التنسيق بين حماس وإسرائيل على أفضل ما يكون

بقلم: أشرف صالح

أشرف محمود صالح
  • أشرف محمود صالح

بعد فشل حماس في تسويق نفسها للعالم كبديلة عن منظمة التحرير والتي تسيطر عليها حركة فتح كونها تشكل الأغلبيه فيها , إتجهت حماس الى أن تكون النسخة الثانية من منظمة التحرير , ولكن بطريقتها الخاصة , الطريقة التي تبدو طريقة ذكية , على الأقل من وجهة نظري كمراقب , فالتنسيق الآن بين حماس وإسرائيل هو على أفضل ما يكون , وهو يعتبر تسوية سياسية  تحت مسمى إحتياجات إنسانية أو كسر ما يسمى بالحصار  , ويتربع على عرش هذه التسوية هو الإتفاق على دخول ثلاثون ألف عامل من غزة الى إسرائيل , وغالبيتهم سيعملون داخل المستوطنات وربما في معسكرات للجيش , وسيجلبون لغزة ملايين الشواقل ليكون المستفيد الأول من هذه الشواقل هم حماس , وهذا يعني تثبيت حكم حماس في غزة لطالما أن إقتصادها محصن من الإنهيار , وهذا يعني أن حماس ليس بحاجة الى حكومة إنقاذ تأتي الى غزة تحت مسمى مصالحة , أو أنها ليس بحاجة الى التقارب من رام الله بهدف إستخدامها كجسر لتلقي المساعدات الخارجية والتي تأتي الى غزة , أو بهدف إستمرار دفع فاتورة غزة من قبل حكومة اشتية كون حكومة اشتيه هي حكومة الكل الفلسطيني وبحسب ما قال اشتيه , فالأموال التي ستتدفق الى غزة سواء من وراء دخول عمال غزة الى إسرائيل , أو المنحة القطرية , أو غيرها من الأموال والمشاريع والتي لا حصر لها , هي بحد ذاتها ستعزز الإنقسام وتثبت حكم حماس في غزة تحت أي مسمى .

إسرائيل تعلم جيداً أن سقف حماس في المطالب هو ميناء ومطار ومنطقة صناعية ومحطة كهرباء وحقيبة أموال وتوفير فرص عمل , وتعلم أيضاً أن إستراتيجية حماس هي نسخة طبق الأصل من إستراتيجية منظمة التحرير , وهي التفاوض مع إسرائيل للحصول على دولة مدنية في حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية  , ورغم أن إسرائيل ترفض رفض مطلق لحل الدولتين , إلا أنها تتماشى مع المطالب الصغيرة لحماس كي تمنحها دولة في غزة , وتتماشى أيضاً مع أن تبقي السلطة كما هي , حكماً محدوداً ونفوذاً محدوداً على مساحة أرض أكبر من غزة وأصغر من الضفه , ولهذا تحرص إسرائيل على التنسيق مع حماس بشكل دائم كي تظمن إستمرار الحال على ما هو عليه , وهذا يعني شيئ خطير بمعنى أنه فصل كامل بين الضفة وغزة , وبمعنى أنه يقزم القضية الفلسطينية ويوصلها الى مجرد مطالب إقتصادية من جهة , ومن جهة أخرى جري مستمر وراء عملية سلام وهمية قد قضى عليها الزمن .

إن التنسيق الكامل بين حماس وإسرائيل وهو ما يسمى بالإقتصاد مقابل الأمن , ما هو إلا تنفيذ لرغبات كل الأطراف المشاركة في هذا التنسيق , فإسرائيل وحماس وقطر ومصر يدركان أن السلطة بحاجة الى فاتورة بقيمة عشرة  مليار دولار "بحسب خبراء إقتصاد" كصراف آلي لغزة في حال إستلمت إدارتها من الباب للمحراب كما قال السيد عزام الأحمد , وهذا شبه مستحيل في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة , ولذلك فمن مصلحة حماس وإسرائيل أن تتدفق أموال الى غزة كبديل عن فاتورة المصالحة التي ستدفعها السلطة , وبالطبع فمصر مضطرة أن تتعامل مع هذا الواقع في سياق حفاظها على أمنها القومي والذي أمن غزة جزء منه , وكذلك قطر فهي تتعامل مع الواقع في سبيل بقاؤها في المشهد العربي والدولي من خلال بوابة غزة , ولكن رغبات كل الأطراف المعنية بالتنسيق بين حماس وإسرائيل , ستتحول من تسوية الى إتفاق سلام دائم , وخاصة اذا تطورت ووصلت الى مستوى ميناء ومطار ومنطقة صناعية ومحظة كهرباء وزيادة عدد التصاريح وفتح باب الهجرة لشباب غزة , فهذه الأشياء تعتبر إتفاقيات سلام بين حماس وإسرائيل .

ماذا لو فشل التنسيق بين حماس وإسرائيل..

هناك إحتمالين لفشل التنسيق بين حماس وإسرائيل , الإحتمال الأول هو  أن تدفع السلطة فاتورة غزة  وتنجح المصالحة ,  لتعود السلطة وتشارك حماس في مقدرات وقرارات غزة , والإحتمال الثاني هو أن تنقلب الفصائل في غزة على هذا التنسيق , خاصة وأنها غير راضية عن أداء حماس ولكنها مضطرة للتعامل معه خشية صدامات مسلحة قد تزيد من تعقيد المشهد الفلسطيني , وبوادر هذا الإنقلاب قد ظهرت على لسان حركة الجهاد الإسلامي وهي الحركة الأقوى بعد حماس من الناحية العسكرية , فالجهاد أعلنت مراراً وتكراراً عن رفضها للتسوية بين حماس وإسرائيل , وخاصة ملف تصاريح العمال.. فحماس وإسرائيل لا يخونهما ذكائهما فهما تعلمان أن هذا التنسيق قد يفشل بفعل ما ذكرت أعلاه , ولذلك فحماس تعتمد على البدائل وتغيير المعادلات بسرعة البرق , وإسرائيل تعتمد على توجيه الضربات لحماس بالتوازي مع التنسيق معها كي تظمن عدم تعاظم قوة حماس العسكرية , فمثلا إسرائيل تضخ اموال لحماس في غزة , وفي نفس الوقت تستهدف أنفاق ومخازن ذخيرة ومخارط سلاح وشخصيات مطلوبه في حماس.. يبدو المشهد معقد جداً لمن لا يستطيع القراءة الجيدة والمتابعة المستمرة والفهم المعمق لتركيبة كل طرف على حذا .

أشرف محمود صالح

كاتب صحفي.. فلسطين.. غزة

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت