- بقلم/ نعمان فيصل
كشفت مخرجات المجلس المركزي الفلسطيني في دورته الحادية والثلاثين والمنعقدة في 6-8 شباط 2022 بمدينة رام الله عن إطلاق الشعارات الرنانة التي لا تغير الواقع ولا تبدله، وعن البون الشاسع بين القول والفعل، إذ حملت هذه الدورة عنواناً كبيراً وهو: "دورة تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وحماية المشروع الوطني، والمقاومة الشعبية"، واتضح جلياً أنه لا منظمة فُعّلت، ولا ديمقراطية مورست، ولا وحدة تحققت، واتجهت قرارات المركزي على ترسيخ غياب عمل المؤسسات، ومن أهمها المجلس الوطني الفلسطيني لصنع القرار، وعمل محاصصة على حساب الأهلية والكفاءة، بحيث غدت هذه المجالس، ومنها المجلس المركزي يتوقف دورها على مدى الحاجة إلى استدعائها لتزكية القرارات وليس لصنعها، فالتشرذم والشللية ظلا سمات الواقع السياسي الفلسطيني.
لذا، نحن في حالة أزمة، والأزمة هنا كما شرح الفيلسوف الإيطالي "غرامشي" تكمن في أن: "القديم في مرحلة موت، بينما الجديد لا يمكن أن يولد بعد"، وربما من تداعيات هذه الأزمة التي تمثّل واقعنا اليوم تصاعد شعور المواطن الفلسطيني بالكبت واليأس والحرمان من أدنى حقوقه العامة، خاصة حق اختيار ممثليه تحت ذرائع واهية، وتفسير ذلك ببساطة هو أن احتكار القرار السياسي، واختزال السلطة والمنظمة ومؤسساتها في شخص الحاكم الفرد وقلة من أتباعه، ونفي إرادة المواطن يخلق نظاماً منغلقاً على ذاته نحو احتضان القيم التقليدية الرجعية مهما كانت ادعاءاته التقدمية.
ومن العسف أن نجعل شرط حق اختيار الممثلين مقصوراً على فئة "ليغارشية" دون الالتفات إلى شرط احترام حق الشعب الفلسطيني فيه، وهذا شرط أساسي ينبغي على كل امرئ أن يتمسك به، ويدافع عنه لنفسه وللآخرين على السواء . وبلا شك، فإن غياب قيادة جماعية ساعد على تضخيم الخلافات الفلسطينية الداخلية، لتتحول إلى صراع على السلطة في غياب مؤسسات تمثيلية فعالة، بين فصائل متصارعة بعيدة عن التعاون والتكامل، وثقافتها السياسية محدودة، ودائرة علاقاتها ضعيفة، ونظرتها إلى الواقع السياسي أحادية، ويكون ذلك مدعاة لحصول خلل في الفعل الاجتماعي العام، لا بدَّ من التنبيه إلى مآلاته والتعجيل بإصلاحه من خلال الانتقال من الشعار إلى الممارسة، والتحرك لبلورة الاستراتيجيات وصهرها في بوتقة مؤسسة وطنية جامعة تجسّد صدقية تمثيلها، بحيث تلبي توجهات المواطنين بلغة وبرنامج نضالي قادر على تعبئة أكثرية الناس بمختلف أطيافهم ومجموعاتهم، وبحيث توحد ولا تفرق، وتنهي التذبذب في العلاقات بين الكل الفلسطيني، فالمعركة أوشكت أن تشتد، ولا مجال للتحزب ووحدانية الموقف سيما وأن الأرض تشتعل من تحت الأقدام، فعلى الذين يملكون القوة والسلطة، أن يمتلكوا الإرادة لإنقاذ الشعب الفلسطيني من وهدة البؤس، وخطر الانهيار، وكما قيل قديماً: "لا يلتقي سيفان في غمد واحد" !!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت