لا لزيارة سامح شكرى (لاسرائيل)

بقلم: محمد سيف الدولة

محمد سيف الدولة.jpg
  • محمد سيف الدولة

[email protected]

"ان مصر قادت الشرق الأوسط 40 سنة وهذه هى النتيجة، واذا تركتم (اسرائيل) تقود ولو عشر سنوات فسوف ترون"

هذا ما قاله "بيريز" لبعض رجال الأعمال العرب على هامش مؤتمر الدار البيضاء عام 1994 وفقا لما ورد في كتاب "سلام الأوهام" لمحمد حسنين هيكل.

***

حينها، اتهم البعض بيريز بالبلاهة، فكيف يمكن ان يخطر بباله أمر كهذا؟ كيف يجرؤ على تخيل ان العرب مهما كانت سوءاتهم يمكن ان يعطوا راية القيادة لعدوهم اللدود والمعتدى الأول على اوطانهم وشعوبهم على امتداد قرن من الزمان؟

ولكن ما يحدث اليوم يؤكد ان بيريز لم يكن أبلها ولا يحزنون، بل كان على علم بما ستؤول اليه الأمور ان عاجلا أم آجلا، فها هو وزير خارجية مصر سامح شكري يشارك هو ووزراء خارجية الامارات والبحرين والمغرب في اجتماع تستضيفه (إسرائيل) للاجتماع ببلينكن وزير الخارجية الامريكية.

***

ليس هذا نهجا مصريا وعربيا جديدا، فالتطبيع والتقارب بل والتحالف مع (اسرائيل) قائم على قدم وساق فى السنوات والشهور القليلة الماضية، ولكن يمثل هذا الاجتماع بهذا الشكل وهذه الزيارة على وجه الخصوص انتهاكا صارخا واضرارا بالغا بالامن القومى المصرى وبالمصالح العليا للبلاد، ولن احدثكم هنا عن فلسطين والامن القومى العربى وثوابتنا الوطنية والعقائدية، ولكن عن مصالح الدولة المصرية البحتة؛ عن مصالح دولة كامب ديفيد التى تأسست منذ منتصف السبعينات حتى اليوم:

·       فمن ناحية اولى، ليس لمصر أى مصلحة فى الالتحاق بالحلف الأمريكي لمواجهة روسيا، فهذا صراع بين مصالح واحلاف ونفوذ القوى الكبرى، صراع عالمي، صراع على الدول من امثالنا، من منهم سيحكمنا ويهدد أمننا ويهيمن على مقدراتنا، صراع ستوزع فيه الغنائم على المنتصرين منهم دون غيرهم، وسنشارك جميعا لا محالة وكالمعتاد فى سداد فاتورة المهزوم أيا كان.

·       ومن ناحية أخرى أكثر خطورة وأهمية، أنه ليس للدولة المصرية أى مصلحة فى دعم او مشاركة او مباركة او التواطؤ مع (اسرائيل) ضد ايران واتفاقياتها النووية، لما فى ذلك من اعتراف وترسيخ لما تدعيه (اسرائيل) لنفسها من حقوق (خاصة ومتفردة) بفرض ما تراه من قيود عسكرية على تسليح دول المنطقة بدعوى الحفاظ على امنها. ولقد كانت مصر كامب ديفيد ولا تزال من أولى ضحايا هذا الحق الباطل لحماية ما يسمى بـ "أمن اسرائيل" من اول القيود الامنية المفروضة علينا فى سيناء، ومرورا بحظر امتلاك السلاح النووى علي جميع دول المنطقة فيما عدا (اسرائيل) الى اخر ربط المعونة والمشتريات العسكرية الامريكية بشرط ضمان التفوق العسكرى (لاسرائيل) على مصر وعلى الدول العربية مجتمعة، والأمثلة كثيرة.

·       كما انه ليس لنا أي مصلحة فى استمرار كل هذه التبعية والقواعد والاحلاف العسكرية الامريكية فى المنطقة، ولا كل هذه الهيمنة والانفراد الأمريكي بالعالم.

·       كما انه ليس من المقبول أن يتم الحاقنا بهذه الحلف أو غيره على طريقة الحشد والاستدعاء الجماعى، فما زالت الجروح التى اصابت كرامتنا الوطنية لم تندمل بعد، حين قام "ترامب" بحشد واستدعاء عشرات من الحكام العرب والمسلمين للاجتماع به فى السعودية.

·       أما أن يكون مكان الاجتماع والاستدعاء فى (اسرائيل) وكأنها أصبحت هى المركز والقيادة للمنطقة وللمجموعة العربية المشاركة. فهى اهانة بالغة وطامة كبرى وتحدى وعدوان صارخ على مكانة مصر الاقليمية، وتحقيقا لنبوءة "شمعون بيريز".

·       هذا مع الاتفاق والتأكيد القاطع على انه ليس من المقبول أصلا أن يصل بنا الحال الى ان ننزلق ونستدرج فى حلف مشترك مع (اسرائيل).

·       وأخيرا وليس آخرا، ليس للدولة المصرية أى مصلحة فى زيادة واتساع الشرخ الوطنى العميق الذى ضرب المجتمع بعد الصلح مع العدو الذى يهدد وجودنا ويحتل أراضينا ويعتدى علينا ويقتل شعوبنا، وعلى أى سلطة أن تدرك جيدا أن كل خطوة تخطوها فى مسار التطبيع مع (اسرائيل) تبعدها عن الشعب المصرى وقواه الوطنية مئات الخطوات.

*****

القاهرة فى 27 مارس 2022

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت