- بقلم النائب أيمن دراغمة
في ظل انشغال القيادة الروسية بإدارة ملفات الحرب مع أكرانيا، ومع موقف عدم التدخل الذي أبدته حركة حماس في هذا الملف، قام وفد رفيع المستوى بزيارة مفاجئة للعاصمة الروسية الأسبوع المنصرم، ولاقت هذه الزيارة تركيزًا وتغطية إعلامية هامة لأهميتها من حيث التوقيت والسياقات المتوقعة، هذا وعلى الرغم من العلاقات بين روسيا وحماس ليست حديثة والزيارات واللقاءات مستمرة وبشكل رسمي ومعلن إلا أن هناك أهمية خاصة لهذا اللقاء ولهذه الزيارة، فمن طرف حركة حماس فهي تحرص على تطوير هذه العلاقة وتطمح أن يكون هناك دورًا أكثر فاعلية وحيوية للدور الروسي في الملف الفلسطيني من أجل خلق توازن دولي لصالح القضية الفلسطينية على صعيد مجلس الأمن والمؤسسات الدولية وعلى صعيد السياسة الدولية بشكل عام، فروسيا ليست فقط عضوًا ثابتًا في مجلس الأمن، بل هناك تقديرات عالية لدور روسي وصيني وهندي على مستقبل السياسة الدولية في ظل انحسار وتراجع الدور الأمريكي، وبداية تشكل سياسة دولية قائمة على تعدد الأقطاب والمحاور، كما أن الاهتمام الروسي في الشأن الفلسطيني لها بعد تاريخي فالعلاقة مع الروس بدأت مع بداية الثورة الفلسطينية المعاصرة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وكانت فصائل العمل الوطني الفلسطيني تعتمد على امدادات السلاح والتدريب من روسيا والمعسكر الشرقي، وبالنسبة لحماس فموسكو كانت من أوائل العواصم التي استقبلت وفدًا رسميًا من الحركة بعيد فوزها في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، كما أن العلاقات مع الروس بقيت مستمرة وتواصلت الزيارات واللقاءات مع المسؤولين الروس، هذا على الرغم من العلاقة الرسمية الجيدة بين روسيا ودولة الاحتلال.
جاءت هذه الزيارة في ظل التوتر الحاصل بين موسكو وتل أبيب على خلفية الموقف الإسرائيلي من الحرب الروسية الأوكرانية والمنحاز للجانب الأكراني بالرغم من المصالح المشتركة والهامة بين البلدين، وقد زادت حدة الخلاف والتوتر على أثر اتهام روسيا لإسرائيل بتزويد أوكرانيا بالعتاد والسلاح والمقاتلين، وقد دخلت العلاقة بين الطرفين مرحلة التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة والتي تطورت إلى اشتباك دبلوماسي وأزمة دبلوماسية.
في هذه الظروف الملبدة بالخلاف الروسي الإسرائيلي وتقديرًا لوجود مصالح مشتركة ومتبادلة التقى الوفد الضيف برئاسة د. موسى أبو مرزوق، بعدد من المسؤولين الروس والشيشان، ومنهم نائب وزير الخارجية الروسي ومبعوث الرئيس بوتين للشرق الأوسط ميخائيل يوغدانوف.
حماس من طرفها ترى في هذه الزيارة فرصة هامة للتأكيد على أهمية الدور الروسي في الشرق الأوسط ولشرح الموقف من الوضع العام في الساحة الفلسطينية ولتوضيح خلفية تصاعد أعمال المقاومة في الآونة الأخيرة في الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني، وهي بذلك تريد مزيدًا من الدعم السياسي الدولي لصالح حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال في ظل اختلال توازن السياسة الدولية لصالح دولة الاحتلال بسبب المواقف الأمريكية والغربية المنحازة، وبسبب المواقف العربية المطبعة والداعمة.
في سياق آخر؛ فإن من مصلحة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية أن يكون هناك دورًا لروسيا فاعلًا على قاعدة اعتراف موسكو بالحق الفلسطيني في حده الأدنى وهو دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وضد الاستيطان وتهويد القدس وتشريد السكان والالتزام بالقانون الدولي الإنساني في مقابل صلف وانحياز أمريكي غربي لصالح دولة الاحتلال وممارساتها العدوانية الظالمة، ولكن حتى يستطيع الفلسطينيون استثمار هذه العلاقة والاستفادة من التغيرات الدولية الآخذة في التشكل، فلا بد من أن تتشكل قيادة موحدة للشعب الفلسطيني وأن يكون هناك برنامجًا وموقفًا موحدًا يعبر عن النضال والجهاد من أجل الوصول للحقوق الفلسطينية في التحرير والاستقلال.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت