يخشى مراقبون أن يكون هجوم "الدهس والطعن" الذي وقع في مدينة بئر السبع، الثلاثاء، وأسفر عن مقتل 4 إسرائيليين، مؤشرا على إمكانية تصعيد الأوضاع، واندلاع توتر في شهر رمضان القادم.
ويشير روني شاكيد، الباحث في الجامعة العبرية والمحلل الأمني الإسرائيلي، إلى وجود مخاوف في إسرائيل من أن تكون العمليات الأخيرة، هي بداية موجة جديدة من عمليات الطعن والدهس خاصة عشية حلول شهر رمضان.
وقال شاكيد في حوار خاص لوكالة "الأناضول": "إذا ما حدث هذا فعلا، فلا أحد يعلم إلى أين ستتجه الأوضاع".
وتابع: "تجارب الماضي علمتنا أنه حتى لو كانت الفصائل الفلسطينية الرئيسية وإسرائيل، لا يريدون التصعيد، فإن حدثا صغيرا واحدا، قد يجر إلى انفجار سيكون من الصعب السيطرة عليه".
وكانت اشتباكات متفرقة بين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في باب العامود بالقدس الشرقية، في مطلع شهر رمضان من العام الماضي، قد أدت الى توسعها في المدينة، ومن ثمّ إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والمناطق الفلسطينية داخل إسرائيل.
وآنذاك، نفذت إسرائيل عملية عسكرية ضد قطاع غزة، أدت الى استشهاد وإصابة مئات الفلسطينيين.
وفي ذات السياق، يرى المحلل الأمني في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل في مقال نشره، الأربعاء، أن الأجواء مهيأة لاندلاع توتر في رمضان القادم.
وأضاف هارئيل: "مع اقتراب شهر رمضان، والتحذيرات الاستخبارية العديدة، والحكومة التي تتعرض لهجمات مستمرة من اليمين، يبدو أن هناك وصفة مثالية لتصعيد التوترات في المناطق (الضفة وغزة) وداخل إسرائيل".
كما نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" اليمينية، الأربعاء، عن مسؤول كبير في الشرطة، لم تسمه، قوله إن الشرطة تخشى من أن يتأثر الفلسطينيون الذين ليس لديهم انتماء تنظيمي واضح بأجواء شهر رمضان، والتحريض الديني وأن "يقرروا تنفيذ هجمات".
وفي السنوات الأخيرة، تُواجه أجهزة الأمن الإسرائيلية أزمة في توقّع حدوث عمليات يقوم بها فلسطينيون غير منتمين لأحزاب سياسية.
وشهدت السنوات الأخيرة، أكثر من موجة طعن ودهس، خاصة في القدس والمناطق الفلسطينية داخل إسرائيل.
وفي الأسابيع الأخيرة، أعلنت الشرطة الإسرائيلية عن أكثر من عملية أو محاولة تنفيذ عمليات طعن ودهس في القدس الشرقية المحتلة، انتهت جميعا بمقتل المهاجمين أو إصابتهم بإصابات خطيرة.
غير أن عملية الدهس والطعن، الثلاثاء، الأخيرة، جرت في داخل إسرائيل، وأدت إلى مقتل 4 إسرائيليين قبل أن يُطلق إسرائيلي النار على المنفذ ويقتله.
ووجد المفتش العام للشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي نفسه في موقف محرج، الثلاثاء، عندما هتف عشرات الإسرائيليين، في مدينة بئر السبع، ضده بعبارة "عار عليك".
الإسرائيليون الغاضبون، كانوا يشيرون بذلك إلى أن منفذ عمليتي الدهس والطعن، كان معتقلا في الماضي داخل السجون الإسرائيلية.
محمد أبو القيعان (35 عاما) ومن سكان بلدة حورة بالنقب، كان قد اعتقل في العام 2015 بتهمة تأييد تنظيم "داعش" وأمضى لهذا السبب 4 سنوات بالسجن.
وحاول شبتاي، تبرير ما أسماه الإسرائيليون بـ"الإخفاق الأمني" بالإشارة إلى صعوبة منع عمليات فردية، خاصة في ظل نقص المعلومات الاستخبارية.
وفي هذا الصدد، يقول شاكيد: "العمليات الفردية هي مشكلة لأجهزة الأمن، ولكنّ أبو القيعان كان بالسجن لفترة 4 سنوات، ويصعب على الناس أن تفهم لماذا لم يكن شخص خطير مثله تحت الرقابة الأمنية".
وأضاف: "هتاف السكان ضد المفتش العام للشرطة، هو تعبير عن غضب على الشرطة والأمن، بسبب عدم اتخاذ ما يكفي من الإجراءات لضمان ألا يقوم شخص مثل أبو القيعان بعملية بشعة كتلك التي قام بها، ولكنه أيضا تعبير عن خوف السكان على أمنهم الشخصي".
وتابع شاكيد: "السكان يقولون إنه صحيح إن العملية فردية، ولكن كان يتوجب على الأمن أن يمنع هكذا عملية ولكنه لم يفعل".
وشهد النقب في الأشهر الأخيرة، مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية والسكان العرب على خلفية شروع السلطات الإسرائيلية بمصادرة أراضي تحت غطاء زراعة الأشجار.
ونفّذ السكان عدة فعاليات احتجاجية، أوقفت عملية المصادرة، ولكنها لم تبعد شبحها بشكل كامل.
كما أعلن يمينيون إسرائيليون عن إحياء ما أسموها "وحدة بارئيل" التي تضم متطوعين يمينيين إسرائيليين بداعي توفير الحماية لليهود بالنقب.
وأثارت الخطوة احتجاج المواطنين العرب في النقب، الذين رأوا فيها خطرا على أمنهم.
والإثنين، نشر النائب العربي بالكنيست أحمد الطيبي، شريط فيديو، لأعضاء الوحدة، وهم يوقفون عدد من السكان العرب بالنقب.
وكتب الطيبي في تغريدة على تويتر: "رجال ملثمون يهود يضايقون السكان البدو في منطقة النقب. هذا بالفعل حقيقة جديدة. والشرطة رحبت بتأسيس هذه العصابة المسلحة. هذا يؤدي إلى تفاقم الحالة ويسبب إراقة الدماء".
ومع ذلك، فقد أدان النواب العرب بالكنيست العملية في بئر السبع، ودعوا الى عدم استخدامها مبررا لمهاجمة السكان العرب بالنقب.
وكتب رئيس القائمة المشتركة بالكنيست أيمن عودة في تغريدة على حسابه في تويتر: "قرأت بصدمة عن الحادث الإجرامي في بئر السبع. العنف ليس طريقنا وعلينا إدانته بكل قوتنا. قلبي يخاطب أهالي القتلى في أوقاتهم الصعبة، وأرسل أطيب تمنياتي للجرحى".
أما العضوة العربية عايدة توما-سليمان، فكتبت على حسابها في تويتر: "إنني أدين الإيذاء الذي لحق بالمدنيين الأبرياء في بئر السبع، وأرسل أطيب تمنياتي بشفاء الجرحى، وأعزي أهالي القتلى".
وأضافت: "هذه ليست طريقة الجمهور العربي بشكل عام، وفي النقب على وجه الخصوص، في نضاله العادل ضد القمع والنهب المستمر".
وتابعت: "أحذر من التحريض العنصري واستخدام هذه الجريمة لتبرير إنشاء ميليشيات عنصرية تضطهد العرب".
أما رئيس القائمة العربية الموحدة، منصور عباس، فأدان الحادث، بحسب القناة الإسرائيلية (12)، حيث وصفه بـ"الاعتداء الإجرامي"، وقدّم "تعازيه" لأسر القتلى.
ورأى شاكيد، أن الإدانة العربية لعملية بئر السبع، "مؤشر مهم".
وقال: "أعتقد أن من المهم أن النواب أيمن عودة وأحمد الطيبي وعايدة توما-سليمان ومنصور عباس وغيرهم، قالوا بصوت عالٍ إنهم يدينون هذه العملية، وهذا أمر إيجابي وينظر إليه المواطنون اليهود بإيجابية".
ورأى شاكيد، أن رد الحكومة الإسرائيلية على العملية، سيكون عبر زيادة أعداد أفراد الشرطة بالنقب.