قال فهد سليمان، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: إن شعبنا الفلسطيني وقواه السياسية، ردّ على المشروع الإسرائيلي للتقسيم الزماني والمكاني للأقصى الشريف، بتوسيع المعنى المكاني والسياسي لمدينة القدس، حين تحولت إلى قضية لعموم أبناء شعبنا في عموم فلسطين وفي الشتات، وحين تحولت هبة القدس في العام الماضي إلى معركة شاملة خاضها شعبنا بكل أدوات النضال، وأحدث تحولاً نوعياً في مسار التصدي لسياسات الاحتلال وأعماله العدوانية.
جاء ذلك في ورشة حوارية دعت لها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في مخيم اليرموك، حضرها حشد من ممثلي فصائل العمل الوطني، والفاعلين السياسيين، وحشد من أبناء مخيمات دمشق للاجئين الفلسطينيين.
وقال فهد سليمان أيضاً: إن ما يجري الآن في القدس وفي أنحاء الضفة الفلسطينية، قد لا يكرر بذات الأساليب والوسائل والوقائع، ما جرى في معركة سيف القدس العام الماضي. فوحدة النضال لشعبنا وقواه السياسية لا يلغي الخصوصية الجغرافية والسياسية الخاصة بكل تجمعات شعبنا، كما أن هذه الخصوصية لا تلغي وحدة الشعب ووحدة قضيته ووحدة حقوقه الوطنية المشروعة.
ولاحظ نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية أن هذه الوحدة يجري التعبير عنها في كل المحطات النضالية الكبرى، رغم ما تعيشه الحالة الوطنية من انقسام مدمّر بين سلطتين؛ واحدة في رام الله ما زالت تراهن على مسار أوسلو للوصول إلى حل يضمن لشعبنا دولة مستقلة، وأخرى في قطاع غزة؛ باتت غارقة في التفاصيل اليومية في إدارة القطاع، في ظل فوضى سياسية عنوانها «غياب التوافق على برنامج وطني»، يمكن من تحشيد قوانا وتنظيمها وتوحيدها، والانتقال إلى مرحلة جديدة.
وأضاف فهد سليمان: إن المؤسسة الفلسطينية ممثلة بالمجلسين الوطني والمركزي، اتخذت من القرارات ما يشكل أساساً لاستراتيجية كفاحية، تأخذ بعين الاعتبار اختلاف الظروف المكانية والجغرافية والسياسية لتجمعات شعبنا، لكن النظام السياسي الفلسطيني ما زال يقفز عن الأولويات الواجب إدراجها على جدول أعمال الحالة الوطنية.
وقال فهد سليمان: لقد حوّل اتفاق أوسلو القضية الوطنية إلى ملفات منفصلة عن بعضها البعض، وجزّأها بطريقة أفرغتها سياسياً وجغرافياً، بحيث أسقط قضية اللاجئين في الشتات، وتجاهل حالة شعبنا في الـ48، وراهن على قيام الدولة في أجزاء من الضفة الفلسطينية.
ولاحظ فهد سليمان أن اتفاق أوسلو أعطى كل ما لديه للسلطة الفلسطينية، أي سلطة على السكان، وليس على الأرض، ذات صلاحيات محدودة، بدأت تتقلص في الآونة الأخيرة لصالح توسيع صلاحيات الإدارة المدنية لسلطة الاحتلال، وبات أوسلو في تطبيقاته؛ يعني التزامات أمنية، وقيود على اقتصاد فلسطيني تابع لإسرائيل، دون أي أفق سياسي، حل اقتصادي تحت عناوين مختلفة، منها مثلاً تقليص الصراع، أو غير ذلك من العناوين.
وقال فهد سليمان: إن الوقائع اليومية التي يشهدها نضالنا الوطني، في فلسطين وفي الشتات، أكدت راهنية البرنامج المرحلي الذي يوفر جواباً وطنياً لأوضاع أهلنا في الـ48، بالمطالبة بالمساواة اليومية، في مواجهة التمييز العنصري، والمساواة في المواطنة، بما يمكن شعبنا في الـ48 من صون هويته القومية والوطنية، وتعميق انتماءه لأرضه ووطنه، وبناء مجتمع مزدهر، وتطوير كفاءاته الحضارية والعلمية. أما في المناطق المحتلة في الضفة والقطاع، فإنه يقدم مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود 4 حزيران (يونيو) 67 وعاصمتها القدس.
أما في الشتات؛ فإنه يدعو إلى حل بموجب القرار 194، الذي يكفل لهم حق العودة.
لذلك يقترف خطأً جسيماً، ويزوّر الحقائق كل من يدعي أن البرنامج المرحلي هو الذي قاد إلى أوسلو، وأن أوسلو هو التطبيق العملي للبرنامج المرحلي، فضلاً عن كون هذا الكلام يشكل محاولة من أصحاب أوسلو للتلطي خلف البرنامج المرحلي، كما يشكل محاولة من أطراف أخرى للنيل من البرنامج المرحلي.
وأضاف فهد سليمان: إن من يدعو الآن للتخلي عن البرنامج المرحلي لصالح الانتقال فوراً إلى الدولة الواحدة، في ظل الشروط وموازين القوى الراهنة، إنما يشكل حالة استسلامية للوقائع الاستيطانية الإسرائيلية، وحالة يائسة من قدرة المقاومة، وقدرة شعبنا في مقاومته الباسلة على تحقيق أهدافه المشروعة. فالدولة الواحدة في ظل الموازين والشروط الراهنة لن تكون سوى دولة أبارتهيد وتمييز عنصري فاقع، ولا يجوز هنا المقارنة بين تجربة شعبنا وتجارب باقي الشعوب، كجنوب إفريقيا أو الجزائر ... فلكل شعب خصوصيته، ولكل تجربة خصوصيتها، وعلينا أن لا نغيب للحظة واحدة الخصوصية الفلسطينية، وفهمنا لخصوصية المشروع الاستيطاني.
وأخيراً قال فهد سليمان: ثمة من يفترض أن ميزان القوى لإنجاز أهداف البرنامج المرحلي مؤهل لأن يحقق الحل الوطني الناجز، بإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية. ونعتقد أنه لا تعارض بيننا وبين هذا الاقتراح ما دام يسير في المنحى ذاته الذي يعتبر البرنامج المرحلي محطة على طريق الحل الناجز.
وفي الحالتين لا يمكن تحقيق هذا أو ذاك، إلا من خلال تحشيد قوى شعبنا وتنظيم صفوفه، وتوحيد قواه، وإنهاء الانقسام، وبناء نظام سياسي مؤهل لتحمل مسؤولياته.
ونعتقد أن هذه واحدة من الحلقات المركزية المطروحة على جدول أعمالنا كقوى وكشعب ■