- بقلم/ أ.د. ماجد سالم تربان
- استاذ الصحافة وتكنولوجيا الاتصال بكلية الاعلام – جامعة الأقصى
- رئيس مركز شاهد لدراسات الاعلام والاتصال البصري
لعبت شبكات الاتصال والانترنت ووسائل الاتصال الحديثة دوراً محوريا ومهما في تغيير قواعد حرية الرأي والتعبير، وتدعيم الفكر الديمقراطي، و ومفاهيم حقوق الإنسان، وغيرها من الأفكار والمفاهيم السياسية، والاجتماعية، والانسانية، والاتصالية التي انتشرت حول العالم، وأدت أيضا إلى تداعي دراسة تأثير هذه الشبكات والوسائل على مفاهيم المواطنة، وخصوصا المواطنة الرقمية، ومدى إسهامها في بناء مواطن فعال، ومشارك، ونشط، في ظل تداعياتها على الجمهور بمختلف ألوانه وأطيافه اذ مكنته هذه الوسائل بأدواتها المختلفة والمتعددة على التعبير عن رأيه في مختلف القضايا والموضوعات، كما مكنته من المطالبة بتلبية حاجاته وحقوقه.
وعلى الصعيد الآخر صبغت هذه الوسائل بالعديد من السلبيات المتعلقة باستخدامها المختلفة، وآثار هذه الاستخدامات على قيم المواطنة وخصوصا في ظل الانفتاح المعلوماتي الكبير الذي أصبحنا نعيشه في ظل ما يعرف بالقرية الكونية الصغيرة. من هنا يبرز تساؤل مهم حول المطلوب لتحقيق المواطنة الرقمية؟؟
وخصوصا اذا ما عرفنا أن المواطنة الرقمية تهدف إلى توجيه وحماية جميع المستخدمين لشبكات الاتصال والانترنت لاسيما جمهور الأطفال والمراهقين، فالمواطن الرقمي هو المواطن الذي يستخدم الإنترنت بشكل منتظم وفعال.
ويرتبط تعزيز المواطنة أيضا بحرية الاتصال وتداول المعلومات ويثير هذا المفهوم العديد من القضايا المرتبطة به مثل: قضية الحق في الاتصال وما يتضمنه من الحق في تداول المعلومات، وحق المعرفة، والحق في حرية التفكير وإبداء الرأي والتعبير في شتي القضايا الحياتية والاتصالية.
وبالنظر إلى الإمكانيات والميزات والخصائص الكثيرة التي تتمتع بها وسائل الاتصال الرقمية على اختلاف مشاربها وأنواعها وتصنيفاتها، نجد أنها أسهمت بشكل كبير في تعزيز قيم المواطنة وخلق مواطنة رقمية من خلال دورها الفعال في تحرر الإنسان من أجهزة التوجيه الإعلامي التي تسيطر على عقله، وكذلك أتاحتها لمنابر جديدة لعرض الأفكار والآراء والتعبير الذاتي في العديد من القضايا والموضوعات، وشجعت المستخدمين على الإبداع ونمت لديهم خصال المواطنة الصالحة عبر تبنيها لمواهبهم وطرحها على العديد من المواقع المجانية بسهولة ويسر.
بالإضافة الى ضمانها مشاركة فعالة للجميع دون قيود، من خلال دورها الايجابي في الشرح والتفسير والتعليق على ما تنشره أو تذيعه وسائل الإعلام التقليدية، ومساعدة القارئ على فهم العالم المحيط به من خلال القراءة والمشاركة بالرأي.
وعلى الرغم من تلك المؤشرات الايجابية في تعزيز المواطنة الرقمية؛ إلا هناك من ينظر إليها باعتبارها خطراً يداهم قيم المواطنة وخصوصا فيما يتعلق بتدفق المعلومات وتداخل الثقافات عبر العالم، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى قيام المواطنة العالمية التي تقوم على اختزال دور الحكومة، إضافة إلى تغريب الشباب، واهتزاز ثقتهم بأوطانهم ودولهم، وبالتالي يؤثر ذلك على ايجابية مواطنتهم.
ويبقي أن نقول أننا بحاجة ماسة إلى التربية الإعلامية من أجل المواطنة الرقمية بهدف تكوين قدرات ومهارات لدى الأفراد تمكنهم من المشاركة الفاعلة الإيجابية في الحياة السياسية والاجتماعية كمواطنين مؤمنين بقيم المجتمع وحريصين على مصالحهم القومية والدستورية من أجل حياة ديمقراطية وسلام اجتماعي يضمن حياة كريمة لأفراد ولا يتأتى ذلك إلا عبر إقرار المواطنة كمادة دراسية مهمة في المنهاج التعليمي إضافة إلى الاهتمام بمادة التربية الوطنية، بالتوازي مع الارتقاء بحالة المواطنة والمواطنة الرقمية لدي الجميع.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت