هل سيتحالف الإسلام السياسي واليسار وفتح ضد داعش في فلسطين ؟

بقلم: أشرف صالح

أشرف صالح.jpg

أشرف صالح

منذ ولادة القضية الفلسطينية  , والإسلام السياسي في واد واليسار في واد وفتح في واد , واليوم السلفية الجهادية في واد آخر أيضاً , ولكن لم يأخذ شكل الخلاف السياسي بين الأحزاب التي ذكرتها لدرجة التكفيروالتشكيك في الإعتقاد , الى أن ظهرت تنظيمات السلفية الجهادية في فلسطين والتي غالبيتها تنتمي الى داعش , وتبنت سياسة تطهير المجتمع الفلسطيني والأحزاب من الداخل قبل إعلان الحرب على اليهود "بحسب قولهم" , وهذا بحد ذاته كان بداية التكفير , مثال ذلك  , تكفير داعش لحماس وفتح والجهاد الإسلامي بصفته مقرب من شيعة إيران , وبالطبع اليسار حدث ولا حرج , وهذا التكفير فتح باب الخلاف العقدي في فلسطين والذي كان في السابق مخبأ وراء الخلاف السياسي والتنظيمي , ومنذ ظهور السلفية الجهادي وعلى رأسها داعش بعد ما يسمى بالثورات العربية , ومروراً بالفترة التي تمكنت داعش من السيطرة على  ثلث مساحات الدول العربية  تقريباً , وإنتشرت خلاياها في غزة إمتداد  لولاية سيناء , وذلك قبل ست سنوات تقريباً , كان الجميع يتوقع أن تزداد التحالفات والتيارات والتوجهات العربية ضد داعش بسبب عمق الفوهة الفكرية والعقدية بينها وبين داعش , لا سيما في فلسطين وتحديداً غزة  قبل ست سنوات , ولكن كان هناك عدم جدية في التعامل مع ملف داعش وكان الكل منشغل بخلافات تنصب في الصراع على الحكم , وخاصة في فلسطين , ففي فلسطين وللأسف كانوا الساسة أقل ذكاء من أن يهتموا بملف داعش ,  واضعين خلافاتهم الشخصية والسلطوية على جنب , فللأسف العقلية  السياسية الفلسطينية لا زالت غير ناضجة كي تترك ملف الخلافات السياسية  والسلطوية والشخصية , وتتفرغ الى الخلاف الأهم والأكثر خطورة على المجتمع الفلسطيني , وهو الخلاف العقدي , وبغض النظر عن من هو الحق ومن هو الباطل , ولكن الخلاف العقدي بحد ذاته في فلسطين , قد يسفك دماء الفلسطينيين أطعاف أضعاف  ما سفكه الإنقسام لأكثر من خمسة عشر عاماً .

 

 

إن العمليات الأخيرة التي نفذوها عناصر داعش في الخضيرة وبئر السبع  , كانت عمليات موجعة  للإحتلال  بسبب أنها في فترة وجيزة , وبسبب عدد القتلى والجرحى , والسبب الأهم هو طريقة داعش بحد ذاتها وهي طريقة  "الإنغماس" وهذه الطريقة تعني أن منفذو العملية ميتين ميتين  لا محال , وذلك لضمان نجاح العملية , ولكن وبعيداً عن رأي الإحتلال أو طريقة تعامله , فأنا أركز في هذا المقال على موضوع الخلاف الفلسطيني الفلسطيني والذي لم يترك أحداً من شره , فعملية الخضيرة وبئر السبع هي بمثابة إعلان حرب من قبل داعش فلسطين على اليهود , ولكن لم تقتصر الأمور على إعلان الحرب , بل ستكون بداية تطبيق الخلاف بين داعش  من جهة , والإسلام السياسي واليسار وفتح من جهة آخرى , وهذا بالطبع سيخلط الحابل بالنابل , فمن المتوقع في الأيام القادمة أن تقوم داعش بعملية  ضد اليهود , وبعد ساعات مثلا تصدر بياناً بتكفير حماس أو فتح أو اليسار , وهذا سيكون إعلان حرب داعش ضد اليهود وضد الإسلام السياسي واليسار وفتح وغيرها من الأحزاب الفلسطينية .

 

ومن هنا , فالأحداث الأخيرة تقودنا الى  سؤالين مهمين , وهما , هل ستتوسع حلقة الصراع بين داعش من جهة ,  وخصومها الإسلام السياسي واليسار وفتح من جهة آخرى ؟  وذلك بعدما أعلنت داعش أن تتزامن عملياتها  ضد اليهود مع عمليتها  ضد الأحزاب الفلسطينية , والسؤال الآخر , وهو , هل سيتوحد الإسلام السياسي واليسار وفتح في فلسطين ضد داعش ؟ أعتقد أن الخلاف فعلاً سيتوسع بين داعش وباقي الأحزاب الفلسطينية بعدما بدأت داعش بتغيير تكتيكها وتنفيذ عمليات ضد اليهود , بل وربما هذا الخلاف سيقودنا الى حرب خامسة وخاصة أن غالب احزاب غزة غير راضية عن عمليات التسوية بين حماس وإسرائيل , أما السؤال الآخر وهو , هل سيتوحد الإسلام السياسي والذي تقف على رأسه حماس , واليسار وفتح ضد داعش ؟ أعتقد أن الأحزاب الفلسطينية  وتحديداً عقلية القيادة السياسية لم تتوحد ضد داعش , ليس محبة بداعش , بل كرهاً ببعضهم البعض , وتمسكاً بمصالحهم الشخصية , فعلى سبيل المثال هناك تقارب عقدي وسياسي وإستراتيجي  كبير بين حماس وفتح , فكلاهما يؤمن بالدولة المدنية والديمقراطية والوسطية والتفاوض والتسوية والعلاقات الخارجية  , وكلاهما ينبذ التطرف الفكري ويوافق على دولة حدود 67 والقدس الشرقية وما شابه ذلك , ومع ذلك الحرب بين حماس وفتح لم تتوقف للحظة ,  بإختصار فإن الخلاف الحقيقي ليس بين فتح وحماس , بل بين داعش وكل الأحزاب الفلسطينية , ولكن وللأسف وبحسب تجربتي ورأي , أن الأحزاب الفلسطينية  لم ولن تتوحد سوياً ضد داعش , لأنه وكما ذكرنا أنه لا يوجد عقلية سياسية  فلسطينية ناضجة بما فيه الكفاية , وأن الخلافات السلطوية والشخصية هي التي تطفو على سطح القضية الفلسطينية .

أشرف محمود صالح

كاتب ومحلل سياسي

فلسطين . غزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت