بقلم :د. ميلاد جبران البصير
توجه امس الاحد ٢٤ ابريل ملايين المواطنين القرنسيين إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية للخمسة اعوام القادمة حيث أن الرئيس ماكرون قد فاز على منافستة اليمينية المتطرفة مارين لوبان.إن نتائج الانتخابات التي خرجت من صناديق الاقتراع سلمت ايمانويل ماكرون مفاتيح قصر الاليزيه للخمسة اعوام القادمة. مما لا شك فيه أن نتائج هذة الانتخابات لها ابعاد سياسية ليس فقط على المستوى الفرنسي بل على المستوى الاوروبي والعالمي ايضا ومن أهمها:
عدد الناخبين الفرنسيين الذين امتنعوا عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع وصل إلى ما يقارب ٢٨% من المواطنيين الذين لهم حق التصويت وهذه نسبه عالية جدا حيث يجب تحليل الاسباب والدواعي التي تذرع بها هؤلاء المواطنين. هذا يعني أن ٦٣% من الناخبين الفرنسيين توجهوا إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الزعيم الذي سيقود فرنسا في الخمسة سنوات القادمة وهذه نسبة ضىيلة ايضا.
ثانياً فوز مكرون بنسبه ٥٨% من الاصوات تعتبر نسبة مؤية متواضعة إذا ما تم مقارنتها مع الانتخابات الرئاسية الفرنسية في عام ٢٠١٧ حيث أن ماكرون فاز بتلك الانتخابات بنسبة تفوق ٦٥% هذا يعني أنه فقد اعداداً كبيرةً من مؤيديه خلال حكمة لفرنسا في الخمسة سنوات السابقة .
ثالثاً أن تحصل مارين لوبان على نسبه ٤١% من من الاصوات فهذا ايضا يتوجب تحليله بطريقة موضوعية وسياسية ايضا ، اردنا أم لا إن هذه النسبة تعتبر نصرا حقيقيا لليمين المتطرف الفرنسي حيث أن هذا الحزب وفي تاريخه الطويل مع والد ماريا لوبان لم يصل إلى ٢٠% من الاصوات وهذه نقطة تحول جذرية في الشارع الفرنسي تثير القلق في فرنسا وفي اوروبا وفي العالم ايضا.
رابعاً في شهر حزيران القادم سيتم اجراء الانتخابات التشريعية بفرنسا حيث أن الرئيس ماكرون سيجد نفسة بين اليسار الفرنسي الذي طلب من مؤيديه امس في انتخابه في الانتخابات التشريعية القادمة لقيادة الحكومة القادمة وبين اليمين المتطرف والذي حصل على ٤١% من اصوات بقيادة ماريا لوبان . هذا يعني أن الرئيس الحالي سيجد نفسه مجبرا على التعايش مع هذة الحقيقة السياسية والتي تذكرنا في حكم شيراك .
اليسار الذي يتهم ماكرون في تقصيره بخصوص الامور الاجتماعية والاقتصادية وحقوق المتقاعدين ونظام الضرائب واليمين المتطرف الذي يدعو إلى اعادة النظر في سياساته السابقة والتي تتطلب ايضا في اعادة النظر بدور فرنسا في داخل الاتحاد الاوروبي فبين هذا وذاك سيجد نفسه سجين الاحزاب اليمينية واليسارية المتطرفة في حقبة تاريخية في غاية الاهمية فهناك الحرب الروسية الاوكرانية وهناك نتائج فايروس كورونا وهناك ايضا ايجاد المورد البديل للبترول والغاز الروسي ، كلها مواضيع تشير إلى احتمالية الركود الاقتصادي وما يتمخض عنه من احتجاجات عمالية ونقابية.
إن مستقبل ماكرون السياسي يعتمد على نتائج الانتخابات التشريعية المزعم عقدها في شهر حزيران القادم لأن إذا تمخض عنها نظام التعايش السلمي فسيكون دور فرنسا محدود على المستوى الاوروبي والعالمي، لأن جهود الرئيس ستتركز على الحفاظ على نقطة التوازن بين اليمين واليسار لضمان استمرار حكومته وتكريس الجهود للامور الداخلية الفرنسية . نعم إن ماكرون فاز في هذه الانتخابات ولكن هذا النص يبدو عليه نصرا بطعم الهزيمة.
* عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني / اقليم ايطاليا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت