- بقلم علي بدوان
امتاز مخيم اليرموك، باستدراج واعادة انتاج العديد من العادات والتقاليد في فلسطين بعد النكبة في ديار الشتات والدياسبورا، بما في ذلك تجهيز بعض المأكولات من الطعام والحلويات، كان على رأسها (الملوخية) التي جائت الى فلسطين أصلاً من مصر إبان حملات ابراهيم باشا على بلاد الشام، واسمها المصري (الملوكية)، وقد ادخلها أبناء فلسطين الى سوريا عام النكبة ومعها العديد من المواد الزراعية، والنباتات البرية التي كان يجري التفنن بطبخها في فلسطين، والتي يتم حصادها من (سهول مرج ابن عامر ــ سهل سارونة)، واراضي جنين وطولكرم المعطاءة، وغيرها من اراضي فلسطين.
فالفلسطينيون ونباتاتهم.. غذاء ودواء ولـ"التكتيكات الحربية" واستذكر هنا بعض النبات البرية : الخبيزة، العلت، الفرفحينة، العكوب، الزعتر البري، الحميض، الميرمية، البابونج، التوت الأسود، اللوف، وهناك نبتة برية ربيعية يكثر نموها في الأماكن الجبلية، وهي من حشائش الأرض التي تأكل ومن ذوات المذاق الطيب تستخدم ضمن المقبلات الغذائيه ولا تأكل لوحدها بل يتم تقطيعها مثل البقدونس مع اللبن.الهليون أو العجرم، الرشاد، ولسان الثور ــ ويدعى اللسينة ــ وهو كالسلق يجري التعامل معه ... وهكذا الخ...
وكانت بعض أنواع الحلويات في فلسطين، والتي تنتشر صناعتها في المنازل، وبأنواعها المختلفة كالمقروطة، والكعك الفلسطيني، في الأعياد، ومنها (الكاتو) المُصنّعة بطريقة مختلفة عن انواع (الكاتو) المعروفة. وهذا النوع المُصنّع انتشر في فلسطين، ابان الإنتداب البريطاني، محمولاً من قبل جنود الإنتداب البريطاني في فلسطين، فانتشر في فلسطين، انطلاقاً من مدينة يافا، حيث افتتح أول معمل لهذا النوع من (الكاتو) في مدينة يافا، على يد رجلٍ دمشقي مُتخصص بصناعة الحلويات، وخرج من فلسطين أيام النكبة، واقام في مخيم اليرموك بالقرب من شارع الناصرة (المعروف بشارع راما)، واعاد تشغيل معمل ينتج النوع ذاته من (الكاتو) وسط مخيم اليرموك، بالقرب من مسجد عبد القادر الحسيني. واشتهر بنداءه الذي صار يُردده بائعة الكاتو بعبارة (كاتو تازا).
فلسطين، وستات، أو (سيدات) فلسطين، ومنهم سيدات المُدن، والبلدات بشكلٍ رئيسي، كانت الأرقى، والأشطر، والأكثر مهنية، في اعداد الحياة الأسرية الهانئة من نساء "امة الضاد وبلاد العرب اوطاني"، من حيث اعداد الطعام والحلويات، وتحضيرها، ومن حيث قيادة المنزل، وتربية الأولاد والأبناء. وابتداع الحلول اليومية لمشاكل الحياة التي لاتتوقف في عراك المعيشة، والسعي لتطويرها. بالرغم من الظروف الصعبة التي عاشتها الأجيال الأولى من النكبة وحتى بعضها الى سنواتٍ خلت.
وحسب التوصيف، إن المرأة الفلسطينية (معدّلة)، تضرب الأخماس بالأسداس، وتصنع كل شيء من لاشيء، وتقوم بكامل عملها من غسيلٍ يدوي، وتحضير الخبز والعجين، والخياطة وتوابعها، وتعليم الأبناء، حيث كانت تعداد افراد العائلة كبير نسبياً في تلك السنوات.
وعليه، كان المرأة الفلسطينية صابرة وصبورة، ومكافحة، وقد تأقلمت ــ وهنا دورها الإجتهادي ــ مع الواقع انطلاقاً لتغييره بالبدائل من خلال تعليم ابنائها ومحاولة تسفيرهم الى أرقى جامعات العالم، حيث كانت فلسطين بالأساس وقبل نكبتها، دُرة المنطقة، وكان مأمولاً لها أن تكون ايطاليا الشرق الأوسط. لذلك كان الحجم الكبير من التأمر عليها.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت