متنفَّس عبرَ القضبان (54)

بقلم: حسن عبادي

صورة أطفال أماني الحشيم.jpg
  • حسن عبادي| حيفا

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛

عقّبت الأسيرة المحرّرة عائشة عودة: " كم أنت محظوظ بلقاءاتك مع مناراتنا خلف القضبان وفي العمق الفلسطيني، ومع من يقدح الصوان لينير العقول والنفوس والطرقات".

وعقّبت الكاتبة شوقية عروق منصور: "من الصعب أن تقرأ سيرتهن لكن الواقع الاحتلالي يحمل في طياته قصصا سيجعل التاريخ ينحني ألما لفظاعة تفاصيله ..شكرا لك صديقنا على تحطيم بعض القضبان واطلاق سراح تلك الوجوه التي تحاول زرع الفرح رغم قسوة الظروف".

صورة ملك 2.jpg

"ابتسامة طفوليّة عالقة"

التقيت بالأسيرة المقدسيّة ملك محمد يوسف سلمان (مواليد 2000 ومعتقلة منذ 09.02.2016) صباح الأحد 10.04.2022 في سجن الدامون الواقع في أعالي الكرمل؛ أطلّت مبتسمة تلك الابتسامة الطفوليّة التي ما زالت عالقة منذ لقائنا السابق. 

حدّثتني عن الأجواء الرمضانيّة داخل السجن، والتعلّم الجامعي خلف الجدران، وحلقات القراءة التي تشارك بها وآخرها رواية زغرودة الفنجان للأسير حسام زهدي شاهين. ومشاركة أماني حشيم فرحتها بإصدار كتابها، ومحاولات الكتابة نتاج دورة الكتابة الإبداعيّة التي نظّمتها الأسيرة منى قعدان للأسيرات، مشيرة لكتابات زميلتها روان "بتِكتب حلو".

استفسرت عن صبايا الدامون اللاتي تحرّرن في الأشهر الأخيرة؛ وأخبرتها عن مشاركة خالدة جرار في الندوة الدولية للتضامن مع الأسيرة الفلسطينيّة التي نظمناها في التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين، ومشاركة ليان كايد في ندوة "ستُشرق" بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني. 

حدّثتني عن الاستماع عبر الإذاعة مع زميلاتها لمشاركتي حول التبرّع والعطاء ضمن برنامج هايد بارك وما زالت تحلم بحلقة إذاعيّة/ تلفزيونيّة تتناول إصداراً لها.

وعدت الإدارة السماح باتصال هاتفي مع الأهل خلال هذا الأسبوع وينتظرنه بفارغ الصبر.

رغم طفولتها السليبة تؤمن بالحياة والحريّة. 

صورة أماني حشيم.jpg

 "سأكون!"

بعد لقائي بملك في سجن الدامون أطلّت الأسيرة المقدسيّة أماني خالد حشيم مبتسمة، وبدأت تحدّثني عن فرحتها المنقوصة للاحتفاء بصدور كتابها "العزيمة تُربّي الأمل"، وعن تكريم المحافظة والتنظيم، وعن الندوة والتكريم ضمن مبادرة "أسرى يكتبون" ومشاركة خالها أشرف والعائلة من الوطن والشتات، وعن لقاء شقيقات الربيع في جنين تزامنًا مع يوم المرأة/ الأم/ الأرض/ الأسير بدعوة من منتدى الأديبات الفلسطيني (مدى) الذي تخلّله إشهار كتابها  بمشاركة والديها.

حدّثتني عن طقوس الكتابة، مواجهة يوميّة مع ذاتها ومع زميلاتها، عرضت عليها فكرة كتاب "طقوس الكتابة خلف القضبان" بمشاركة أسرى يقبعون في زنازين الاحتلال وأسرى محرّرين، وأبدت رغبتها وحماسها للمشاركة.

حدّثتني عن أستاذها الجامعي، صديقي ناصر أبو خضير، وصارت أستاذة جامعيّة، "زميلة" له، وعن رغبتها بقراءة روايات عبد السلام صالح، والتحديّات التي تواجهها في مشروعها الكتابيّ الثقافيّ، "عليّ أن أكون أفضل أو لا أكون"، مصمّمة على أن تكون!

عبّرت عن انفعالها من لفتة "نشطاء من أجل أسيرات الدامون" والاحتفال بعيد ميلاد ابنها أحمد وإصدار كتابها ممّا أثلج صدرها.

لكما عزيزتيّ ملك وأماني كلّ التحيات، والحريّة القريبة لكما ولجميع حرائر الدامون.

حيفا  نيسان 2022

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت