يعد هناك متسع من الوقت لانقاد ما يمكن انقاده خاصة وان الأزمة في أشدها ونحن نقترب من شهر رمضان الفضيل من دون أدنى مؤشر يبعث الامل والتفاؤل ولكنها فرصة لإيقاظ حكومة غزة من سباتها ودعوتها لإجراءات سريعة تخفف من وطأة المعاناة التي يشعر بها أهالينا في غزة، امامنا الان الفرصة للمضي قدما نحو هدنة شاملة مع الاحتلال تساعد في إعادة ضخ شرايين الحياة في اقتصاد غزة والعمل على تقليص رقعة الفقر، وعلى حماس أن تتذكر ان أحوال الناس ينبغي أن تكون من صلب اهتماماتها.
السلطة الفلسطينية أيضا مطالبة ببدل المزيد من الجهود لإخراج الضفة من الجمود الاقتصادي الذي تعانيه بعد الجائحة، دعونا الان نفكر في إعادة بناء الثقة التي تكاد تنعدم عند الناس ولا تنسوا ان الجوع كافر ويفعل ما لا يفعله الاحتلال .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت