- بقلم محمد يوسف حسنة.
اليمن السعيد ما عاد سعيداً فقد مزّقه الصراع وأنهك مقدراته وسلب ثرواته، وتحول اليمن من مضرب الحضارة والروايات التي تُحكي في عرش بلقيس وصمود مأرب ومقاومتها إلى أسوء كارثة إنسانية في العالم، الكابوس الحاصل في اليمن تداعياته أثرت على الانسان والقطاعات الحيوية ودمرت البنية التحتية ومقومات الدولة وقد يحتاج اليمنيون في حال توقف الصراع الآن حتى عام 2050 للتعافي من آثاره والعودة للحالة التي كانوا عليها قُبيل الصراع.
تحول اليمن السعيد المعطاء إلى أكثر البلدان التي تشكل خطراً على حياة الأطفال، حيث ارتفع مستوى سوء التغذية الحاد بين الأطفال الصغار والأمهات في اليمن، ومن بين أسوأ المناطق محافظات حجة والحديدة وتعز. ويواجه الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم خطر الوفاة إذا لم يتلقوا التغذية العلاجية المطلوبة، ويموت طفلاً كل عشر دقائق في اليمن بسبب سوء التغذية وأمراض يمكن الوقاية منها، و400 ألف طفل دون الخامسة معرضون لخطر الموت الوشيك فيما يكبر مليونان طفل خارج المدرسة، والآلاف قُتلوا أو شوّهوا.
وفق الأمم المتحدة فإنه من المحتمل أن يصل عدد الأشخاص الذين قد لا يتمكنوا من تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية إلى رقم قياسي يبلغ 19 مليون شخص، فيما يعتمد شعب اليمن البالغ تعداده 30 مليون شخص على المساعدات المقدمة من المؤسسات الإنسانية.
وعلى الصعيد الصحي لا يتمكن 20 مليون يمني من الحصول على الرعاية الصحية الأساسية، فالمستشفيات اليمنية تعاني من نقص شديد في الأدوية والمستهلكات الطبية بالإضافة لنقص في المعدات والأجهزة الطبية ونقص الكادر الطبي، فيما يعاني اليمن من محدودية أدوات الاختبار ومراكز الرعاية الصحية ونقص حاد في معدات الوقاية والحماية من فايروس كورونا فيما ازدادت أعداد وفيات الأمهات أثناء عملية الولادة حيث تموت امرأة يمنية كل ساعتين أثناء الولادة.
ويفتقر 15 مليون يمني إلى المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي الذي نجم عنه انتشار الأمراض المتعلقة بتلوث المياه ويضطر الآلاف من اليمنيين إلى قطع عدة كيلو مترات يومياً سيراً على الأقدام بحثاً عن المياه ويضطر آخرون لاستخدام المياه الزراعية لأغراض الشرب والطهي.
نجمة هوليود أنجلينا جولي زارت اليمن لعشرة أيام التقت خلالها عدد من النازحين الذين يبلغ تعدادهم 4 مليون نازح يتركز أكثر من 2 مليون منهم في مأرب، انجلينا قالت – " لقد زرت مخيما عشوائياً يقطنه 130 عائلة، فقط 20 عائلة منهم تتلقى مساعدات غذائية في حال توفر التمويل، وزرت مدرسة مؤقتة عبارة عن خمس غرف مظلمة الأطفال فيها يجلسون على الأرض، لذلك، إنه مفجع. إنه أمر يثير الغضب. وفوق كل شيء، لأن هذه أزمة من صنع الإنسان يجب إنهاؤها".
الزيارة سلّطت الضوء على معاناة اليمنين التي كادت أن تُنسى وسط زحمة الأخبار خصوصا فيما يتعلق بالغزو الروسي لأوكرانيا وتصاعد المخاوف من حرب عالمية ثالثة وتداعيات الغزو الروسي على الاقتصاد العالمي الذي سيؤثر بكل تأكيد على تدفق التبرعات لصالح اليمن وغيرها من مناطق الصراع.
المثير للقلق أن التمويل لصالح الأعمال الإنسانية انحسر في اليمن نتيجة عزوف المانحين وطول أمد الصراع فبعد أن كانت التخصيصات قد وصلت إلى 81 في المئة في خطة عام 2019 الخاصة بالأمم المتحدة وصلت تلك النسبة إلى 57 في المئة في خطة عام 2021، وما يؤكد هذا التخوف أن الأمم المتحدة حصلت على تعهدات من 36 مانح بقيمة 1.3 مليار من أصل 4.27 مليار كانت قد طالبت بهم لصالح تدخلاتها في اليمن أي 30% مما تحتاجه الأمم المتحدة.
العام الثامن من الصراع في اليمن ولا بوادر لحلول، بالنسبة لي عرفت اليمن من خلال المساعدات السخية التي كان يُقدمها للشعب الفلسطيني في قطاع غزة فمستشفى اليمن السعيد في شمال القطاع شاهد على ذلك، وبنك العيون في منطقة النصر شاهد آخر، كان اليمنيون سخيون جداً حين يكون الأمر يتعلق بفلسطين كانوا يكفلون آلاف الأيتام ويعملون على المشاريع الصحية واصحاح المياه والتعليم وبناء المنازل المدمرة وتشرفنا بلقاء العديد منهم على أرض غزة في زيارات توالت منهم، ورغم الصراع وتدهور الأوضاع ما زال اليمنيون يجودون بما يستطيعون لتثبيت شعب فلسطين والقيام بمسؤولياتهم حيال قضيتهم وقبلتهم الأولى.
نجد أنفسنا وأمام تاريخ اليمن المعطاء ونتيجة انحسار التمويل وتراجع الاهتمام بالكارثة الإنسانية في اليمن ملزمون بالوقوف أمام مسؤولياتنا تُجاه 4 مليون نازح ونعمل ما نستطيع لوقف التهديد الوشيك لفقدان 400 ألف طفل يمني حياتهم، ندعو الأمة اليوم لتحمل مسؤولياتها تُجاه أحد أعضائها فنحن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، ونطالب من المؤثرين وصناع الرأي المشاركة والانخراط في حملة اليمن يناديكم، كونو جسر وصول صوت المظلومين في أرض اليمن للعالم وكونوا نافذة الأمل التي يصل للنازحين اليمنين من خلالها المساعدات الإنسانية، مشاركتكم تعني انقاذ حياة، مشاركتكم تعني أنكم تهتمون.
تبرع الآن
https://alkhaircharity.org/yemen
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت