ناقشت الباحثة الفلسطينيّة الكاتبة الواعدة (آمنة محمد عبد الجليل عليويّ) في قسم اللّغة العربيّة والأدب العربيّ في جامعة النّجاح الوطنيّة في مدينة نابلس الفلسطينيّة رسالتها استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في تخصّص اللّغة العربيّة وآدابها، وهي تحمل عنوان "جدليّة المرأة والرّجل في رواية السّقوط في الشّمس".
وأنجزت الباحثة رسالتها، وناقشتها بإشراف ورئاسة الأستاذ الدّكتور الرّوائيّ عدوان نمر عدوان من جامعة النجاح، في حين تكوّنت لجنة المناقشة من عضويّة كلّ من: أ. د. خليل عودة من جامعة النجاح، وأ. د. نسيم مصطفى بني عودة من جامعة الخليل.
تناولت الباحثة في هذه الدراسة جدلية المرأة والرجل في رواية (السقوط في الشمس) للكاتبة سناء الشعلان (بنت نعيمة)، فالرواية جسدت صوراً حيّة للواقع المعاش، وسلّطت الضّوء على صورة المرأة والرجل ومدى انعكاس العامل النفسي والسياسي والاجتماعي عليهما، من خلال الوصف والتحليل لإظهار ما يميز الكاتبة عن الكاتبات الأخريات.
وعن سبب اختيار الباحثة لرواية (السّقوط في الشمس) للأديبة د. سناء الشعلان (بنت نعيمة) لدراستها قالتْ: "السبب الذي دعاني للبحث في هذا العنوان أن قضية الجدلية بين المرأة والرجل قائمة على التمييز حسب وجهة نظر الكاتب، لكن الكاتبة سناء الشعلان في روايتها عرضت تمثّلاتٍ للمرأة والرجل منها إيجابية ومنها سلبية دون تحيزٍ للمرأة وبذلك تميزت عن الروايات الأخرى".
جاءت الدراسة في تمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة، بينت الباحثة فيها أهمية الدراسةِ من كونها تتناول موضوع الجدلية بين المرأة والرجل والبحث في الفوارق بينهما مبينة أهم الأسئلة التي ستجيب عنها الدراسة، ثم توقفت الباحثة فيها على مفهوم الجدلية لغة واصطلاحا، ثم تتبعت أهمَّ المراحل التاريخية التي مرَّ بها المصطلح، والقضايا التي نوقِشَتْ في ظلاله.
أما الفصل الأول فقد تناولت فيه الباحثة صورة المرأة في رواية (السقوط في الشمس)، ووضّحتْ فيه الكاتبة المقصود بصورة المرأة في الأدب، ثم توقفت فيه على الصورة التي رسمتها الكاتبة للمرأة في رواية "السقوط في الشمس" باعتبارها نموذجاً تطبيقياً للدراسة، وتتبع أهمِّ العناصر التي وظفَتهَا في رسم تلك الصورة من إحالات داخلية وخارجية وتناصّ بمختلف أنواعه، بما يُعينُ على معاينة تلك الصورة واستنباط أهمِّ ملامحها.
أما الفصل الثاني فقد تناولت فيه الباحثة صورة الرجل في رواية (السقوط في الشمس) وكيف صورت سناء الشعلان الرجل، وذلك بعد أن أُجَلي للقارئ المعنى الواقع خلف مصطلح صورة الرجل في الأدب، ثم محاولة إقامة مقارنة بين كلا الصورتين في الرواية: الأولى صورة المرأة والثانية صورة الرجل.
أمّا في الفصل الثالث فقد خصصته الباحثة للحديث عن الانعكاس النفسي والسياسي والاجتماعي للمرأة والرجل في الرواية؛ إذ تتبعت فيه مدى انعكاس العامل النفسي، والاجتماعي، والسياسي للكاتبة على أدبها.
بعد ذلك ذيلت الباحثة الدراسة بخاتمة أجملتْ فيها ما توصلتُ إليه من نتائج، منها: 1- لقد برزت في الرواية غير صورة للمرأة والرجل فصورة المرأة منها ما كانت إيجابية مثل المرأة المتمردة والمناضلة والعاملة والمتحررة والعاشقة ومنها صور سلبية أوردتها الكاتبة في سياق النقد ومن باب الدعوة إلى تغيير واقع المرأة والنهوض به و من تلك الصور صورة المرأة التقليدية المرأة السيئة التي تقيم علاقات مع الرجال من أجل المال، دعمت الكاتبة في روايتها فكرة المرأة القوية التي توازي الرجل وتكون ندا له في الحياة تشاركه في العمل والقرارات ولا تخضع لسلطته، على عكس الروايات النسوية التي تركز على المرأة المظلومة المضطهدة، وعملت الكاتبة على توظيف الأساطير في رواياتها واستحضرتها في غير موضوع، وقد بالغت في ذلك التوظيف حتى وظفت لكل صورة من صور الرجل المرأة أسطورة ترتبط بها، ومن هذه الأساطير: أرتميس، أفروديتا، أسطورة فليميون وزوجته برسيس، أسطورة آلهة الخصب.
2- لقد بدت صورة الرجل في رواية السقوط في الشمس مختلفة عن صورته في الروايات النسوية، فالكاتبة بينت الظلم الذي يقع على الرجل في المجتمعات العربية، من ذلك: صورة الرجل اليتيم والرجل المناضل الذي يحمل هم الوطن ويتعرض للظلم في سبيله والرجل الفقير والعامل الذي يكدح في سبيل لقمة العيش، وركزت الكاتبة على صورة الرجل الأسطورة: لقد حضر الرجل الأسطورة بقوة في الرواية وهذا هو الجديد الذي جاءت به الرواية خصوصا في الروايات النسوية ،إذ قدست الرواية الرجل وشبهته بالآلهة حين استحضرت في سياق الحديث عنه عدة أساطير تعلي من شأنه وتصور جهده في سبيل عائلته وخدمتها دون كلل أو ملل، من هذه الأساطير: أسطورة هيليوس إله الشمس، وأسطورة زيوس كبير آلهة اليونان، وأسطورة كالاجولا، وأسطورة لوركا، وأسطورة أورفيوس، وأسطورة طائر الفينيق، وفي سياق الحديث عن صور الرجل جعلت الكاتبة الحظ الأوفر فيها للصور الإيجابية، مخالفة بذلك الروايات النسوية التي تحاول دائماً إظهار الصورة السلبية وتعميمها، لذلك نجد أن صورة الرجل المناضل والزوج الوفي المخلص تفوقت على صورة الرجل الخائن الشهواني.
3- وظفت الكاتبة البعد النفسي في أحداث الرواية، وبينت الانعكاسات النفسية التي ظهرت على الشخصيات من خوف وحزن وفرح وحب وكره وخيبة وخذلان، وتأثرت الكاتبة بالأوضاع السياسية في الوطن العربي خاصة القضية الفلسطينية، لذلك نجد حضورا قويا للمشهد السياسي في الرواية ووجود أكثر من شخصية تمثل المناضل العربي والفلسطيني، ثم نجد البعد الاجتماعي بانعكاساته متجليا في الرواية، إذ تطرقت الكاتبة للحديث عن الفقر وأثره على الشخصيات والمجتمع ، كذلك تحدثت عن اليتم والمتسولين وعالجت الرواية عددا من المظاهر الاجتماعية السيئة التي أشغلت الناس وكانت سببا في كثير من المشاكل الاجتماعية، كان من أهمها: السحر والشعوذة المنتشرة بشكل واسع في المجتمع، إضافة إلى بعض العادات والتقاليد التي تمنع الحب وترى فيه خدشا للحياء.
4- بدا تأثير الانعكاسات السياسية والاجتماعية في الرواية واضحا، وهذا ينمّ عن مدى تأثر الكاتبة بالأوضاع التي يشهدها الوطن العربي من ظلم وفقر وانتهاك لحقوق المواطن، وكذلك تأثرها بالأوضاع السياسية التي تحدث في فلسطين خاصة والوطن العربي عامة.