- بقلم حمادة فراعنة
هذه أرضنا إما أن نعيش عظماء فوقها أو شهداء تحتها نرويها بدمائنا، بهذه الكلمات المعبرة مع قسم خليلي بقوله «علي الطلاق لن نرحل» يقولها المناضل الشعبي عزمي الشيوخي بقوة وثقة في مواجهة جنود المستعمرة، في كل مكان، في كل موقع، في كل قطعة أرض مستهدفة من قبل الاحتلال والاستيطان، حتى تحول إلى ظاهرة لعلها تكتسب صفة الديمومة والانتشار في مواجهة الاحتلال.
الثورة التي صنعها أبو عمار مع رفاقه المؤسسين في حركة فتح، وقادة الجبهة الشعبية، والديمقراطية، والقيادة العامة، وجبهة التحرير الفلسطينية، والنضال الشعبي، وباقي الفصائل والأحزاب، وشخصيات معتبرة، رحلوا ورحلت معهم تلك الثورة بتضحياتها، وما صنعته بإستعادة الهوية الفلسطينية، والتمثيل الفلسطيني، والإقرار بوجود الشعب وقضيته وحقوقه، وكان لها آخر إنجاز حققه أبو عمار، بنقل الفعل والعنوان والقضية والنضال، من المنفى إلى الوطن، إلى وطن الفلسطينيين وأرضهم ومسامات شعبهم، على خلفية الانتفاضة الأولى 1987، واتفاق أوسلو 1993.
اليوم، النضال الفلسطيني، ولو كان متعثراً، ممزقاً، بسبب الإنقلاب والانقسام، وفشل محاولات المصالحة والشراكة والوحدة، انتقل من المنفى إلى وطن الفلسطينيين على أرضهم، سواء في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، وفي مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، وبات الصدام بين الطرفين، بين المستعمرة وأدواتها وأجهزتها وتفوقها من طرف، في مواجهة شعب فلسطين، بإمكاناته المتواضعة الممزقة، وبسالته المميزة، والاستعداد العالي للتضحية من قبل مكوناته وتعدديته، من طرف آخر.
قيادات جديدة وُلدت، أو كادت، أو على طريقها للولادة والظهور من رحم التراث والكفاح والتضحيات، تشكل امتداداً لما تم صنعه وولادته من قبل الراحلين في المنفى، حيث ولدت الثورة من مخيمات اللجوء والشتات والمنافي.
ثورة الداخل، ظهرت ونمت وسجلت إنجازاتها، عبر الانتفاضة الأولى 1987، والانتفاضة الثانية 2000، متقطعة بينهما، وبعدهما، ولكنها لم تتحول إلى ظاهرة الانتصار لدفع الاحتلال نحو الرحيل وهروبه وهزيمته على خلفية الكلفة التي يسببها له النضال الفلسطيني، فالنضال ما زالت كلفته يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني، بينما الاحتلال متواصل يتسع، يأكل الأرض، ينهب خيرات الفلسطينيين، وتتم مكافأته بمواصلة الانقسام فلسطينياً، وعدم عزلته دولياً.
مظاهر الاحتجاج متواصلة، قيادات شعبية تبرز، بتواضع ورفعة، ومبادرات شبابية تتسع، ولكنها لم تتحول إلى انتفاضة، إلى ثورة شعبية على امتداد وطن الفلسطينيين، مظاهر احتجاجية، لم تتحول إلى حالة مكلفة على المستعمرة واستمرار الاحتلال، وبالتالي لا تحمل مظاهر الانتصار، ولن تحمل طالما عوامل صنع الانتصار غير متوفرة بعد وهي:
1- برنامج سياسي مشترك بين كافة الفصائل والأحزاب والفعاليات الشعبية.
2- مؤسسة تمثيلية واحدة على أساس البرنامج السياسي، والشراكة الكفاحية، والقيادة الموحدة في إطار منظمة التحرير ومؤسساتها وسلطتها الإدارية في الضفة والقطاع.
3- وسائل كفاحية متفق عليها ضمن البرنامج السياسي والعمل النضالي المشترك.
مبادرات العمل الآن بيد الاحتلال ومستوطنيه، هم الذين يبادرون نحو الأذى والقمع، وردات الفعل من قبل الفلسطينيين، بدلاً من أن يكون الفعل من الفلسطينيين، وردات الفعل من طرف المستعمرة وأدواتها وأجهزتها ومستوطنيها.
النضال الفلسطيني سجال، محطات متصلة، آفاقه مفتوحة مع ولادات جديدة قادرة على الانتصار ومتكيفة مع شروطه.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت