- بقلم رئيس المجلس التشريعي بالإنابة د. أحمد بحر
في الوقت الذي يسطر فيه شعبنا الفلسطيني أروع صور وملاحم البطولة والتضحية والبسالة والفداء في القدس والمسجد الأقصى، يستمر الاحتلال الصهيوني في اعتداءاته الغاشمة على المصلين الآمنين في المسجد الأقصى وعلى بواباته المباركة، وتتصاعد عمليات الاقتحامات للشرطة والمستوطنين الصهاينة لباحات المسجد الأقصى في تحدٍّ صارخ واستفزاز خطير لملياري مسلم، ومخالفة واضحة لكافة المواثيق والقرارات الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية.
إن المجلس التشريعي الفلسطيني يؤكد أن الأفعال التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني تجاه المسجد الأقصى والمصلين والمرابطين في باحاته، هي أفعال تندرج تحت طائلة جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية حسب منطوق القوانين الدولية والإنسانية.
ولا شك أن تكرار اعتداءات الاحتلال الصهيوني على المصلين في المسجد الأقصى، ومحاولته فرض معادلات ومخططات جديدة باتجاه التقسيم الزماني والمكني للأقصى، مردّهُ غياب المحاسبة الحقيقية والجدية للاحتلال، لأن من أمِن العقاب أساء الأدب؛ وذلك على الرغم من صدور عشرات القرارات والتقارير الأممية التي تدين الاحتلال، علاوة على تضافر كل أركان جريمة الحرب والجرائم ضد الإنسانية على الممارسات التي يقترفها المحتل ضد أبناء شعبنا في الأقصى والقدس وكل فلسطين.
وبالرغم من شدة البطش والقمع الصهيوني داخل المسجد الأقصى وساحاته على مدار الأسبوع الماضي في إطار مخططات التقسيم الزماني والمكاني، إلا أن هذه المخططات باءت بالفشل الذريع في ضوء حزم وقوة موقف المقاومة الفلسطينية في وجه حكومة الاحتلال، والالتفاف الرائع لأهالي القدس والضفة والداخل المحتل الذين هبوا للدفاع عن الأقصى، ليؤكدوا للصهاينة وللعالم أجمع أن المسجد الأقصى سيبقى إسلاميا خالصا وليس لليهود حق فيه، وأن مدينة القدس ستبقى عربية إسلامية رغما عن الاحتلال، وعدوانه المتواصل على أهلها، وأنها ستبقى عنوان الكفاح الفلسطيني، ولأجل تحريرها نقدّم الغالي والنفيس حتى زوال الاحتلال عن كافة التراب الفلسطيني المحتل.
لقد نالت غزة ومقاومتها شرف الدفاع عن أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشرفين، نيابة عن ملياري مسلم، حين لبّت نداء المرابطين في المسجد الأقصى المبارك، وأجبرت العدو على التراجع عن مخططاته العنصرية، في حقيقة خالدة بأن غزة ستبقى المدافع الأبرز عن مدينة القدس المحتلة وكل فلسطين.
ومن هنا فإننا نتوجه بالتحية الخالصة إلى شعبنا وأهلنا في القدس والضفة والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 تلبية لنداء الأقصى، بما يؤكد على وحدة أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجده، وفشل سياسة الاحتواء والتدجين التي انتهجها الاحتلال منذ العام 1948 لطمس هويتهم الفلسطينية، وتغيير ثقافتهم الوطنية، وما الاعتقالات التي يقوم بها اليوم انتقاما من أهلنا في مدن الداخل الفلسطيني المحتل إلا تأكيد على أن علاقة الشعب الفلسطيني بالاحتلال هي علاقة اشتباك وعداء وستبقى متواصلة حتى زوال الاحتلال عن أرضنا.
لقد كشف عدوان الاحتلال على المسجد الأقصى زيف المطبعين العرب الذين تبنوا رواية الاحتلال، وهاجموا نضال الشعب الفلسطيني وثباته في مواجهة الاحتلال دفاعا عن المسجد الأقصى، وكأنهم أضحوا أذرعا وأدوات للمشروع الصهيوني في المنطقة العربية.
إن تجاهل المنظمات الدولية خاصة الأمم المتحدة لواجباتها في لجم ممارسات الاحتلال العدوانية وانتهاكاته ضد المسجد الأقصى، شكل تشجيعا لكيان الاحتلال ومجرمي الحرب الصهاينة على الاستمرار في عدوانهم وانتهاكاتهم المخالفة للقيم والمبادئ الإنسانية وللقانون الدولي والإنساني.
إن انتصار المقاومة الفلسطينية في معركة عض الأصابع الأخيرة مع الاحتلال، والالتفاف والتحشيد الشعبي الفلسطيني الرائع في داخل باحات المسجد الأقصى، والإسناد الكبير لشعبنا في غزة والضفة والداخل المحتل، الذي أجبر الاحتلال على التراجع والانكفاء، يؤكد من جديد هشاشة كيان الاحتلال، وأن تحرير القدس وفلسطين من دنس الاحتلال هو قاب قوسين أو أدنى من أي وقت مضى.
وختاما.. فإننا نؤكد أن المقاومة هي الكفيلة بمواجهة ودحر الاحتلال الصهيوني وإحباط مخططاته ضد شعبنا وقضيتنا ومقدساتنا، وتوجيه بوصلة الصراع إلى وجهتها الحقيقية ومسارها الصحيح، وكلنا ثقة أن شعبنا ومقاومته الباسلة قادرون بإذن الله على حماية مدينة القدس والدفاع عن المسجد الأقصى وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية، وقادرون بإذن الله على تحرير الأرض والمقدسات رغم كل التحديات والمؤامرات التي تتربص بأرضنا وشعبنا وأقصانا ومقدساتنا، فسيف القدس لم يغمد بعد، والمقاومة لم ترفع يدها عن الزناد.
"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت