كشف تقرير لموقع صحيفة "القدس" بأن الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة فضلت "ضبط الميدان" بشكل جماعي وموقف موحد على أن على تدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل.
وجاء في التقرير أنه : في وقت تأهبت فيه الوحدات والمجموعات الخاصة للمقاومة الفلسطينية استعدادًا لرد محتمل على مسيرة "الأعلام" الاستفزازية الإسرائيلية في القدس المحتلة، وشمل ذلك بشكل خاص الوحدات الصاروخية ووحدات الدروع والمدفعية، كان الوسطاء يواصلون اتصالاتهم مع قيادة الفصائل وخاصة حركة حماس لمحاولة احتواء أي تصعيد قد يجر قطاع غزة إلى معركة جديدة لا يمكن احتمالها بعد عام واحد من معركة استمرت 11 يومًا وكانت نتائجها على صعيد أعداد الشهداء والجرحى والبنية التحتية كبيرة جدًا وخلفت الكثير من الضرر."
وأضاف : وتزامنت تلك التحركات الميدانية والدبلوماسية على صعيد الوساطات التي شملت مصر وقطر والأمم المتحدة وحتى بعض الدول الأوروبية التي تحدث ممثلون عنها مع قيادات من حركة حماس "، كما كشفت مصادر لموقع "القدس" دوت كوم ، مع اتصالات داخلية بين الفصائل وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وعلى صعيد الأجنحة العسكرية ضمن غرفة العمليات المشتركة والتي كانت في حالة تأهب بانتظار موقف موحد لاتخاذ قرار يظهر ردة فعل واضحة إزاء ما كان يجري في القدس المحتلة.
وبحسب مصادر من المقاومة تحدثت لـ "القدس" دوت كوم، فإن الأجنحة العسكرية وبعد مداولات ضمن غرفة العمليات المشتركة، فإنها فضلت "ضبط الميدان" بشكل جماعي وموقف موحد، ودعم هذا القرار من قبل المستوى السياسي للفصائل، رغم أن حركة الجهاد الإسلامي كان لديها بعض التبيانات في المواقف بداية الحدث، إلا أنه في ظل إجماع داخل فصائل المقاومة وأجنحتها العسكرية على الامتناع عن التصعيد في هذه المرحلة، ارتأت الحركة الالتزام بالإجماع وتفويت الفرصة على الاحتلال.
وقالت المصادر، إن المقاومة لم تخضع للتهديدات التي نقلها الوسطاء من قبل الاحتلال، ولكن القرار اتخذ لتقديرات مختلفة منها ما يتعلق بقضايا داخلية على المستوى المتعلق بالأجنحة العسكرية، وأخرى ميدانية في ظل عدم وجود عنصر المفاجأة، ولترك الفرصة أمام إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في عدوانه الأخير، ولترك الساحات الأخرى وخاصة الضفة والقدس بالاشتعال في مواجهة الاحتلال.
وأكدت المصادر، أن الأجنحة العسكرية ضمن غرفة العمليات المشتركة وبدعم أيضًا من المستوى السياسي، ألزمت نفسها داخليًا في اتصالاتها أمس بأنها ستتدخل في حال تصاعدت الأوضاع وأدت لسقوط عدد من الشهداء، على قاعدة أن المقاومة تحمي شعبها وتقف خلفه وأنه لا يمكن فصل غزة عن باقي الساحات.
فيما قالت مصادر سياسية مقربة من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، إن الموقف الفصائلي الموحد والقوي نابع من الموقف الشعبي الفلسطيني الخالص والذي لم يتأثر بمحاولات الضغوط من الوسطاء والتهديدات التي كان يحاول الاحتلال نقلها، لافتةً إلى أن حكومة بينيت بالأساس نقلت رسائل طمأنة بأنها لا تريد التصعيد وأنها ترغب في الهدوء وأن المسيرة لن تقتحم المسجد الأقصى، ولكن هذه الرسائل كانت بالنسبة للمقاومة ومختلف الفصائل جزء من التلاعب الإسرائيلي.
وبحسب المصادر، فإن الفصائل وخاصة قيادة حماس التي تلقت اتصالات واسعة من عدة أطراف وليس فقط الوسطاء المعروفين مثل مصر وقطر، بل امتدت تلك الاتصالات لشخصيات دولية وبشكل خاص أوروبية، وتحدثت مع قيادة الحركة في الخارج، مشيرةً إلى أن قيادة حماس أكدت خلال تلك الاتصالات أن رد المقاومة من عدمه يحدده الميدان وأنه لا يمكن أن تقف الأجنحة العسكرية موقف المتفرج إزاء ما يجري من تصعيد إسرائيلي غير مقبول.
وأشارت المصادر إلى أن المقاومة ورغم الاتصالات من الوسطاء وغيرهم، إلا أنها متشائمة اتجاه الموقف الذي يبديه الوسطاء في كل مرة وعدم قدرتهم على لجم الاحتلال وإلزامه تجاه أي من الملفات، فيما يتلاعب الاحتلال بأساليب مختلفة في التعامل مع هؤلاء الوسطاء وغيرهم.
وعاش سكان قطاع غزة بالأمس في حالة ترقب شديد للأحداث، ولوحظ أن الكثير من المواطنين كانوا يتأهبون لإمكانية التصعيد من المقاومة ردًا على الأحداث ما قد يدفع برد إسرائيلي ويدخل القطاع في جولة تصعيد لم يكن مرغوب بها حتى لدى عامة المواطنين خاصة وأن الحرب الأخيرة لم تضع أوزارها بعد في ظل تأخر ملفات الإعمار وتحسين الوضع الاقتصادي رغم السماح لآلاف التجار بالدخول للخط الأخضر.
واتخذ المواطنون، بشكل ذاتي وبإيعاز من المقاومة والجهات الأمنية، إجراءات احتياطية، خصوصاً القاطنين في المناطق الحدودية والمزارعين.
ونقلت صحيفة "الأيام"، عن مصادر متعددة، أن الأوامر والتعليمات صدرت، منذ صباح أمس، للمزارعين على طول الشريط الحدودي الشرقي والشمالي مع إسرائيل بإخلاء مزارعهم، وكذلك إخلاء البنايات والتجمعات السكنية القريبة من الحدود من ساكنيها.
وأفاد شهود عيان بمغادرة آلاف المزارعين لمزارعهم على وجه السرعة، في ساعات ظهر أمس، كما غادرت عائلات منازلها بالقرب من الحدود، التي شهدت، أيضاً، تمركز جنود الاحتلال في ثكناتهم العسكرية المحصنة وتواريهم عن الأنظار.
وتراجعت حركة المركبات العسكرية الإسرائيلية في الشوارع المؤدية للحدود والمحاذية لها، بالتزامن مع تحليق مكثف وغير مسبوق لطائرات مسيّرة إسرائيلية فوق الحدود وأجواء القطاع بشكل عام.
كما أخلت "قوات الضبط والرصد الميداني"، التابعة لحركة حماس والمكلفة مراقبة الحدود، مواقعها وتراجعت إلى عمق القطاع، واتخذت مواقع احتياطية أخرى تحسباً لتدهور الأوضاع الأمنية، وتجنباً لاستهدافها من قوات الاحتلال.
وانتشرت أعداد كبيرة من مقاتلي الأجنحة العسكرية المختلفة في المناطق الشرقية والشمالية القريبة من الحدود، في وقت تم فيه إخلاء جميع المواقع العسكرية والتدريبية للفصائل والأجهزة الأمنية والشرطية، وتم منح الموقوفين والسجناء الجنائيين في مراكز التوقيف إجازات مؤقتة، فيما تم نقل البعض منهم إلى أماكن بديلة تحسباً لقصف المواقع.
وشهدت أسواق القطاع إقبالاً واسعاً من المواطنين على تخزين بعض السلع والمواد التموينية، كالطحين والأرز والسكر والخضراوات، في حين شهدت معظم المخابز ازدحاماً شديداً، بدءاً من ظهر أول من أمس، واستمر حتى ساعات ظهيرة أمس، كما شهدت الأسواق والمحال التجارية المخصصة لبيع المواد الغذائية حركة شرائية نشطة.
وعزا مواطنون، في أحاديث منفصلة مع "الأيام"، شراءهم كميات كبيرة من المواد التموينية والخبز إلى مخاوفهم من اندلاع موجة تصعيد أو حرب، عادة ما يصاحبها شح في الخبز وبعض السلع الأخرى كالخضراوات تحديداً، بسبب عدم قدرة المزارعين على الوصول إليها.
من جانبهم، حرص الكثير من المزارعين على ريّ مزارعهم بشكل مكثف، أمس وأول من أمس، تحسباً لعدم قدرتهم على الوصول إليها وريّها في حال اندلعت حرب جديدة أو موجة تصعيد.